فرصة الصين لقيادة التنمية

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٠٩/أغسطس/٢٠١٦ ٠٠:٣٢ ص
فرصة الصين لقيادة التنمية

جوستين يي فو لين

في سبتمبر المقبل، تستضيف الصين اجتماع مجموعة العشرين لزعماء العالم للمرة الأولى في تاريخها. والواقع أن الصين ما كانت لتختار توقيتا أكثر مناسبة من هذا لتولي دور قيادي. وينبغي للرئيس الصيني شي جين بينج أن يغتنم هذه الفرصة لدفع أجندة التنمية الطموحة التي تبنتها الصين على مستوى العالم. وعلى وجه التحديد، ينبغي للرئيس شي أن يسوق الحجج التي تثبت أن التنمية تعود بالفائدة على الجميع إذا أديرت على النحو الصحيح، كما ينبغي له أن يطلق المناقشات حول اتفاقية الاستثمار المتعددة الأطراف التي من المقرر أن يُكشَف عنها في العام المقبل.وهو هدف يمكن تحقيقه في هذه القمة: فمجموعة العشرين تحمل سجلا من النجاح النسبي في تنسيق الجهود المتعددة الأطراف، كما شهدنا في استجابتها للأزمة المالية العالمية عام 2008. ومقومات التنمية الناجحة معروفة جيدا، علاوة على ذلك. فهي تشمل التحسين التكنولوجي المستمر، والذي يشكل أهمية بالغة للنمو المستدام وتشغيل العمالة، والتركيز على تعظيم رأس المال البشري والمادي، والاستثمار في البنية الأساسية الموجه نحو خفض تكاليف المعاملات وزيادة الكفاءة.
ونحن نعرف أيضا الثغرات الحالية التي تعيب جهود التنمية. فالدول النامية اليوم مقيدة بفِعل مستويات متدنية من رأس المال البشري والمالي، فضلا عن انخفاض الاحتياطيات من النقد الأجنبي أو تراجع القدرة على الوصول إليه، وهو ما يحد من قدرتها على استيراد المواد الخام والمعدات اللازمة للارتقاء على سلاسل القيمة العالمية.
تتلخص أفضل طريقة لسد هذه الثغرات في تعزيز رأس المال البشري والمالي، وزيادة القدرة على الوصول إلى النقد الأجنبي، في الاستثمار المباشر الأجنبي. واجتذاب الاستثمار المباشر الأجنبي ليس بالمهمة الصعبة، لأن العائدات المحتملة أعلى في الدول النامية، حيث يندر رأس المال مقارنة بالأيدي العاملة.
ولكن كما لاحظ روبرت لوكاس الحائز على جائزة نوبل، كان رأس المال يتدفق في الاتجاه غير الصحيح، من الدول المنخفضة الدخل إلى الدول المرتفعة الدخل. ويستنزف هذا الاتجاه رأس المال المتاح لدى الدول النامية، فيقيد جهود التنمية ويعمل على توسيع فجوة الدخل العالمية. و كما أشارت لورا ألفارو، وسيبنيم كاليملي أوزكان، وفاديم فولوسفيتش في دراسة أجريت عام 2008 لصالح الدورية الأكاديمية "استعراض الاقتصاد والإحصاء"، تُحرَم الدول الفقيرة من تدفقات رأس المال جزئيا لأنها تفتقر إلى المؤسسات اللازمة لاستقبال وتسهيل الاستثمار. وهو مأزق يواجه هذه الدول لأنها تحتاج إلى رأس المال لتطوير هذه المؤسسات الضرورية في المقام الأول.
ومن الممكن أن تحل اتفاقية الاستثمار المتعددة الأطراف هذه المشكلة من خلال تيسير الاستثمار في الدول النامية. كما يمكنها أن تعمل أيضا على تعزيز الأسس الاقتصادية اللازمة لتحقيق النمو في الدول النامية من خلال إنشاء سبل حماية وتحفيز الاستثمار، وإجراءات تسوية المنازعات، ومعايير المسؤولية الاجتماعية للشركات، والأطر التنظيمية للاستثمارات التي تنفذها الشركات المملوكة للدولة والصناديق السيادية.
المكان الطبيعي للتفاوض حول هذه الاتفاقية هو منظمة التجارة العالمية، ولكن الجهود التي بُذِلَت في الماضي منيت بالفشل جزئيا لأن كثيرين كانوا يرون أن المفاوضات تحابي بشدة الدول المتقدمة على حساب الدول النامية. ومع تغير بيئة الاستثمار العالمية بشكل كبير في غضون العقد الماضي، فلابد من إعادة بدء المفاوضات. وكما يبين الشكل التالي فإن الدول النامية تمثل الآن حصة متزايدة من الاستثمار المباشر العالمي المتجه إلى الخارج. وهذا يعني أن بعض اقتصادات الأسواق الناشئة ذاتها أصبحت مصدرا لرأس المال وبالتالي ينبغي لها أن تلعب دورا في أي إطار استثماري في المستقبل.
تُعَد الصين المثال الأوضح في هذا الصدد. وكما يبين الشكل التالي فإن الصين استفادت كثيرا من الاستثمار المباشر الأجنبي الذي يعمل الآن على زيادة الاستثمار المباشر المتجه إلى خارجها.
كبير خبراء الاقتصاد والنائب الأول لرئيس البنك الدولي سابقا