غازي السعدي
لا ندري .. ما يقصده وزير الجيش الإسرائيلي "أفيغدور ليبرمان" –صاحب مقولة ضرب أسوان وطهران- بوصف مصر بأنها أهم حليف لإسرائيل في الشرق الأوسط- "يديعوت احرونوت 26-7-2016"- وهناك دعوة مصر ورئيسها "عبد الفتاح السيسي" بأن حل القضية الفلسطينية يعزز السلام والاستقرار في المنطقة، لكن أمام ذلك الكثير من الألغام فهناك استعدادات إسرائيلية معلنة وغير معلنة، لجولة عسكرية جديدة في قطاع غزة، وحسب جريدة "يديعوت احرونوت 27-7-2016"، فإن خبراء عسكريين إسرائيليين يقولون بأن الحرب في غزة قادمة لا محالة، وأن الجيش أعد كافة السيناريوهات لحسمها، وأن "ليبرمان" قبل وبعد تسلمه وزارة الجيش، يرفع شعارا ويعمل من أجل استئصال حكم حماس من قطاع غزة، وأنه يراهن على مستقبله السياسي في هذا الموضوع، والنجاح في حلمه هذا، حتى أن موضوع الحرب على غزة أصبح مدرجاً على جدول الأعمال الإسرائيلي، وفي النقاش الداخلي لهواة الحرب، وحسب ما يتسرب من معلومات، فإن الجيش الإسرائيلي استكمل هذه الأيام استعداداته وخططه العسكرية للحرب على القطاع، ونشرت جريدة "يديعوت احرونوت 27-7-2016"، تقريراً مطولاً عن سيناريوهات الحرب القادمة، مع حماس وفصائل المقاومة الأخرى، وتقول الجريدة، بأن إسرائيل وحماس تدركان تماماً بأن الحرب قادمة لا محالة، وهي مسألة وقت.
إسرائيل التي تستعد لعدوان جديد على القطاع، وأثناء مراسم التأبين لعائلات الجنود الذين قتلوا في العدوان الفائت على غزة، الذي عقد بتاريخ "26-7-2016" هناك (50) امرأة قتل أزواجهن أو أولادهن في هذا العدوان الذي أطلقوا عليه بـ "الصخرة الصلبة"، سمعت صرخات أهالي القتلى، وقوطع خطاب رئيس الوزراء "نتنياهو" من أحد الآباء الذي قال له:" نحن لا نثق بك"، وأخذت العائلات بقطع خطاب "نتنياهو" أكثر من مرة، وبينما طالبت العائلات بتشكيل لجنة تحقيق رسمية، برئاسة قاضي، للتحقيق في قرارات الحكومة الإسرائيلية من هذه الحرب- والتي يعتبرونها حرباً فاشلة- ، لكن طلبهم رفضه "نتنياهو" مباشرة في الوقت الذي أعلن فيه أنه لا يستطيع القول بأن حرب "الصخرة الصلبة"ستكون آخر الحروب الإسرائيلية على المنظمات الفلسطينية في قطاع غزة، أما رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي جادي اشكنازي" فقد قال بأن أكبر تهديد للجيش الإسرائيلي، هو فقدانه لثقة الجمهور، والوزير "بينت" يدعو "نتنياهو" للتعلم والاستفادة من أخطاء حرب "الصخرة الصلبة".
هناك خلافات في موضوع حرب جديدة على قطاع غزة، فـ "نتنياهو" يرى بأن مثل هذه الحرب ستزيد الوضع تعقيداً، وتزيد من خسائر إسرائيل البشرية، وتحرج القاهرة، وتعيد العلاقات الإسرائيلية-المصرية إلى الماضي، إضافة إلى أن "نتنياهو"، يريد بقاء الوضع على حاله، وعدم إعادة الارتباط الجغرافي والديمغرافي بين الضفة الغربية وقطاع غزة، غير أن "ليبرمان" يرى العكس حسب قوله، فإن مصر قد تلعب دوراً مهماً في إنجاح خطته، للتخلص من حكم حماس التابع للإخوان المسلمين في القطاع، فخلافات بين "نتنياهو" و"ليبرمان"، في الموضوع والعلاقات مع مصر، ومن أسباب هذه الخلافات تغيير الوضع العسكري في سيناء، ما يتعارض مع ما جاء في اتفاقية كامب ديفيد، مع أن الحكومة الإسرائيلية تعترف بأن العلاقات بينها وبين مصر، في أحسن حالاتها، لكن هذه العلاقات بين صعود وهبوط، وهي ترتكز في الأساس على التعاون الأمني، وهو هاجس إسرائيل الدائم، فقد وافقت إسرائيل، على أن تتجاوز مصر اتفاقيات كامب ديفيد، وتدخل قوات برية وجوية محظور دخولها إلى سيناء، وفقاً للاتفاقية، لكن مصلحة إسرائيل في إبعاد الإرهاب في سيناء عنها، كان السبب وراء موافقتها وليس حباً بالقاهرة.
الزيارة التي قام بها وزير الخارجية المصري "سامح شكري"، إلى إسرائيل أشعلت خلافات أخرى بين "نتنياهو" ووزير جيشه "ليبرمان"، وهذه الخلافات تتعلق برسم سياسة العلاقات بين البلدين، وتغيير الوضع العسكري في سيناء، وهذا يتعارض مع الأمر الذي أصدره "ليبرمان" للجيش، الاستعداد لحسم المواجهة مع حماس في قطاع غزة، وإسقاط حكمها بأسرع ما يمكن وبشكل مطلق، في الوقت الذي تحاول فيه القاهرة، وتبذل الجهود لنزع فتيل الأزمة بين الجانبين، وإحياء مفاوضات السلام، في أعقاب دعوة الرئيس المصري للجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، بأهمية التوصل إلى حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية، فإن وجهة إسرائيل الحقيقية للحرب وليس للسلام.
لقد نشر موقع إسرائيلي عدة وثائق تؤكد أن إسرائيل تسعى لعرقلة المشاريع المصرية لتنمية سيناء، وأفادت تسريبات إسرائيلية، أن "نتنياهو" منع "ليبرمان" من الحديث عن سيناء، وبخاصة بعد موافقة إسرائيل على زيادة عدد الجنود المصريين، لمحاربة الإرهاب في سيناء، وهناك تشكيك إسرائيلي بقدرة مصر على محاربة الإرهاب، وتنفيذ مشاريع تنموية في سيناء.
لقد أكدت جريدة "هآرتس 11-7-2016"، أن الموضوع المركزي في زيارة وزير الخارجية المصري لإسرائيل، موضوع سد النهضة الإثيوبي والنيل، وتقول الجريدة: صحيح أن وزير الخارجية المصري ركز في مؤتمره الصحفي، على عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، وكرر الموقف القائل بأن حل الدولتين قابل للتحقيق، لكن ما لم يقل في مؤتمره الصحفي-حسب الجريدة- هو الذي يجب أن يثير الاهتمام، فسد النهضة الذي تنشئه إثيوبيا على النيل، يقلق مصر بشكل كبير، فإسرائيل التي لها تأثير كبير على إثيوبيا، يمكنها التأثير على التنسيق لتقسيم حصص المياه بشكل لا يضر باقتصاد مصر، وتقول "هآرتس"، بأن زيارة "شكري" فوراً بعد عودة "نتنياهو" من جولته الإفريقية، للاستماع لما استطاع "نتنياهو" تحقيقه مع الإثيوبيين أثناء زيارته، في موضوع مياه النيل، ويبدو حسب الجريدة، أن "نتنياهو" جلب بشرى جيدة من إثيوبيا إلى مصر في هذا الموضوع، وأنه رغم وجود تشعب في خارطة المصالح بين إسرائيل ومصر، تحتاج إلى سياسة إسرائيلية مرنة وحكيمة، رغم الفجوة الهائلة بين الحميمية في العلاقات الإسرائيلية-المصرية، وبين العداء المتواصل في الشارع المصري، وفي الإعلام المصري تجاه إسرائيل، وهذا أكثر ما يزعجها.
مدير دار الجليل للنشر والدراسات الفلسطينية