أنماط الحياة غير الصحية تهدد بتزايد الوفيات

بلادنا السبت ٠٦/أغسطس/٢٠١٦ ٢٣:٢٢ م
أنماط الحياة غير الصحية تهدد بتزايد الوفيات

مسقط -
تعد الأمراض غير المعدية من الأسباب الرئيسية للوفيات المبكرة على الصعيد العالمي. ومعظم هذه الوفيات المبكرة يمكن تجنبها مـــن خلال تمكين الأنظمة الصحية من الاستجابـــة بشكل أكثر فعالية للاحتياجات الصحية للأشخاص الذين يعانــــون من الأمــراض غيـــر المعدية، إضافة إلــــى التأثير علـــى السياسات العامـــة في القطاعــــات الأخــــرى خارج نطــــاق القطاع الصحي والتي تتصدى لعوامل الأخطار المشتركة.

وإدراكا للالتزامات العالمية والإقليمية لتحقيق الأهداف التسعة العالمية للأمراض غير المعدية بنهاية العام 2025، بما في ذلك تخفيض الوفيات المبكرة الناجمة عن الأمراض غير المعدية بنسبة 25 %، فقد وضعت اللجنة الوطنية للأمراض غير المعدية سياسة وطنية، بالتعاون الوثيق مع الشركاء الوطنيين والدوليين.
مدير دائـــرة الأمراض غير المعدية د. أحمد البوسعيدي تحدث حول ما احتوت عليه هذه السياسة الوطنية من استراتيجيات تنفيذية تضمنت توجيهات واضحة بشأن التدخلات المطلوبة للحد من عبء هذه الأمراض وتحسين نوعية حياة المجتمع العماني.

تعزيز أنماط الحياة السليمة

عن أهمية إعداد هذه السياسة ذكر د. البوسعيدي أن إعداد السياسة الوطنية للوقاية والسيطرة على الأمراض غير المعدية 2015 - 2025، هو تعبير عن التزام السلطنة بتعزيز أنماط الحياة الصحية السليمة والوقاية من الأمراض لكافة السكان.
وقد تم إعداد هذه السياسة لتكون مظلة لجميع القطاعات ذات الصلة والشركاء لتمكنهم من تحديد دورهم وتوجيه مساهماتهم والتزاماتهم المشتركة لتسريع تنفيذ التدخلات الاستراتيجية والتي بدورها ستجلب فوائد عظيمة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية فضلا عن النظام الصحي. وترتكز هذه السياسة على الأهداف الاستراتيجية المحددة في الرؤية المستقبلية للنظام الصحي إضافة إلى الاستراتيجيات العالمية والإقليمية الأخرى والمبادرات المهمة.
أما عن أكثر الأمراض المنتشرة فقال: يشكل الانتشار المتزايد للأمراض غير المعدية في السلطنة مصدر قلق للنظام الصحي، إذ تعتبر أمراض القلب والأوعية الدموية وأمراض السرطان السببين الرئيسيين للوفيات بالمستشفيات وقد ازداد معدل انتشار مرض السكري بين البالغين بنسبة تقرب من 50 % منذ العام 1991، كما أن انتشار السمنة وارتفاع ضغط الدم في تزايد أيضا.

سبل الوقاية

وعن أبرز الطرق للوقاية من الأمراض غير المعدية قال البوسعيدي: يمكن الوقاية من قسم كبير من الأمراض غير المعدية والتقليل من انتشارها من خلال الحد من أربعة عوامل خطر سلوكية رئيسية هي النظام الغذائي غير الصحي وغير المتوازن، والخمول وقلة النشاط البدني، وتعاطي التبغ، وتعاطي الكحول. ويعتبر انتشار المخاطر السلوكية الرئيسية الثلاثة الأولى عاملاً مقلقا للقائمين على الصحة.
وقد تم وضع هذه السياسة من قبل اللجنة الوطنية العليا لمكافحة الأمراض المزمنة غير المعدية بالتعاون والتشاور مع مختلف القطاعات الوطنية ذات الصلة والشركاء الآخرين. وتوفر هذه الوثيقة توجيهات واضحة في ستة مجالات استراتيجية للحد من عبء الأمراض غير المعدية وتحسين نوعية الحياة للمجتمع العماني. ومن المؤمل أن تكون التوجهات والمجالات الاستراتيجية مرشداً للأفراد والمنظمات للتصدي للأمراض غير المعدية والوقاية منها.

عبء متزايد

وذكر د. البوسعيدي أن الرؤية المستقبلية للنظام الصحي 2050 أوضحت العبء المتزايد للأمراض غير المعدية، وبخاصة الأمراض الأربعة الرئيسية (أمراض القلب والأوعية الدموية، مرض السكري، وأمراض السرطان، والأمراض التنفسية المزمنة) باعتبارها تحديا صحيا كبيرا وسيكون لها تأثير كبير على النظام الصحي، وعلى معدلات الوفيات والمراضة، وكذلك على النمو الاقتصادي في السلطنة، لذا فقد أدركت اللجنة الوطنية للأمراض غير المعدية أهمية وضرورة صياغة سياسة وطنية متعددة القطاعات للوقاية والسيطرة على الأمراض غير المعدية.
وتعتبر هذه السياسة إطاراً للعمل المتناسق لمواجهة التحدي المتزايد للأمراض غير المعدية وعوامل الخطر السلوكية الرئيسية، ودليلا استرشاديا لتوجيه الاستراتيجيات والتدخلات للحد من الوفيات المبكرة والمراضة بسبب الأمراض غير المعدية في العقود المقبلة، إضافة لكونها مظلة لجميع القطاعات ذات الصلة والشركاء لتمكنهم من تحديد دورهم وتوجيه مساهماتهم والتزاماتهم المشتركة لأجل تسريع تنفيذ التدخلات الاستراتيجية والتي بدورها ستجلب فوائد عظيمة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية فضلا عن النظام الصحي.

أهم المرتكزات

وحول أهم مرتكزات هذه السياسة قال: ترتكز هذه السياسة على الأهداف الاستراتيجية المحددة في الرؤية المستقبلية للنظام الصحي 2050 وأيضا على الاستراتيجيات العالمية والإقليمية الأخرى والمبادرات المهمة بما في ذلك قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة (الإعلان السياسي للاجتماع رفيع المستوى للجمعية العامة بشأن الوقاية والسيطرة على الأمراض غير المعدية)، إعلان مسقط بشأن اقتصاديات الأمراض غير المعدية/‏ يناير 2012، إعلان الرياض الصادر عن المؤتمر الدولي لأنماط الحياة الصحية والأمراض غير المعدية في العالم العربي والشرق الأوسط/‏ سبتمبر 2012، التي اعتمدها قرار رقم 3 الصادر عن المؤتمر 74، بالمنامة في العام 2013 - وثيقة الكويت لمكافحة الأمراض غير المعدية «العمل معا من أجل السيطرة على الأمراض غير المعدية».

80 % من أسباب الوفيات

وحول ضرورة متابعة الإنسان لحالته الصحية لتجنب الأمراض غير المعدية قال د. البوسعيدي: تعد الأمراض غير المعدية وبخاصة أمراض القلب والأوعية الدموية، ومرض السكري وأمراض السرطان، والأمراض التنفسية المزمنة الأسباب الرئيسية للوفيات، إذ تستحوذ على الحجم الأكبر من أسباب الوفيات على مستوى العالم مقارنة بجميع الأسباب الأخرى مجتمعة، ونجد أن 80 % من هذه الوفيات تحدث في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
وأضاف: من المتوقع أن تستمر الوفيات السنوية بسبب الأمراض غير المعدية في الارتفاع بخاصة في إقليم أفريقيا وإقليم شرق المتوسط. وبالنسبة لإقليم شرق المتوسط فإن الوفيات الناجمة عن الأمراض غير المعدية تشكل 57 % من جملة الوفيات (حوالي 22 مليون شخص). وتقلل المراضة والعجز والوفاة المبكرة من الفعالية الإنتاجية وبالتالي يكون لها تأثير سلبي على التنمية المستدامة.
أما في السلطنة فقال إن التزايد في العبء المرضي الناجم عن الأمراض غير المعدية يشكل مصدر قلق كبير، حيث إن أمراض القلب والأوعية الدموية وأمراض السرطان تعتبر سببين رئيسيين لوفيات المستشفيات في السلطنة (32.5 % و9.9 % على التوالي)، في العام 2012، بينما كانت الأمراض المعدية مسؤولة عن 11.2 % من وفيات المستشفيات في نفس العام، وقد ازداد معدل انتشار مرض السكري بين البالغين بنسبة ما يقرب من 50 % منذ العام 1991 والآن يقف عند 12.3 %.
وأشار إلى أنه من الملاحظ أيضا أن مضاعفات مرض السكري مثل بتر الأطراف السفلية واعتلال الشبكية هي أيضا في ازدياد، حيث ارتفعت نسبة بتر الأطراف السفلية بسبب مرض السكري من جملة عمليات البتر من 53.2 % في العام 2001 إلى 57.7 % في العام 2012. كما ارتفعت نسبة حالات اعتلال الشبكية من مجموع مرضى السكري المسجلين أيضا من 4.3 % في العام 2000 إلى 5 % في العام 2012 ونجد أن معدلات انتشار السمنة وارتفاع ضغط الدم آخذة في الازدياد، حيث إن أكثر من نصف البالغين العمانيين الآن يعانون من فرط الوزن أو السمنة (53.2 % للرجال و54.1 % للنساء). وإضافة إلى ذلك، فإن اثنين من كل خمسة بالغين عمانيين لديهم ارتفاع في ضغط الدم (40.3 %). وتزيد السمنة من مخاطر الإصابة بأمراض القلب التاجية، والسكتة الدماغية، والسكري من النوع الثاني، وبعض أنواع السرطان.

خطر رئيسي

وتقدر منظمة الصحة العالمية أن ارتفاع ضغط الدم الذي يعتبر عامل خطر رئيسيا لأمراض القلب والأوعية الدموية، يسبب حوالي 5.8 مليون حالة وفاة، أي ما يعادل 12.8 % من مجموع الوفيات على مستوى العالم. وهناك 69.8 % من البالغين العمانيين يتناولون أقل من 5 حصص من الفاكهة/‏ الخضار يومياً، ونجد أن 40 % منهم لا يمارسون نشاطا بدنيا، كما أن نسبة التدخين وصلت إلى 14.7 % بين الرجال، وإن انخفاض تناول الفاكهة والخضار يوميا وقلة النشاط البدني ملاحظ كذلك في السكان الأصغر سنا حيث بلغت نسبة تناول الفاكهة/‏ الخضار يوميا 75.3 %، وقلة النشاط البدني 84.3 % بين طلاب الفئة العمرية 13 - 15 سنة، أما بالنسبة لطلاب الجامعات فقد بلغت النسبة 87.6 % و50 % على التوالي، ونجد أن استخدام التبغ بين طلاب الجامعات من الذكور أعلى منه بين الرجال بصفة عامة، حيث إن 17.3 % من طلاب الجامعات الذكور يدخنون السجائر. وعلى الرغم من قلة المعلومات المتاحة عن بعض المواد الغذائية المهمة الأخرى مثل التي تسبب المخاطر كالدهون والملح والسكر والتي لها فوائد مثل الحبوب الكاملة، ونظراً للعبء المتزايد من الأمراض غير المعدية في السلطنة، فمن المرجح أن نوعية الغذاء العماني قد ساهمت في الزيادة المطردة للأمراض غير المعدية.