هاجس الكتابة، وأسئلتها

مقالات رأي و تحليلات الأحد ١٤/أغسطس/٢٠١٦ ٢٣:٢٢ م

محمد بن سيف الرحبي
alrahby@gmail.com
www.facebook.com/msrahby/malrahby

أمام الكتابة أقف متوجسا، ما جدوى أن نكتب، وهناك تراجع في حالات القراءة؟!

ما جدوى أن نرهق أعصابنا للحديث عن قصور وترهل وإهمال بينما الرسائل لا تصل لأن هناك من لا يقرأ، وإن قرأ لا يفهم، وربما إن فهم سيشعر أن المكتوب لا يستحق الالتفات إليه، كونه من كاتب حاقد أو جاهل أو لا يفهم «سر الخلطة» في مؤسسات نذرت نفسها للعمل الإداري البحت وطلقت الإبداعي، لأنه لا أحد يحاسبها على غياب «الإبداع» طالما أنها ملتزمة بتسيير العملين الإداري والمالي.. حتى نهاية السنة المالية الحالية؟!
ماذا يعني أن تكتب وتبقى الأسئلة مشرعة الأبواب ليس من حقها أن تجد أجوبتها، حتى من الذين راهنا عليهم أنهم سيختلفون عن سابقيهم يبدو أنهم داخلون في لعبة اللامبالاة، حيث على أيديهم كل شيء تمام، وقد أنجزوا ما عجز السابقون عنه، لكن هناك من يتذمر ولا يفهم تلك المعجزات التي قدمها.
أمام الكتابة، وهاجسها المقلق، أتأمل المشهد وعبثية أن لا يسمعنا أحد..
أن تعصرنا دائرة تراجع أسعار النفط، بما عرّى الكثير من التنظيرات الاقتصادية والحديث الطويل العريض عن خطط ودراسات وتنويع مصادر دخل، وكان سؤالنا الدائم: إن كان ما قيل صحيحا فكيف بنا نهتز بصورة كهذه والأسعار تراجعت وتهاوت لكننا (ربما) لم نصل إلى الأسوأ في هذا المضمار الذي بدونا فيه نلهث، وكان سؤالنا التالي: إذا لم تنفع تلك الخطط فهل هناك من محاسبة واعتراف أن خسرنا الرهان وعلينا أن نفكر برؤية أوضح.
لدينا من التحديات ما يحتاج إلى سماع أصوات الكتابة وهي تتعالى ورقيا وإلكترونيا، وعبر منافذ لا تحصى من وسائط التواصل الاجتماعي ووسائله، واستخدام اللاصق تجاه الأصوات المنبعثة ليس هو الحل المثالي، لأن الكتابة تدعو إلى إطلاق الأمل، وإن كان هناك من ينشر السوداوية في المجتمع، انتقاصا وتذمرا، ونشر الإحباط، فإن دور الجهات، الحكومية والخاصة، إن تبقى نوافذ أمل ما مفتوحة أمام الناس، أن تقول لهم بأن الطفل لديه أمل لأن هناك من يعتني بتنشئته، والطالب لديه أمل لأن هناك من يهتم بتعليمه والعناية بمواهبه، وأن الشاب الجامعي لن يفتقد الطموح ففرص العمل تنتظره، وليس بالضرورة على مقعد حكومي يسلب منه طاقته الإبداعية، بل عبر رؤى واضحة من الدولة، لا تضيف عبئا على حملها الإداري الثقيل والمترهل، بل تضع الطاقات في أمكنتها الصحيحة..
هي أسئلة الكتابة وهواجسها، التفكير بوطن أجمل نسيه البعض أمام مسؤولياتهم الشخصية وطموحاتهم الوظيفية والمالية، غدا الوطن لعبة كراسي موسيقية يحجزها الأذكى والأسرع والمتمسك بفرصة الحصول على كرسي يزيح به آخر خارج اللعبة..
لن تكف الأقلام عن سردياتها، على تنوع أسبابها وأهوائها وأغراضها، تختلف ألوان الحبر وكثافة المداد لكن من أجل وطن أفضل، يبقى فيه النزيه من ينزّه نفسه، والمبدع من يقدم ما هو أكثر من المطلوب منه، نريد مبدعين لا مسؤولين، نحتاج لندرك أن سلبيات ممارستنا لحرية الكتابة خير من إيجابيات القيود، فالوطن أكبر وأعظم من أن يهتز لعواصف مهما بدت عاتية، لا تقلقوا (يا من أنتم في بالي) على بلاد يعرفها التاريخ آلاف السنين، فربما قلقكم على.. أمكنتكم.. فقط!