مواجهة الفساد بالقانون ؟

مقالات رأي و تحليلات السبت ١٣/أغسطس/٢٠١٦ ٢٣:٥٧ م
مواجهة الفساد بالقانون ؟

د حامد بن شظا المرجان

لا يختلف اثنان بأن هناك قضايا و مشاكل اقتصادية واجتماعية وسياسية أفرزها التطور والتنميه فى السلطنة مثل حريه الصحافه وما تطرقت اليه بعض الصحف حول ملف الفساد وغيره والتى هي حديث مجتمعنا اليوم فنحن لا نختلف عن العالم فى شيء فلابد من وجود بعض الأخطاء فى تطبيق دوله الموسسات والقانون وبالتالي لابد من وجود الحلول المناسبة لحلها بدون التأويل السلبي الذى لا يخدم مصالح الوطن العليا. نحن اليوم نقرأ ونشاهد جلسات المحاكم تقدم هولاء المذنبين الي محاكمات علنية وشفافة حيث لا أحد فوق دولة المؤسسات والقانون وهذا دليل بأن دولتنا تعالج الأمور بحكمة وتروي . القيادة السياسية بذلت جهود كبيره لأجل تطوير هذا البلد المعطاء مع الحرص التام على توازن اوضاعه السياسية والاقتصادية من أجل أمن ورفاهية المواطن والأخذ به إلى المستوى العالمي من التقدم والإزدهار. يفترض من شبابنا وأبناء المجتمع كافةعندما نناقش قضايا التنمية فى وسائل إعلامنا بأن ترجع الى التطور التدريجي للعمل التنموي العماني، قبل أكثر من عشر سنوات تقريبا لم تكن لدينا دولة مؤسسات وقانون، حيث لم يوجد حينها لا دستور ولا قضاء مستقل ولا جهاز للرقابة المالية والادارية وغيره من المؤسسات التي تعتبر العمود الفقري لدولة القانون لاداء واجبها بالطريقة التى تمارسها اليوم. ولكن والحمد لله والشكر لباني نهضة عمان الحديثة اكتملت دولة المؤسسات والتى تتيح للدولة ممارسة وتطبيق قوانينها.
يتحدث حاليا الرأي العام العماني عما تداول في بعض وسائل الإعلام عن قضايا الفساد ، وهناك وجهات نظر مختلفه يتناولها الشارع العمانى فى هذا الموضوع منها السلبي ومنها الايجابي وهى وجهات نظر نحترمها ولكننا ناخذ عليها المبالغة فى تناولها لقضايا التنميه. لاشك بان اهتمام المجتمع لموضوع الفساد دليل واضح علي غيرتة وحرصة علي مكتسبات نهضتة المباركة وهذا حق مشروع لكل مواطن مخلص لوطنه.قال الله عز و جل في كتابه الكريم: (ظهر الفساد في البر و البحر بما كسبت أيدى الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون) الآية رقم 41 من سورة الروم .الفساد في معاجم اللغةل(فسد) ضد صَلُحَ (والفساد) لغة البطلان، فيقال فسد الشيء أي بطُلَ واضمحل، ويأتي التعبير على معانٍ عدة بحسب موقعه. التعريف العام لمفهوم الفساد بأنه اللهو واللعب وأخذ المال ظلماً من دون وجه حق. تعرف ايضا بعض المعاجم، الفساد بانه "انحراف أو تدمير النزاهة في أداء الوظائف العامة من خلال الرشوة والمحاباة". وقد يعنى الفساد التلف إذا ارتبط المعنى بسلعة ما وهو لفظ شامل لكافة النواحي السلبية في الحياة.و يصبح الفساد بمفهومه العام هو التغير من الحالة الاخلاقية المتعارف عليها والحالة الغير الاخلاقية . و الكمال لله عز و جل. بمعنى التغير للأسوأ. و يكون هنا ضد الإحسان و ضد التحول أو التغير إلى الحالة الاخلاقية المتعارف عليها بين شعوب العالم، و هناك الفساد السياسي وهوإساءة استخدام السلطة من قبل الموظفين الحكوميين لأهداف غير مشروعة كالرشوة،الابتزاز، المحسوبية، والاختلاس الخ. وهناك ايضا جرائم الشركات أو الجرائم الاقتصادية في انحرافات مالية أو إدارية ارتكبت عن طريق شركة ،كيان تجاري له شخصية قانونية مستقلة من أشخاص طبيعيين يقومون بإدارة أنشطتها، أو من قبل أفراد بالإنابة. ومخالفة القواعد والأحكام المالية التي تنظم سير العمل الإداري والمالي في المؤسسة. والمتابع للقضايا المنظورة امام المحاكم العمانية نجدها تندرج تحت تعريف الفساد أعلاة وهي لاشك تشكل هاجسا وطنيا مهما فى مسيرتنا السياسية والاقتصادية وتؤثر على استقرارنا الاقتصادي والاجتماعى وسمعتنا فى المحافل الدولية الاقتصادية وتوسس لثقافة سلبية غير محموده. لقد نال الفساد موسسات الدولة فى القطاعيين العام والخاص. اجابتنا من موقع متخصصين فى التنمية بان السلطنة لم تتأخر في معالجتها لقضايا الفسادمثل ما ذكرت سابقا ولكن معالجتها لهذه الظواهر التى انتجتها التنمية أتت على ضوء نوعيتها ودرجة خطورتها ، مراعية التدرج الطبيعي لمعالجة هذه الظواهرالدخيلة علي مجتمعنا. ويمكننا القول بأن الفساد ولو كان موجودا في بعض القطاعات فى السلطنة، ولكن لاتزال السلطنه تحتل مكانة جيدة فى التصنيف الدولي من حيث حجم الفساد وذلك وفق المؤشر الصادر عن منظمة الشفافية الدولية. ثانيا يلاحظ بأن الفساد فى عمان ليس فى المستوي المعقد من حيث الأساليب ودرجة الإحتيال وإنما من خلال القضايا المنظورة أمام المحاكم يميل بعضها إلى العفوية أكثر منه إلي درجات الاحتيال المتعارف عليها دوليا، بل بعض القضايا تدعو الى الاستغراب وكانت سهلة الاكتشاف من قبل الأجهزه المعنية. أرست السلطنة منذ تاسيس الدوله الحديثه عام 1971 أسس وقواعد دولة المؤسسات والقانون ، من خلال حزمة من التشريعات والمبادئ الدستورية والقانونية التى ساهمت فى تحقيق مبادئ العدل والمساواة بين كافة المواطنيين دون تفرقة على أي أساس. وفي هذا تعمل الحكومة بشكل مستمر على صياغة وتجديد هذه القواعد بما يتناسب مع عملية تطوير بقية المؤسسات ذات العلاقة. عندما بدأت السلطنة تؤسس دولة المؤسسات والقانون لم تكن توجد مؤسسات لا مدنية ولا خاصة.أتحدث هنا عن نموذج نهضة فريدة أسست لدولة عصرية حديثة فى القرن العشرين لها خصوصيتها التنموية. الخصوصية التنموية للدولة العمانية هنا تعنى الظروف السياسية والاقتصادية التى تبنتها القيادة العمانية كمنهج لبناء الدولة العصرية العمانية. اذا رجعنا للثقافة السياسية للمجتمع العماني كاحدى المراجع يمكننا القول بأن الدولة العمانية خططت بحكمة لللانتقال الى دولة القانون والمؤسسات وصولا إلى التطور الديموقراطي فى عمان، كان الهدف بناء نظام شورى عمانى نابع من الجذور التاريخية لهذا المجتمع وليس نظام ديموقراطي غربى مستورد، نظام يساعد المجتمع والدولة على اتخاذ القرارات والسياسات المناسبة التى تخدم البلد والمواطن منطلقا من معتقد سياسي وثقافي بأنه لا يمكن لأي حراك اجتماعي أن يكون فعالا إلا اذا تميز بقيم وتوجهات سياسية مثل الاعتدال في قراراته مراعيا الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للدولة والمجتمع، والتسامح والذى هو أساس المصالحة والتعاون بين أبناء الوطن الواحد، هذا بالاضافة الى المعرفة للقضايا الاجتماعية السياسية ذات الأبعاد المختلفة، وهذه التوجهات حافظت على المجتمع العماني من الخوض والابتعاد عن كثير من المشاكل التى قد تكون عائقا نحو تقدمه وازدهاره ومساعدته على النمو والتطور نحو مجتمع يسوده الأمن والإستقرار والأمان والتماسك الوطني . إذا رجعنا لأدبيات الفكر السياسي والاقتصادي للدولة الحديثة نرى بأن التوجهات والقيم والمبادئ التى تبنتها الدولةهي توجهات إنسانية ذات اهداف سامية و أبعاد متعددة لبناء مجتمع يسوده العدل والمساواة من خلال دولة الموسسات والقانون. الدولة العمانية الحديثه تدرك تماما بأن الدول والمجتمعات تختلف فى معتقداتها وقيمها الوثيقة بالسياسة والتاريخ والثقافه ، والثقافة السياسية العمانية هذه تحدد بوضوح فى التاريخ السياسي والثقافى لهذا البلد وتطورها التنموي. ونحن جميعا نعرف بأن التنمية بأبعادها المختلفة فى عمان تطورت بشكل إيجابي خلال السنوات الماضية مراعية الظروف الثقافية والتاريخية للمجتمع العماني. ولا ننكر بأن ثقافتنا العمانية بأبعادها هي نتاج تاريخ حضاري قوي لكن القيم قد تشكل بما يقوم به الزعماء السياسيون من أعمال مدروسة وما يؤمنون به من معتقدات وتعاليم سامية . فى الختام إن دولة المؤسسات والقانون تحاصر الفساد حيث لا أحد فوق القانون فهناك حصانات سحبت وحسابات كشفت إيماننا بمبدأ سيادة القانون على الجميع.

باحث ومستشار تنموى