بيونجيانج ترد على مناورات واشنطن وسول

الحدث الأربعاء ٢٤/أغسطس/٢٠١٦ ٢٢:٣٠ م
بيونجيانج ترد على مناورات واشنطن وسول

بكين – عواصم – ش – وكالات

قالت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) في تعليق باللغة الانجليزية إن إطلاق كوريا الشمالية لصاروخ من غواصة امس الأربعاء قد ينظر إليه كرد على المناورات العسكرية المشتركة لكوريا الجنوبية والولايات المتحدة في الآونة الأخيرة.
وقالت شينخوا "تلعب واشنطن وسول لعبة خطرة. تمسكان الذئب من أذنيه أملا في أن تردع قعقعة السلاح جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية" في إشارة للاسم الرسمي لكوريا الشمالية.
وأجرت كوريا الشمالية امس الاربعاء تجربة اطلاق صاروخ من غواصة عبر 500 كيلومتر باتجاه اليابان في تطور وصفه خبراء الاسلحة بالخطوة الواضحة نحو تحقيق طموحات بيونجيانج بتسديد ضربة نووية.
والمسافة التي عبرها الصاروخ ورصدتها هيئة الاركان المشتركة في الجيش الكوري الجنوبي، تتجاوز بشكل كبير اي تجارب سابقة لصواريخ مماثلة، مما يؤشر الى تقدم تكنولوجي كبير.
ولم تتعد المسافات السابقة التي عبرتها الصواريخ 30 كلم، واقر بيان هيئة الاركان المشتركة بان تجربة الاربعاء تظهر تحسنا ملحوظا.
والنجاح المثبت لنظام صواريخ بالستية تطلق من غواصات يمكن ان يحمل التهديد النووي الكوري الشمالي الى مستوى جديد، يمنح كوريا الشمالية القدرة على ضرب اهداف خارج شبه الجزيرة الكورية وتسديد "ضربة ثانية" للرد في حال الهجوم على قواعدها العسكرية.
وقال جيفري لويس مدير برنامج منع الانتشار النووي في شرق آسيا في معهد ميدلبيري للدراسات الدولية في كاليفورنيا انه "فيما لا تزال هناك العديد من التساؤلات حول التفاصيل، الا ان هذا الاختبار بالتأكيد نجح على ما يبدو".
وقال لويس لوكالة فرانس برس "هذا النظام لا يزال قيد التطوير، لكن واضح ان كوريا الشمالية تحرز تقدما".
وتمنع قرارات الامم المتحدة الحالية كوريا الشمالية من استخدام تكنولوجيا الصواريخ البالستية لكن بيونغ يانغ واصلت القيام بالعديد من عمليات الاطلاق في اعقاب تجربتها النووية الرابعة في كانون الثاني/يناير الماضي.
وردت كوريا الجنوبية بالموافقة على نشر نظام "ثاد" الاميركي المتطور المضاد للصواريخ، في خطوة اساءت بشكل خطير الى العلاقات مع الصين، الحليف الدبلوماسي الرئيسي لكوريا الشمالية.

خطوة مضادة فعالة
وقال لويس ان نظام الصواريخ البالستية التي تطلق من غواصات، يعد "اجراء مضادا فعالا" لنظام ثاد، ولانظمة صاروخية اخرى مزودة برادارات امامية حيث ان الغواصات بامكانها ان تطلق الصاروخ من خلف الرادار.
وقال رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي ان اطلاق الصاروخ الاربعاء يخترق منطقة الدفاع الجوي لليابان ودان ما وصفه على انه "عمل متهور لا يمكن التهاون معه" وبأنه تهديد خطير لامن اليابان.
وفي وقت سابق هذا الشهر اطلقت كوريا الشمالية صاروخا بالستيا من اليابسة مباشرة نحو المياه التي تسيطر عليها اليابان للمرة الاولى، مما اثار ردا غاضبا من طوكيو.
وتأتي التجربة الاخيرة بعد ايام على تهديد كوريا الشمالية بشن ضربة نووية وقائية ضد القوات الكورية الجنوبية والاميركية التي بدأت مناوراتها العسكرية السنوية "اولشي فريدوم" الاثنين.
وتصر سيول وواشنطن على ان المناورات المشتركة كتلك دفاعية محض في طبيعتها، لكن بيونغ يانغ تعتبرها استفزازا متعمدا.
وجاء في بيان هيئة الاركان المشتركة ان الشمال عازم بشكل واضح على تصعيد التوترات وان اختبار اطلاق الصاروخ البالستي من غواصة يمثل "تحديا خطيرا" للامن في شبه الجزيرة الكورية وانتهاكا خطيرا لقرارات الامم المتحدة.
وقال البيان "سنتعامل بشدة وبحزم مع اي استفزاز من قبل الشمال".
كما دانت واشنطن التجربة الصاروخية وحذرت بيونغ يانغ من اي استفزازات اخرى.
وقال المتحدث باسم البنتاغون غاري روس "التزامنا بالدفاع عن حلفائنا ومنهم جمهورية كوريا واليابان في وجه تلك التهديدات ثابت".
كذلك صدر انتقاد على لسان وزير الخارجية الصيني وانغ يي الذي يجري مباحثات مع نظيريه الكوري الجنوبي والياباني في طوكيو.
وقال وانغ للصحافيين ان "الصين تعارض عملية التطوير النووي والصاروخي لكوريا الشمالية واي خطوات تثير التوتر في شبه الجزيرة الكورية".

سيناريو غزو
ومناورات "اولشي فريدوم" تحاكي سيناريو غزو كامل من قبل الشمال النووي. وتعتمد المناورات بشكل كبير على محاكاة الكمبيوتر اضافة الى مشاركة نحو 50 الف جندي كوري جنوبي و25 الف اميركي.
ودائما ما تثير تلك المناورات التوترات، فيما تتزامن هذا العام مع علاقات متأزمة بشكل خاص عبر الحدود في اعقاب انشقاق شخصيات مهمة.
والاسبوع الماضي فر نائب السفير الكوري الشمالي لدى بريطانيا، ثاي يونغ-هو، الى الجنوب في خطوة نادرة تمثل نكسة دبلوماسية لبيونغ يانغ ونصر دعائي لسيول.
وفي تعليقات تهدف بوضوح لاثارة غضب بيونغ يانغ، قالت الرئيسة الكورية الجنوبية بارك غوين-هيي ان مثل تلك الانشقاقات تشير الى "تصدعات خطيرة" في نظام الرئيس كيم جونغ-اون.
واجرت كوريا الشمالية سلسلة من اختبارات الصواريخ البالستية من غواصات، كان احدثها في نيسان/ابريل وتموز/يوليو بدرجات متفاوتة من النجاح.
وقالت وزارة الدفاع الكورية الجنوبية ان الشمال ربما يكون قادرا على نشر نظام صاروخي بالستي يطلق من غواصات يمكن تشغيله في غضون ثلاث الى اربع سنوات.

استفزاز
من جانبهم حثت اليابان والصين وكوريا الجنوبية امس الأربعاء كوريا الشمالية على الامتناع عن الأعمال الاستفزازية والالتزام بقرارات مجلس الأمن الدولي بعد أن أطلقت بيونجيانج صاروخا باتجاه اليابان في وقت مبكر اليوم.
وقال مسؤول ياباني إن وزراء خارجية الدول الآسيوية الثلاثة سعوا أيضا إلى تهدئة التوتر في العلاقات بين دولهم واتفقوا على عقد لقاء قمة ثلاثي في اليابان هذا العام.
وقال وزير الخارجية الياباني فوميو كيشيدا في مؤتمر صحفي بعد استضافة الاجتماع مع نظيريه الصيني وانغ لي والكوري الجنوبي يون بيونج-سي "أكدنا أننا سنحث كوريا الشمالية على التحلي بضبط النفس فيما يتعلق بعملها الاستفزازي وأن تلتزم بقرارات مجلس الأمن الدولي."
وقال كيشيدا بعد الاجتماع إن التعاون بين اليابان والصين وكوريا الجنوبية أصبح أكثر أهمية من ذي قبل في مواجهة تهديدات بيونجيانج.
ووعد يون بأن تدعم كوريا الجنوبية عقد اجتماع قمة ثلاثي بحلول نهاية العام بالإضافة إلى التعاون على الصعيد الاقتصادي وتوفير أسباب النجاح لقمة مجموعة العشرين التي تنعقد الشهر المقبل في الصين.
وذكرت وزارة الخارجية الصينية في بيان إن وانغ قال إن بكين تعارض البرنامجين النووي والصاروخي لكوريا الشمالية وأي "أقوال أو أفعال" تسبب التوتر في شبه الجزيرة الكورية.
وأضاف أن الصين ستواصل الضغط من أجل إخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية والسعي إلى التوصل لحل من خلال المحادثات وتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة.
وقال مسؤول بالخارجية اليابانية للصحفيين إن الوزراء الثلاثة اتفقوا على استضافة اليابان لاجتماع قمة ثلاثي هذا العام رغم أنه لم يتم بعد تحديد موعد لذلك .
والعلاقات بين هذه الدول الآسيوية الثلاثة الكبيرة غير مستقرة غالبا بسبب إرث العدوان الياباني خلال الحرب العالمية الثانية كما يؤثر نزاع على أراض على العلاقات بين كل من اليابان والصين واليابان وكوريا الجنوبية كما تتشكك بكين في علاقات طوكيو وسول بالولايات المتحدة.
ويمثل هذا الاجتماع أول زيارة يقوم بها وزير خارجية صيني لليابان منذ سيطرة الحكومة اليابانية على الجزر الصغيرة التي تمثل لب خلاف مع الصين من ملاك يابانيين في سبتمبر أيلول 2012.

تاكيد امريكي
من جانبه أكد الجيش الاميركي ان كوريا الشمالية اطلقت صاروخا بالستيا من على متن غواصة في بحر اليابان، ودان هذا "الاستفزاز" الجديد، مشيرا الى انه سيبلغ الامم المتحدة بذلك.
وقال مركز القيادة الاستراتيجية الاميركية (ستراتكوم) ان اطلاق الصاروخ الذي يرجح انه من طراز "كاي إن - 11" قبالة سينبو على الساحل الشرقي الكوري الشمالي "لم يمثل خطرا على الولايات المتحدة".
وقال جستين هيغينز المتحدث باسم الخارجية الاميركية في بيان "نحن ندين بشدة هذا الاختبار الصاروخي الكوري الشمالي، وكذلك (التجارب) السابقة التي تنتهك قرارات مجلس الامن الدولي التي تحظر على كوريا الشمالية بشكل واضح اطلاق صواريخ بالستية".
من جهته اشار غاري روس المتحدث باسم مركز القيادة الاستراتيجية الاميركية في بيان الى ان "هذا الاستفزاز لا يؤدي سوى الى زيادة ارادة المجتمع الدولي لمواجهة انشطة كوريا الشمالية المحظورة، خصوصا من خلال تطبيق العقوبات التي اقرها مجلس الأمن الدولي".
واضاف "نعتزم التعبير عن قلقنا للامم المتحدة، لكي تتحمل كوريا الشمالية مسؤولية افعالها"، مشددا على "اننا مستعدون للدفاع عن انفسنا وحلفائنا ضد اي هجوم او استفزاز".
ويأتي اطلاق الصاروخ بعد 48 ساعة على بدء مناورات سنوية يشارك فيها 50 الف جندي كوري جنوبي و25 الف جندي اميركي. وتحاكي مناورات "اولشي فريدوم" هجوما تشنه كوريا الشمالية.
وتؤكد سيول والولايات المتحدة حليفتها ان طابع هذه المناورات دفاعي محض، لكن بيونغ يانغ ترى فيها استفزازا.
ووصفت الخارجية الكورية الشمالية المناورات بأنها "عمل اجرامي لا يغتفر" قد يودي بشبه الجزيرة "الى حافة حرب".
وقال روس "ندعو كوريا الشمالية الى الامتناع عن اي عمل قد يؤدي الى زيادة التوتر في المنطقة، وان تتخذ بدلا من ذلك خطوات ملموسة للوفاء بالتزاماتها الدولية".