محمد محمود عثمان
السياحة صناعة من أهم الصناعات الحديثة وأكثرها أهمية في العصر الحديث ولعلها من الصناعات التي تحتاج إلى دراسات مستفيضة تعمد على البحث والاستقصاء والخبرات الميدانية ، لأنها لا يمكن أن تدار بدون علم أو خبرة ، ولقد تقدمت كثير من الدول في هذه الصناعة ، بل وتفوقت فيها على الرغم من أنها لا تمتلك أدنى مقومات للجذب السياحي ، وهناك الكثير من الدول تمتلك الكثير من أهم مقومات الجذب السياحي ، ولكنها متأخرة في هذه الصناعة ولا أقول متخلفة ،على الرغم من وجود الدوافع الملحة للاستفادة من هذه الصناعة وتطويرها والاعتماد عليها كمصدر بديل لمصادر الدخل القومي ، ولكن توجد تحديات جمة تحتاج للتعامل معها بموضوعية حتى يمكن التغلب ولو على جزء منها ولا نقول جميعها دفعة واحدة حتى لا نضل الطريق
ولنأخذ سلطنة عمان مثالا حياعلى ذلك لأنها تتمتع بكم هائل من مقومات الجذب السياحي الطبيعية والأثرية والثقافية ، التي تمكن من قيام سياحة قوية وقادرة على المنافسة مع أسواق السياحة العالمية ،من خلال أنواع السياحة المختلفة مثل سياحات الغوص والمؤتمرات والمخيمات والسياحة الدينية والطبيعية والتراثية والرياضية المائية ، وحتى لا نكتفي بأن نظل نتغنى بالمقومات السياحية وبجمالها صباح مساء ، بدون استثمارها الاستثمار الأمثل ، فلذلك نطرح عدة تساؤلات ، فهل يتم الترويج السياحي بعرض برامج جيدة وكافية تساعدعلى اختيار الوجهة السياحية العمانية وتفضيلها على غيرها من الوجهات ؟ وهل تتوافر المعلومات الكافية عن الأماكن السياحية وما تتميز به وهل هناك حملات لزيارة بعض المواقع السياحية الهامة وإبرازقدريها التنافسية والإلحاح في ذلك بدون ملل؟ مع توفير وسائل النقل الرخيصة والمريحة لهذه الأماكن؟ وهل هناك مشروعات تطرحها الحكومة على القطاع الخاص ،والحرص على إشراك المجتمع المحلي فيها للمشاركة في عمليات التنمية السياحية، لتطوير الأماكن السياحية التي يتم التركيز عليها مرحليا من خلال إقامة تجمعات أو منتجعات سياحية متكاملة ، لضمان توفير المرافق الأساسية فيها وفي الطرق المؤدية إليها ، حتى يجد السائح ضالته في المأكل والمشرب والخدمات الصحية والشرطية والأمنية ومرافق ومراكز الصيانة ومحطات البترول ودورات المياه والطرق المريحة والعلامات الإرشادية السياحية وخدمات الإنترنت ووسائل الترويح والترفيه التي تتناسب وكل الفئات العمرية مع تخصيص بعضها للنساء والأطفال ؟لأن السائح أو المواطن الذي يرى في عدم توافر هذه الخدمات عقابا له على زيارتها بل وتحذير قوي ومباشر من عدم تكرار التجربة مرة أخرى سوف تنطبع لديه سلبيات عديدة لا يمكن محوها من الذاكرة بسهولة ، ومن الغريب أنه في الوقت الذي نخطب فيه ود السياحة والسائحين نجد النقص في المنشآت الفندقية وعدم استكمال بعض مرافقها ، فليس من المعقول أو المقبول أن الطرق المؤدية إلى مدخل بعض الفنادق لا زالت ترابية أو رملية أو حتى اسفلت خفيف أو ضعيف ،وتخلومن الأشجارأو الزهور على الجانبين ، وزد على ذلك المغالاة في الأسعار، ولا شك أن كل ذلك يشكل عائقا أمام ازدهار وتطوير السياحة الداخلية ، فما بالك بالسياحة الإقليمية والعالمية ؟!
ولا ينكر أحد من رجال الأعمال والقطاع الخاص هذه الحقائق بل إن مجموعة من الذين شاركوا في "سبلة بيت الخنجي "التي تضم نخبة من رجال الأعمال قد أوضحوا وجود نقص في الخدمات التي لا يمكن معالجتها أو تطويرها بدون مشاركة شركات سياحية من القطاع الخاص، حيث لا يمكن للحكومة بمفردها عمل ذلك ، ولكن بوسعها تقديم التسهيلات والتراخيص، التي تساعد على زيادة الاستثمارات و تجعل من القطاع الخاص شريكا حقيقيا في تنمية السياحة ، بالإضافة إلى تخفيف القيود على الأيد العاملة الوافدة في القطاع السياحي التي تفرضها نسب التعمين - ولو مؤقتا - لأن ذلك يتعارض مع تقديم خدمات سياحية جيدة ورخيصة في ذات الوقت ، وأنه بدون ذلك لن تنهض السياحة، أويمكن الاعتماد عليها كرقم مهم ، يرفع المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي .