البصق في الشارع.. عادة سيئة تتسبب في تفشي الأمراض

7 أيام السبت ٢٣/يناير/٢٠١٦ ١٧:٥٤ م

في دول العالم المتحضر لا يسمح أبدا بمثل هذه التصرفات، فعلى سبيل المثال لا الحصر قررت بلدية العاصمة الكورية الجنوبية تغريم كل من يبصق «العلكة» في الشوارع، أما عقوبة التدخين في مكان عام في سنغافورة فتبدأ من 500 دولار سنغافوري وهي نفس عقوبة البصق في الشارع أو رمي العلكة فيه، وعلى سبيل مراعاة الآخرين والاهتمام بالنظافة فسنغافورة مثلا هي الدولة الوحيدة في العالم التي تملك قانونا يجرم تكاثر البعوض في البيوت والمرافق العامة. فخوفا من عودة الأمراض التي كانت متفشية في الجزيرة توظف الدولة مفتشين متخصصين يبحثون عــن بؤر البعوض داخل الحمامات وتحت المغاسل وأحواض الزهور ويفرضون غرامات عـــالية على البيوت المخالفة، كما تمنع نشر الغسيل على الشرفات وأسطح المنـــازل أو غسل السيارات في الشوارع للحفاظ على النظافة، ولكي تحافظ على سمعتها كـــأنظف دولة في العالم سنت قانونًا يحــرم البصق أو مضغ العلكة في أي مكان، وبالإضافة إلى ذلك قامت بتنظيم مسابقة سنوية (لأجمل حمام عام)، كما أن التبول أو التمخط في الأماكن العامة يعد جريمة لا تغتفر!

أما في أبوظبي وفي إطار مكافحة مثل هذا النوع من المخالفات تقـــوم البلدية بتوزيع نشرات توعوية مكتوبة بأربع لغات أساسية على العمالة الوافدة إلى الدولة بدءاً من المطار ومـــروراً بالمدن العـــمالية وصولاً إلى مواقع العمل لتعريفهم بالغـــرامات المطبقة على مخالفات من نوع البصق بالشارع والمخلفات الأخرى كـــرمي العلب المعدنية حيث تبلغ غرامة هذا السلوك في أبوظبي 500 درهم.

نص القانون
وفي السلطنة تشير المادة 11 بدلالة المادة 8 من الأمر المحلي رقم 32 بشأن حماية المرافق التابعة لبلدية مسقط أنه يحظر على أي شخص البصق أو التمخط في الأسواق أو الميادين أو الحدائق أو المنتزهات العامة أو الطرقات، كما يحظر عليه أيضا القيام بأي تصرف يؤدي إلى الإضرار بالصحة العامة أو المظهر العام للمدينة، ويعاقب كل من يرتكب مخالفة لأحكام هذا الأمر بغرامة لا تزيد على خمسين ريالا عمانيا عن المخالفتين الأولى والثانية، وبغرامة لا تزيد عن مئة ريال عماني أو السجن لمدة لا تزيد عن شهرين أو بالعقوبتين معا على كل مخالفة ثانية وفي كل الأحوال يلتزم المخالف بدفع تكاليف ما أتلفه.

عادة سيئة نراها في كل لحظة وفي كل مكان ليس من الرجال فقط بل إننا نراها تحدث من النساء أيضا، وهي تصرفات كريهة ومؤذية وتدعو إلى الاشمئزاز في زمن انتشرت فيه كل الأمراض التي لم نسمع عنها من قبل، ومع التحذيرات المستمرة للوقاية منها نجد البصق والتمخط والعطس والكحة في وجوه الغير وغيرها من السلوكيات التي تتنافى مع الآداب العامة.
الضحية
«ن.س» إحدى ضحايا هذه التصرفات المرضية تروي قصتها قائلة: شعرت بألم في الجهاز التنفسي فقمت بزيارة الطبيب المختص وبعدها علمت أنني مصابة بالدرن، استغربت الأمر جدا وسافرت للعلاج في الخارج وأخبرني الطبيب أن هذه عدوى أصابتني بسبب لعاب مريض عن طريق البصق في الشارع فانتقل «الفيروس» إليّ بهذه الطريقة، وللأسف أثر هذا الأمر على شبكية العين لديّ مما تسبب في التأثير على نظري وكل هذا بسبب تصرف أحمق من شخص لا يعرف للآداب العامة طريقا حيث إنه لا يكترث بالآخرين، فقد تسبب في مرضي ومرض الكثيرين بتصرفه الأهوج.

توعية ضرورية

بهذا الصدد يقول أمجد السعدي: هذه التصرفات تنتج من أفراد غير مثقفين وأغلبهم من جنسيات آسيوية غير متعلمة وهم شريحة العمال، نعرف أن هناك نصا قانونيا يجرم هذا الفعل ولكن لا نرى مخالفات بهذا الصدد، وأنا أرى انه يجب أن تكون العقوبة رادعة خاصة وأن الجميع يعلم خطورة هذه التصرفات والأمراض الخطيرة التي تتسبب فيها، كما يجب أن يكون هناك توعية شاملة عن طريق المنشورات ووسائل الإعلام فعند تفشي مرض إنفلونزا الخنازير في العالم -على سبيل المثال- أصدرت وزارة الصحة حملة توعوية عن طريق وسائل الإعلام واللوحات الإرشادية والمنشورات التي تم توزيعها ووضعها في كل مكان حتى في المراكز التجارية والشركات ودورات المياه والتي كانت تشرح كيفية تنظيف وغسل الأيدي وتعقيمها، بالإضافة إلى طرق تجنب المرض وكيفية الوقاية منه، وبالتأكيد فإن خطورة البصق والتمخط في الشوارع لا تقل أهمية عن أي مرض آخر حيث إنه يتسبب في الكثير من المشاكل الصحية المزمنة لأشخاص لا ذنب لهم إلا أنهم كانوا ضحية لشخص غير مسؤول، وبالتالي فالوقاية خير من العلاج وعلى وزارة الصحة أن تهتم بهذا الموضوع جيدا لأن هذه المسؤولية تقع على عاتقها بالإضافة إلى وسائل الإعلام لأنها مرآة المجتمع فالجميع إما أنه يقرأ أو يستمع أو يشاهد أي وسيلة من وسائل الإعلام التي يجب أن تتحدث عن مشاكله واحتياجاته، ويجب أيضا أن تكون التوعية بعدة لغات حتى يتسنى لجميع الجنسيات فهمها.

أمراض الجهاز التنفسي
ويعلق د. محمود شعبان -طبيب عام- قائلا: يتسبب البصاق في الشوارع العامة في الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي حيث يحتوي هذا اللعاب والمخاط على بكتيريا تحمل العدوى من المريض وتنتشر عن طريق الهواء فتصيب أشخاصا أصحاء، وتنتشر العدوى بشكل خاص في أشهر الشتاء حيث يكون الغشاء المخاطي باردا ويكون أكثر عرضة للإصابة السريعة بهذه البكتيريا، وتزداد خطورة الأمر لدى الأطفال حيث إن جهازهم المناعي ضعيف لا يستطيع مقاومة البكتيريا والفيروسات التي تهاجمه وبالتالي ففرص العدوى لديهم تكون كبيرة، لذلك أتمنى أن تكون هناك عقوبات رادعة تحد من انتشار هذه العادة غير الصحية والتي تتسبب في الكثير من الأمراض فالوقاية خير من العلاج.
من السُنة

وقد ورد في السنة النبوية الشريفة التنبيه على مثل هذا الأدب -في شأن دفن البصاق- وعدم مواجهة الناس وإيذائهم به:

فقد روى البخاري (405)، ومسلم (550) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَأَى نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ، فَأَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: (مَا بَالُ أَحَدِكُمْ يَقُومُ مُسْتَقْبِلَ رَبِّهِ فَيَتَنَخَّعُ أَمَامَهُ؟ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يُسْتَقْبَلَ فَيُتَنَخَّعَ فِي وَجْهِهِ؟! فَإِذَا تَنَخَّعَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَنَخَّعْ عَنْ يَسَارِهِ تَحْتَ قَدَمِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَقُلْ هَكَذَا، فَتَفَلَ فِي ثَوْبِهِ ثُمَّ مَسَحَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ)».
وعند النسائي (726) -وصححه الألباني في «صحيح النسائي»- من حديث طارق بن عبد الله المحاربي (وَبَزَقَ تَحْتَ رِجْلِهِ وَدَلَكَه).
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في «فتح الباري» (1/‏‏‏606) :

«قَوْله: (أَوْ تَحْت قَدَمه) أَيْ الْيُسْرَى ، كَمَا فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة فِي الْبَاب الَّذِي بَعْده وَزَادَ أَيْضًا مِنْ طَرِيق هَمَّام عَنْ أَبِي هُرَيْرَة: (فَيَدْفِنهَا) .

وَظَاهِر قَوْله: (أَوْ يَفْعَل هَكَذَا) أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْن مَا ذُكِرَ».
وينبغي للمسلم أن يراعي ما يعتبره الناس «أدبا»، ما دام لا يخالف الشريعة، فلا يفعل أمامهم ما يستقذرونه، أو يعتبرونه منافيا للأدب.
فمن احتاج إلى البصق وهو في طريق عام أو كان بين الناس فليبتعد جانبا ويبصق في «منديل ورقي» –إن كان معه-، فإن لم يكن معه بصق على الأرض ودفنها أو حكها بنعله حتى لا يبقى لها أثر يؤذي الناس. من هنا نوجه رسالة إلى وزارة الصحة وجميع وسائل الإعلام بضرورة رفع مستوى التوعية بهذا الشأن حتى نحد من الأمراض التي تنتشر بسبب هذه التصرفات غير الأخلاقية.