د. حامد بن شظا المرجان
التواصل الاجتماعى خطر يحدق بتقدم الأمم والشعوب ومشكلة عالمية تهدد العالم باسره باعتبارها اى الامية من خلال التواصل الاجتماعى الحفرة التي تقطع جسر التواصل بين حضارات وشعوب العالم، وكذا أرضاُ خصبة تنمو فيها أفكار الخرافات و الهدم والتطرف والعنصريه بين ابناء البشرية، فارتفاع نسبة الأمية المقنعه فى التواصل الاجتماعى فى العالم وعدم التعامل معها وافتقاد القدرات الذهنية المهنية اللازمة لمواكبة الحياه والتطوير والتواصل بين الشعوب، وتفتيت معدلاتها المخيفة، يعتبر وحشا يلتهم المنجزات الانسانية ويساعد التطرف وتبنى معتقدات وافكار تساعد على تفشى ظاهرة العنف والحقد وعدم التسامح فى عالمنا اليوم .
ما زالت المنظمات الدولية تبذل جهودا كبيرة في مجال محو الامية المقنعة التى وجدت قنوات التواصل الاجتماعى طريقا للنمو واذا كانت الامية الابجدية بذورا جيدة لنمو وتطور الامية المقنعة التى تهدد استقرار عالمنا اليوم ؛ وقد وصف برنامج الأمم المتحدة " الأمية المقنعة " أنها أخطر ما يواجه العالم اليوم حيث وصفت برامج محوها بأنها الأضعف حاليًا في العالم. الامية المقنعة لا يمكن محاربتها عبر المدارس والجامعات اذا لم تكن هناك المناهج الدراسية المبنية على تعليم الطالب كيفية استغلال العقل للتفكير بطرق منطقية سليمة وليس عن طريق التلقين مثل ماهو حاصل حاليا فى كثير من المدارس والجامعات اوعن طريق وسائل التواصل الاجتماعى التى تساعد المتلقى على تبنى افكار منطقية او غير منطقيه للتعامل مع الحياة بشكل عام واخيه الانسان بصرف النظر عن جنسة او لونه او انتمائة الفكري او العقائدى، وقد ساعدت وسائل التواصل الاجتماعى للاسف على نمو ظاهرة الامية المقنعة بشكل مخيف حيث يتم تبادل الافكار والمعلومات المغلوطة بشكل تهدد الاسره والمجتمعات والدول و الشعوب واستقرارها. على سبيل المثال اذا مختل عقليا بعث بمعلومه او برساله عبر وسائل التواصل الاجتماعى نجد بانها اصبحت فى متناول الجميع فى ثوانى، السؤال لماذا لا يفكر متلقى الرسالة بان هذه الرسالة غير منطقية وتحتوى على مضمون يسئى للاخرين وممكن بان تهدد استقرار فرد اواسرة اومجتمع او دولة اذا تم تداولها. الرسالة او المعلومة الذى يتم تداولها عن طريق المنتميين الى الامية المقنعة خرجت عن مفهوم الاشاعة المتعارف عليه لان الاشاعة فى كثير من الاحيان تكون منطقية ومقنعة ليتم تصديقها ولكن بعض الرسائل او الافكار التى يتم تداولها عبر وسائل الاتصال الاجتماعى لا تنتشر الا فى اوساط الاشخاص او الشعوب التى تنتمى الى ما يسمى بالامية المقنعة. والأمّية "المقنّعة " يقصد بها أنها ليست أمية القراءة والكتابة، بل الإنسان الذي لا يملك معرفة كافية لاستغلال عقله والتمييز بين ماهو خير او شر او ماهو منطقى او غير منطقى وخاصه فى الامور والقضايا التي تتعلّق بحياته وحيات الاخرين واستقرار الدول والمجتمعات ، ويمكننا القول إن الأمية ظاهرة عالمية، لها أسبابها المختلفة من مجتمع إلى آخر. وظاهرة الامية المقنعه منتشرة في العالم المتقدم كما فى العالم النامى، ولكن بمستويات منخفضة جدا اذا قارنها بدول العالم النامى.وقد حذرت بعض لمنظمات الدوليه من أن الإحصاءات تشير إلى ارتفاع مخيف لعدد الأميين العرب وأكدت في تقريرها الصادر بمناسبة اليوم العالمى لمحو الأمية الذى يصادف الثامن من الشهر يناير من كل عام أن هذه النسبة الحالية تساوى ضعف نسبة الأمية على الصعيد العالمى، وأنها تمس الشريحة العمرية من 15 سنة فما فوق. وقد نبهت المنظمات الدوليه إلى أن الجهود الحالية فى مجال محو الأمية تنصب فى أغلبيتها على الجانب الأبجدى، وأن الحكومات العربية عموما تكتفي بـ"محاربة الجهل" عبر التركيز على أساسيات القراءة والكتابة وبعض عمليات الحساب دون الاهتمام بمحو الأمية الثقافي والانسانى والحضاري ورفع نسبة كفاءة العقل والمنطق لمواطنيها " الاميه المقنعه". ودعت منظمة اليونسكو، جميع الدول العربية إلى اعتماد البحث العلمى لتقويم أثر برامجها المعتمدة في مجال تعليم الكبار، وأنه الأسلوب الأمثل للتأكد من جدوى تلك البرامج وتلمس مجالات تطويرها باستمرار، كما دعت إلى البحث عن سبل استثمار أفضل الطرق والعمل على تطوير الإمكانات البشرية والمالية المناسبة والقرار السياسى الكفيل بتفعيل حركة تعليم الكبار وسد منابع الأمية المقنعه عبر تبنى مناهج جديده. وتشير الإحصاءات ايضا أن الولايات المتحدة الأمريكية يوجد بها ما بين 20 و35 مليون أمي، وأن ملايين من الأمريكيين لا يستطيعون ملء استمارة الالتحاق بوظيفة، أو كتابة شيك مصرفي، أو قراءة جريدة. وهناك نحو 3 ملايين فرنسي أمي وهناك أكثر من 4 ملايين شخص في ألمانيا لا يستطيعون القراءة والكتابة وهذا الأمر يشكل مصدر حرج ؛ ولا يتم الإعلان عنه ولا مناقشته بشكل كاف، لأنه يسبب احراج للمجتمع الدولى، وإن كان المستقبل كفيلاً بمعالجة هذه الظاهرة.وهناك 230 مليون أمي في الصين تترواح أعمارهم بين 15 و40 سنة وتعتبر اليابان رائدة في مجال محو الأمية، وهي المثال الساطع في عالم الجد والبحث والتقدم، حيث لا يوجد أي أمي في اليابان .واذا اعتبرنا بان محو الامية عن طريق القراءة والكتابة تساعد على محو الامية المقنعة هل أصبحت البلاد العربية كما في مجتمعات أخرى أمريكية أو أوربية أو يابانية تقرأ في القطارات، والمقاهي، وعند الاسترخاء على الأرائك والأسِرّة؟. وأين نحن من كتاب الجيب، والكتاب الالكتروني، والأقراص المدمجة، والانترنت؟ لا تزال الأمية الأبجدية مرتفعة جدا في العالم العربي قياسا بالاحصائيات العالمية ؛ رغم اعلان الحكومات العربية المستمر عن انقاذ الألاف من براثن جهل الابجدية القراءة والكتابة. واذا اسلمنا القول بان هناك جهود عربية للقضاء على الامية الابجدية فى عالمنا العربى فان معالجة أزمة الأمية المقنعة فى عالمنا العربي في حاجة الي تحقيقات ميدانية لاستبيان التقدم الفعلي في هذا المجال وتبني مشروع وطني لمكافحة الأمية المقنعه التى اصبحت تشكل خطرا امنيا على العالم العربى من خلال قنوات التواصل الاجتماعى.
باحث ومستشار تنموي