إليزابيث دوسكين
بلغ حجم الاستثمارات الصينية في وادي السيليكون، باستثناء العقارات، 6 بليون دولار بنهاية النصف الأول من عام 2016، وأكثر من نصف هذا الإنفاق كان خلال الأشهر الـ 18 الماضية، وفقا لشركة أبحاث مجموعة روديوم الاستشارية Rhodium Group. وخلال العقد الماضي حفزت الثروة الصينية المتنامية المستثمرين كما دفعت الحكومة إلى تطوير تقنيات مبتكرة - لا سيما في مجالات مثل الواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي، حيث لا تزال الصين في أول الطريق.
يقول شوتشنج تشانج الفيزيائي خريج جامعة ستانفورد الذي بدأ مشروعا برأس مال 350 مليون دولار قبل عامين للاستفادة من الطفرة الاقتصادية أن الصين تدرك أنها بحاجة إلى نموذج تقتفي خطاه في ظل التحول الذي تشهده البلاد من التصنيع الى الابتكار، وهذا هو طريق الحرير الرقمي الجديد.
ومن جانبها تبدي الشركات الأمريكية الجديدة تعطشا أكثر من أي وقت سابق للوصول الى الشركات الصينية المتخمة بالأموال وأصحاب الملايين الجدد في الصينن وبخاصة في ظل بيئة التمويل في وادي السيليكون، كما أن المستثمرين الصينيين بوسعهم فتح الأبواب أمام أكثر من بليون مستهلك صيني للخدمات والمنتجات التي باتت تواجه تكدسا في السوق الأمريكي.
ومثل تلك الاستثمارات بوسعها ان تغير مسار الشركات الصاعدة. يقول كريس نيكلسون، الرئيس التنفيذي لشركة Skymind.io للذكاء الاصطناعي التي بدات نشاطها قبل عامين، إن تدبير الشركات الناشئة في وادي السيليكون للسيولة لا يتم بدون الأموال الصينية. وقد حصلت شركته على التمويل من شركة تينسنت ومستثمرين صينيين آخرين. كما أن الشركات التي قوبل طلبها للتمويل بالرفض من قبل ساند هيل روود ما يمكنها الحصول على السيولة من الصينن وهذا كله غير المشهد كثيرا.
بيد أن هناك أيضا حالة انعدام الثقة على الجانبين، فالشركات الأمريكية المبتدئة تخشى الأساليب القاسية التي قد يمارسها الصينيون، كما أثار البعض مخاوف حول اقتباس ونقل ابتكاراتهم، وهي المشكلة التي كانت وما تزال تمثل قلقا طويل الأمد للعديد من الشركات الأمريكية التي تدخل في شراكة مع شركات صينية. إلا أن القادمين الجدد من المستثمرين الصينيين لا يريدون انتقاصا من شأنهم أو معاملتهم على انهم على قدر من السذاجة كما يقول مسؤولون تنفيذيون يعملون معهم بشكل وثيق.
ويقول أصحاب أعمال أمريكيون أن المسثتمرين الصينيين غالبا ما يضعون قواعد غير مألوفة. وعلى سبيل المثال كانت شركة كويكسي في ماونتن فيو، كاليفورنيا موضع حسد الكثيرين في وادي السيليكون عندما أعلنت الشركة عن استثمارات بملايين الدولارات من واحدة من أكبر وأقوى شركات التكنولوجيا في الصين وهي شركة علي بابا. وكانت الصفقة التي بلغت 110 مليون دولار آخر دليل على أن المستثمرين الصينيين الأثرياء يمكنهم تقديم مبالغ كبيرة للحصول على حصة في أهم الشركات الناشئة في وادي السيليكون. إلا أن الشريك الصيني توقف عن الدفع ومن ثم وجدت الشركة الناشئة نفسها في وضع حرج. ثم عرضت علي بابا خيارا صعبا أنها ستقدم القرض شريطة التعهد بعدم رفع دعوى. وبعد أشهر من المفاوضات الشاقة وافقت كويكسي على العرض. وربما تجسد القضية حالة الصدام الثقافي الذي يرمز للوعود والمخاطر التي تكتنف علاقة وادي السيليكون مع الصين. ويقول الخبراء أن تلك العلاقة التي تميزت بالحساسية والتعقيد قد وصلت الى منعطف جديد في ظل تدفق كميات غير مسبوقة من الأموال الصينية إلى وادي السليكون.
وفي المجمل يقول رجال أعمال ومستثمرون أن الاستثمارات الصينية فتحت العديد من الأبواب الجديدة، فشركة كلاودفلاري المبتدئة في خدمات الويب والأمن كانت قد انسحبت من الصين في عام 2011، ثم جاءت شراكة غير عادية مع بايدو في عام 2015 لتضع تكنولوجيا الشركة في أيدي الملايين من المستهلكين الصينيين.
وتمتد الاستثمارات الصينية في وادي السليكون الى ثلاثة عقود على الأقل، إلا أن عام 2014 يعتبر نقطة تحول، ففي ذلك العام بدأت الصفقات تشهد تسارعا كبيرا بتوقيع 101 صفقة معلنة من قبل مستثمرين صينيين ، وهو ما يربو على ثلاثة أضعاف نظيره قبل عامين. غير ان الرقم الحقيقي من المرجح أنه أكبر من ذلك حيث يبدي مستثمرون رغبة في عدم الظهور العلني. ومثل قطاع العقارات وسوق السندات في الولايات المتحدة، فقد كان وادي السليكون هدفا لفئات متزايدة من الأغنياء الصينيين الذين يبحثون عن فرص لتنمية ثرواتهم خارج البلاد، كما أن حالة عدم الاستقرار الأخيرة دفعت المزيد من رأس المال للخروج من الصين بسرعة أكبر.
كاتبة مقال متخصصة في الشأن الاقتصادي بصحيفة واشنطن بوست