محمد بن سيف الرحبي
malrahby
alrahby@gmail.com
www.facebook.com/msrahby
سألني موظف المتحف المصري: هل أنت طالب؟ وكانت فرصتي أن أقول نعم، رغم أن أربعينيتي لا تدل على ذلك، فبطاقة دراسة الماجستير أعطتني الحق أن أحصل على تذكرة مخفضة (جداً) لدخول المكان.. وجدت ذلك في أمكنة عدة تقدم خدماتها، أبرزها المترو.
منذ تلك اللحظة أتابع بتمعن ما أجده من أخبار عن معاملة تفضيلية للطلبة في دول شتى من العالم؛ لأنه «طالب علم» يستحق الوقوف معه، لا أن يكافأ المجتهد والمتفوق بشهادة تقدير وجائزة تعد ساذجة في زمن ثقافته مختلفة.
هناك تذكرة مخفضة للطالب وهو يتخذ من القطار أو وسائل النقل العام وسيلة تنقله لتتكون لديه ثقافة، خاصة في بلدان السيارات الخاصة، استخدام هذه الوسائل لتقليل الزحام والتلوث والكلفة وما يصاحب ذلك من ارتفاع الضغط.
وهناك ما تقدمه شركات الاتصالات من عروض ترويجية مخصصة للطلبة، إلا إذا اعتبرهم «ربعنا» سوقا عامرة تستحق رفع الكلفة وليس خفضها، فعشرات الآلاف، وقد يقترب الرقم من مئة ألف في جامعاتنا، كأقرب مثال، في كل هاتف نبع مهـــما يبدو صغــيرا سيشكل واديا، وأرباح شركات الاتصالات في بلادنا شاهد على ذلك، ربح يتصاعد وخدمات تهبط حتى أن العروض الترويجية أشـــعرها تفكر في زيادة أرباحها أكثر من تقديم خدمة للمشترك.
ماذا نقدم للطلبة من خدمات تسهل عليهم حياتهم الاجتماعية، كالاشتراك في أندية أو مكتبات، أو وجود خصومات/ تخفيضات مخصصة لهم في مؤسسات يحتاجونها في مشوارهم العلمي والحياتي، مع حاجة الشركات لمثل هذه العلاقة مع الطالب والذي سيكون سوقها في المستقبل، بتعزيز الشراكة معه من أجل حاضر جميل ومستقبل أجمل.
يروي أحد الأصدقاء تجربته في جامعة أسترالية، حيث لا يكاد يمر أسبوع دون حضور شركة كبرى تقدم عروضها الكبرى للطلبة بما يصنع حياة أسهل لهم، وأقل كلفة، مع إشراف أكاديمي لطبيعة هذه الشركات يمنع استهدافهم بما يحيد الهدف عن مقاصده.
الإحساس بقيمة الشراكة هو ما يعزز جهد الدولة التنموي، فالطلبة رقم صعب في مشوارنا تجاه غد، هم من يصنعون حضوره، بينما يصبح الجيل الحالي، وما سبقه، محسوبين على كلمة «تقاعد» أو «راح زمانه».. وجدير بهؤلاء أن نخفف ضغوط الحياة عليهم، ومعهم عائلات لا يمكنها، بالضرورة، تحقيق حياة تقترب من مفهوم العدالة في أبسط نماذجه، حيث تتخفف فكرة «أبناء الأغنياء والفقراء» إلى أدنى حالاتها وهي تبحث في فرق بين هذا وذاك.
ماذا يمنع أن تعلن شركة النقل الوطني، وبقية الشركات العاملة الأخرى في ذات المجال، عن تذكرة بنصف القيمة على «مواصلات» للطلبة، والدخول مجاناً إلى المتاحف، مع وجود مؤسسات أخرى يمكنها التفكير كيف تدعم جيل الغد، ومسيرته نحو صياغة سلسة بأقل قدر ممكن من العقبات.
في تلك البلدان، ليس الطلبة من يستحقون الوقوف معهم، حتى المتقاعدون الذين تعصرهم الحياة، دخل قديم في ظروف جديدة تعتبر الرقم العتيق مجرد مزحة!!