واشنطن – ش
ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أنه فى الوقت الذى ركز فيه العالم على عمليات الخطف الجماعى للنساء والفتيات من جانب "بوكو حرام"، كانت الجماعة الإرهابية تختطف عددا أكبر من الصبية.
وأضافت الصحيفة- على موقعها الإلكترونى، اليوم السبت، نقلا عن منظمة "هيومن رايتس ووتش" فى نيويورك ومسئولين حكوميين فى نيجيريا والكاميرون المجاورة- أنه على مدى السنوات الثلاثة الماضية، اختطفت "بوكو حرام" أكثر من 10 آلاف صبى ودربتهم فى معسكرات فى القرى المهجورة والغابات.
وتابعت أن تجنيد الأطفال يمثل مشكلة كبيرة فى مختلف الدول المنهارة منذ تسعينات القرن الماضى، بما فى ذلك بعض الدول فى أفريقيا، مضيفة أن ما يحدث هنا فى شمال شرق نيجيريا هو جزء من تزايد مثير للقلق فى تجنيد الأطفال للجهاد، حيث يتم تلقين الفتيان الصغار، وأحيانا الفتيات، أفكار استخدام العنف واستغلالهم كمقاتلين وانتحاريين وجواسيس.
ونقلت الصحيفة، عن شهود عيان، قولهم أنه يتم تدريب الصبية وإرسالهم إلى المعركة، بدون أسلحة فى بعض الأحيان، وفى أغلب الأحيان مخدرين بمواد أفيونية، وأضافوا أن الكثير من الصبية تعرضوا للضرب ومات بعضهم جوعا أو عطشا، مضيفة أنه لم يتسن التحقق من رواياتهم الفردية من مصادر مستقلة، ولكنها تتسق مع المعلومات التى يجمعها الباحثون والمسئولون العسكريون، من حيث التوقيت والتفاصيل المحددة على حد سواء.
سوء التغذية
في يوليو الفائت حذرت منظمة اليونيسيف للطفولة التابعة للأمم المتحدة من أن عشرات الآلاف من الأطفال سيموتون بسبب أمراض سوء التغذية، وذلك إذا لم يصلهم الغذاء والأدوية الضرورية.
ووجدت المنظمة في مناطق تسيطر عليها حركة بوكو حرام المتشددة في نيجيريا، الآلاف من الأطفال دون ماء أو غذاء.
وكانت منظمة خيرية قالت إن كثيرا من الفارين بسبب القتال أو الخوف من بوكو حرام قتلوا بسبب الجوع.
وقد خلفت الحرب التي تشنها جماعة بوكو حرام على الحكومة في نيجيريا ما لا يقل عن 20 ألف قتيل، وأكثر من مليوني مهاجر ونازح. كما يشن الجيش النيجيري عمليات عسكرية واسعة النطاق تهدف إلى القضاء على بوكوحرام.
وقالت اليونيسيف إن إمكانية وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق الشمالية الشرقية من البلاد، جعل أزمة سوء التغذية التي تمس الأطفال أكثر وضوحا للعالم الخارجي مما كانت عليه من قبل.
وأضافت اليونيسيف أن طفلا من بين كل خمسة معرض للوفاة بسبب سوء التغذية في ولاية بورنو شمال شرق البلاد، حيث وجدت أن 244 ألف طفل في سكان تلك المنطقة يعانون من أزمة غذاء حادة.
وتقدر اليونيسيف هذا الخطر بقولها إن الجوع، أو الأمراض المتعلقة بنقص الغذاء، قد تفتك بنحو 134 طفلا يوميا، إذا لم تستجب الجهات المعنية بشكل سريع لإيجاد حل لهذه الأزمة، بحسب مانويل فاونتين المدير الإقليمي لليونيسيف في غرب ووسط إفريقيا.
ويقول فاونتين: "نحن بحاجة إلى تبرعات المانحين من أجل الحيلولة دون موت الأطفال بسبب الجوع وسوء التغذية، فلا يمكن لأي شخص أو جهة تحمل هذه الأزمة الكبيرة بشكل منفرد."
ويضيف المتحدت أن هذه الأزمة تمس قرابة مليوني شخص في نيجيريا، خاصة في بورنو، وأن المنظمة غير قادرة حتى الآن على الوصول إلى كل المتضررين، وأن حجم الكارثة لم يتضح بعد بشكل جلي.
وكانت منظمة أطباء بلا حدود حذرت في شهر حزيران يونيو من أن كارثة إنسانية على وشك الوقوع في باما بولاية بورنو، حيث يأوي مخيم ما لا يقل عن 24 ألف نازح، يعانون من صدمات نفسية ومن أمراض سوء التغذية.
الانتحاريين الأطفال
وفي ابريل الفائت نبهت منظمة الأمم المتحدة إلى ارتفاع عدد الأطفال الذين تستغلهم جماعة بوكو حرام المتشددة في التفجيرات الانتحارية.
وأشارت إلى أن تفجيرا واحدا من بين 5 تفجيرات انتحارية تقوم بها جماعة بوكو حرام العام الماضي، نفذها أطفال.
وتشكل البنات، اللاتي غالبا ما يرغمن على الانتحار، ثلاثة أرباع الهجمات الانتحارية التي نفذتها الجماعة في الكاميرون ونيجيريا وتشاد.
وارتفع عدد التفجيرات بنحو 11 مرة، من 4 تفجيرات في 2014 إلى 44 تفجيرا في العام التالي بما فيه يناير 2016.
ويفسر تغيير المنهج بانحسار المناطق التي تسيطر عليها الجماعة في نيجيريا.
وأسفرت الهجمات التي تشنها الجماعة منذ 7 أعوام في نيجيريا ودول المجاروة حول نهر التشاد عن 17 ألف قتيل.
وتقول منظمة يونيسف في تقرير إن 1،3 مليون طفل أخذوا من منازلهم في 4 دول هي الكاميرون وتشاد ونيجريا والنيجر.
وصدر التقرير بمناسبة مرور عامين على اختطاف بوكو حرام لأكثر من 200 تلميذة في مدرستهن الداخلية في بلدة تشيبوك بنيجيريا.
وقد أدى اختطافهن إلى الإعلان عن حملة دولية تطالب بإعادتهن، ولكن لم يعثر على أي منهن حتى الآن.
وجاء في التقرير، الذي يحمل عنوان "ما بعد تشيبوك"، أن الأطفال المختطفين تجندهم جماعة بوكو حرام وترغمهم على الهجوم على عائلاتهم، لتأكيد ولائهم.
وتتعرض البنات إلى انتهكات منها العنف الجنسي والزواج القسري بالمقاتلين.
وغالبا من ترغم الفتيات على تنفيذ التفجيرات الانتحارية، إذ تربط المتفجرات في إجسادهن بالقوة.
ويشير التقرير أن الكاميرون سجلت أكبر عدد للأطفال الانتحاريين، بمن فيهم أطفال لا تتعدى أعمارهم الثامنة.
وكثيرا ما تستهدف بوكو حرام، التي تعني "التعليم الغربي حرام"، المدارس في هجماتها.
مساعدات دولية
من جانبها أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) استئناف مساعدتها لملايين الأطفال من ضحايا حركة بوكو حرام المتطرفة في نيجيريا، على الرغم من تعرض قافلة تابعة لها لهجوم من قبل المتمردين.
وتعرضت القافلة التي كانت تنقل مساعدات إنسانية الشهر الفائت لهجوم أسفر عن جرح موظف في اليونيسف ومنظمة الهجرة الدولية في شمال شرق نيجيريا الذي يشهد أعمال عنف.
وأوضحت منظمة الأمم المتحدة للطفولة أن "القافلة كانت في الطريق بين باما ومايدوغوري، في ولاية بورنو، لدى عودتها من مهمة لإغاثة سكان هم بأمس الحاجة للمساعدة". وأشارت إلى أن "مهاجمين لم تتضح هوياتهم هاجموا القافلة التي كانت تضم موظفين من اليونيسف وصندوق الأمم المتحدة للسكان والمنظمة الدولية للهجرة".
وهذه هي المرة الأولى التي تتعرض فيها قافلة دولية للمساعدة الإنسانية لهجوم منذ بدء تمرد بوكو حرام في هذه المنطقة.
وقال ممثل اليونيسف في نيجيريا، جون غو، في بيان نشر مساء الجمعة: "نعمل بكامل قدرتنا، في مايدوغوري عاصمة ولاية بورنو" مركز حركة بوكو حرام.
وأضاف: "نواصل الدعوة إلى زيادة الجهود للوصول إلى الناس المحتاجين في هذه الولاية"، مؤكدا أنه "لن نسمح لهذا الهجوم بأن يبعدنا عن أكثر من مليوني شخص يحتاجون إلى مساعدة إنسانية".
وأصيب جنديان أيضا في هذا الهجوم، كما أوضح الجيش.
وتقوم منظمة اليونيسف بمهمة في هذه المنطقة النائية في شمال شرق نيجيريا، حيث أدى النزاع إلى أزمة إنسانية وغذائية خطيرة.
وقال ممثل المنظمة في بيانه إن "أعمال العنف أضرت بالزراعة والأسواق ودمرت مخزونات الغذاء وألحقت ضررا بمعدات الصحة وإمدادات المياه. علينا الوصول الى هذه المجموعات".