طالبان تسيطر على منطقة مهمة في شمال أفغانستان

الحدث الاثنين ١٥/أغسطس/٢٠١٦ ٢١:٥٣ م
طالبان تسيطر على منطقة مهمة في شمال أفغانستان

قندوز (أفغانستان) – ش – وكالات

قال مسؤولون امس الاثنين إن مقاتلي حركة طالبان سيطروا على منطقة مهمة بإقليم بغلان في شمال البلاد بعد اشتباكات على مدى عدة أيام.
وتصاعد القتال في أفغانستان بينما امتدت أنشطة طالبان من معاقلها التقليدية في جنوب وشرق البلاد إلى مناطق كانت هادئة ذات يوم في الشمال.
وعلى الرغم من الدعم الجوي من الطائرات الحربية الأمريكية والأفغانية فإن القوات الحكومية تواجه صعوبة للتصدي لطالبان ويقول مسؤولون حكوميون كبار إن المقاتلين باتوا أفضل تدريبا وتسليحا.
وقال أمير جول حسينخل نائب قائد شرطة بغلان إن منطقة دهنه غوري محاصرة منذ أيام وإن طالبان تمكنت من السيطرة عليها في وقت متأخر أمس الأحد بينما نفذ عشرات من أفراد القوات الأفغانية "انسحابا تكتيكيا".
وتجاور المنطقة بولي خومري عاصمة الإقليم التي يهددها المقاتلون منذ شهور.
وقال حسينخل لرويترز "القوات الأفغانية قاتلت لأيام لكن لم تصل أي مساعدة واضطرت للانسحاب فسيطرت طالبان على المنطقة."
وقال المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد إن المقاتلين سيطروا على المنطقة ورفعوا علمهم الأبيض.
وأضاف في بيان "الكثير من الأفغان وقوات الميليشيات قتلوا واعتقل 33 جنديا.
ويتكرر نشر الجانبين لأعداد القتلى والجرحى لكن لا يتسنى التحقق من ذلك من مصادر مستقلة.
ويتاخم بغلان إقليم قندوز‭‭ ‬‬الذي سيطرت طالبان لفترة وجيزة على عاصمته للمرة الأولى منذ الإطاحة بها في عملية قادتها الولايات المتحدة عام 2001.
وقال مسؤولون حكوميون إن اشتباكات اندلعت في أربع مناطق من إقليم هلمند حيث تصدت القوات الأفغانية لمقاتلين يتقدمون صوب العاصمة الإقليمية.
وفي إقليم نورستان بالشرق هاجم عشرات من عناصر طالبان منطقة وانت وايجال بينما قتلت القوات الأفغانية 40 متشددا خلال القتال على مدى أيام.

هجمات طالبان
قبل بضعة أيام كانت هذه القرية بأكواخها الطينية الواقعة في جنوب أفغانستان ساحة لمعركة طاحنة.
تمكنت قوات الأمن الأفغانية من صد هجمات مقاتلي طالبان الذين زحفوا صوب جاه أنجير التي تبعد عشرة كيلومترات فقط عن لشكركاه عاصمة إقليم هلمند. لكن مدارس القرية مازالت مغلقة وكثيرا من سكانها الفارين يخشون العودة إليها.
وتعتبر هلمند -أحد معاقل طالبان وقلب تجارة المخدرات المربحة- هدفا استراتيجيا للمقاتلين الذين يرون أن الاستيلاء على عاصمة الإقليم نصر معنوي كبير لهم.
وتحدث جنود شاركوا في صد الهجوم الأخير عن المعركة بين مقاتلي طالبان الذين ظهروا في صورة قوات منظمة جيدة التدريب والقوات الخاصة الأفغانية المدعومة بضربات جوية أمريكية.
وقال سيد مراد أحد قادة القوات الخاصة "إن طالبان لديها وحدات مسلحة بأسلحة ثقيلة وترتدي زيا (عسكريا) موحدا .. ولديها أسلحة حديثة (ومزودة بتقنية) الرؤية الليلية."
وعلى مدى أكثر من عقد من التدخل الدولي كان إقليم هلمند أكثر الأقاليم التي شهدت سقوط قتلى من القوات الأجنبية حيث قتل فيه ما يقرب من ألف جندي أجنبي.
ويواصل مقاتلو طالبان هجماتهم حول لشكركاه. لكن التعزيزات الأفغانية والضربات الجوية الأمريكية كان لها الفضل في منع هزيمة المدافعين عن المدينة.
وتسعى طالبان لجعل لشكركاه ثاني عاصمة إقليمية تستولي عليها منذ الإطاحة بحكمها في حملة قادتها الولايات المتحدة عام 2001. وسيطر المسلحون لفترة وجيزة على مدينة قندوز الشمالية في أكتوبر تشرين الأول الماضي قبل أن تطردهم منها القوات الأفغانية بدعم أمريكي.
وقال نائب وزير الداخلية الجنرال عبد الرحمن رحمن "إن هلمند إقليم استراتيجي بالنسبة لطالبان ولذا فإن مقاتلي الحركة مصممون على مواصلة الزحف."
وقال مراد إنه من أجل الوصول إلى ذلك الهدف نشرت طالبان "وحدة حمراء" متخصصة قيل إنها مجهزة بأسلحة متقدمة مزودة بأجهزة رؤية ليلية وصواريخ ورشاشات ثقيلة وبنادق أمريكية الصنع.
وقال البريجادير تشارلز كليفلاند المتحدث باسم الجيش الأمريكي إنه ربما شاهدت القوات الأفغانية المقاتلة في الصفوف الأولى قوات طالبان وهي تستخدم ببراعة تقنية الرؤية الليلية لكن التحالف الذي يقوده حلف شمال الأطلسي "لم يجد أي دليل" على هذه القدرة.
وأضاف "كثيرا ما تنشر طالبان معلومات خاطئة وتضخم من قدراتها في مسعى لتخويف الأفغان."

خوف دائم
وفي وسط لشكركاه فتحت معظم الشركات أبوابها كالمعتاد يوم الجمعة لكن السكان وآلاف اللاجئين الذين نزحوا بسبب القتال عبروا عن خوفهم الدائم بسبب نشاط طالبان على مقربة من المدينة.
وقال عبد الباري وهو أحد سكان منطقة ناد علي "هربت من بيتي وتركت خلفي كل شيء .. سئمنا من هذا الوضع ومن الأفضل أن نموت يوما بدلا من أن نموت كل يوم."
وحققت قوات طالبان مكاسب كبيرة في أنحاء إقليم هلمند العام الماضي وأجبرت القوات الحكومية على ترك بعض القواعد ونقاط التفتيش في محاولة لتعزيز دفاعاتها.
واتهم حاكم الإقليم حياة الله حياة المقاتلين بزرع عبوات ناسفة بصورة عشوائية واستخدام السكان كدروع بشرية.
وقال "أطمئن الناس في هلمند بأنهم (طالبان) لن يقدروا على اجتياح مناطقنا ناهيك عن الاستيلاء على لشكركاه."
وربما تمنح مثل هذه التطمينات بعض الراحة للسكان الذين أنهكهم الصراع المتواصل.
وقال آخر يدعى عبد الخالق "نفضل أن نعيش في ظل هذه الحكومة وليس طالبان لكن قطعا ليس في مثل هذا الوضع الحالي."
ويلقي المسؤولون باللائمة في تأجيج الصراع على عناصر نشطة على طول الحدود في باكستان تدعم مقاتلي طالبان بأفضل الأسلحة.
وقال مسؤول حكومي كبير في لشكركاه إن هؤلاء ليسوا من مقاتلي طالبان العاديين الذي يحمل كل منهم بندقية كلاشنيكوف بل هم أكثر تدريبا وأفضل عتادا.
واستمرار العنف يعني أن هلمند ستظل نقطة ضغط بالنسبة للقوات الحكومية المنتشرة على نطاق واسع والقوات الدولية المساندة لها.
ويتخذ مئات المستشارين العسكريين الدوليين من قواعد في هلمند مقرا لهم. وشنت الطائرات الأمريكية خلال الأسبوعين الأخيرين ما لا يقل عن عشرين ضربة جوية.
وحتى إذا استمر الهدوء المؤقت للقتال حول العاصمة يشك المدنيون في قدرة الحكومة على التوصل إلى سلام في وقت قريب.
وقال صاحب أحد المتاجر "سواء تخلصت الحكومة من طالبان أو جعلتهم يحكمون .. مازلنا نكتوي بهذه النار منذ أعوام ولا نعلم أي وضع أسوأ من ذلك."

مهمة شاقة أمام داعش لنشر فكرها في أفغانستان وباكستان
إسلام آباد - رويترز كانت الضربة الجوية الأمريكية التي قتلت قائد تنظيم داعش في أفغانستان وباكستان بطائرة بدون طيار أحدث لطمة توجه لطموحات التنظيم الذي يتحرك انطلاقا من الشرق الأوسط للتوسع في منطقة لا تزال حركة طالبان القوة المهيمنة فيها.
وكانت داعش قد أغرت المئات وربما الآلاف من المقاتلين في أفغانستان وباكستان على مبايعتها بل وسيطرت على مساحة صغيرة من الأرض في إقليم ننكرهار في شرق أفغانستان حيث سقط زعيمها حافظ سعيد خان قتيلا في الضربة الجوية الأمريكية يوم 26 يوليو تموز وهو ما أكدته واشنطن مساء يوم الجمعة الماضي.
غير أن مسؤولين ومحللين أمنيين يقولون إن التنظيم لا يزال خارج هذا الجيب الصغير مجرد اسم أكثر منه قوة مسلحة متماسكة في معظم أنحاء تلك المنطقة.
وقال مسؤول في الشرطة الباكستانية بمدينة إسلام آباد مشترطا إخفاء هويته لأنه غير مخول سلطة الحديث لوسائل الإعلام "الجماعات في مختلف أرجاء العالم تريد القفز إلى تلك العربة والاستفادة من شعبيتها وما تبثه في النفوس من خوف."
وتتزايد المخاوف التي أثارها في أفغانستان وباكستان تنظيم داعش منذ سيطر التنظيم الذي خرج من عباءة تنظيم القاعدة على مساحات من الأرض في العراق وسوريا في عام 2014 وبدأ يروج لأفكاره على المستوى العالمي.
وفي الشهر الأخير اكتسبت تلك المخاوف قوة جديدة بعد أن أعلنت "ولاية خراسان" التابعة لداعش في أفغانستان وباكستان مسؤوليتها عن تفجيرين دمويين أسفر كل منهما عن سقوط أكثر من 70 قتيلا أحدهما في العاصمة الأفغانية كابول والثاني في مدينة كويتا بجنوب غرب باكستان الأسبوع الماضي.
ومع ذلك فقد أثار المسؤولون الباكستانيون والمحللون المستقلون الشكوك فيما أعلنه تنظيم داعش خاصة فيما يتعلق بتفجير كويتا وقالوا إن إعلان المسؤولية الأكثر مصداقية عن الهجوم الانتحاري الذي وقع في مستشفى هو على الأرجح ما صدر عن جماعة الأحرار المنشقة على حركة طالبان.
وقال مايكل كوجلمان محلل شؤون جنوب آسيا في مركز وودرو ويلسون للأبحاث في الولايات المتحدة إن داعش "يتخذ على نحو متزايد وضع الدفاع وهو يكافح للدفاع عن دولة الخلافة الآخذة في التقلص في العراق وسوريا ولذلك فإن أمامه حافزا قويا لإظهار أنه ما زال موجودا على الساحة بإعلان مسؤوليته عن عملية لم ينفذها."
قبل عامين كان اسم تنظيم داعش أشهر من نار على علم وكان التنظيم قبلة الجهاديين العازمين على استخدام العنف في تدمير المؤسسات العلمانية وفرض تفسيرهم المتطرف للإسلام.
وفي واقع الأمر أعلنت جماعة الأحرار في وقت من الأوقات مبايعة أبو بكر البغدادي زعيم التنظيم في عام 2014 خلال خلاف مع قيادة حركة طالبان الباكستانية.
غير أنها عادت بعد بضعة أشهر إلى رفع راية طالبان كما أنها استخدمت اسمها الكامل "تحريك طالبان باكستان جماعة الأحرار" عندما أعلنت مسؤوليتها عن تفجير كويتا الذي وقع في الثامن من أغسطس آب الجاري.
وقد أوضح داعش التزامه بتطوير "ولاية خراسان" التي أعلنها في يناير كانون الثاني 2015.
وعندما أعلنت القيادة المركزية لتنظيم داعش مسؤوليتها عن تفجير كويتا أصدرت بيانات باللغات العربية والانجليزية والأردية المستخدمة في باكستان.
ولاسم "خراسان" أهمية خاصة في فكر التنظيم لأنه يشير إلى منطقة تاريخية تشمل جانبا كبيرا من إيران الحالية وأفغانستان وباكستان وإلى نبوءة بأن جيش المسلمين سيخرج من تلك المنطقة لفتح جميع أرجاء الشرق الأوسط بما في ذلك القدس.
والإغراءات في جنوب آسيا واضحة بما يكفي في نظر التنظيم بفعل وفرة فرص تجنيد الأنصار من بين المقاتلين الموجودين والمسلحين تسليحا جيدا وكذلك خبراء صناعة القنابل.
ونظرا لوجود عشرات من الفصائل الإسلامية التي تربطها تحالفات فضفاضة في أفغانستان وباكستان فإن المنطقة مؤهلة للتحولات الجاهزة في الولاءات.