التركيبةالسكانية تلعب دوراً حاسماً في النمو الاقتصادي الخليجي

مؤشر الاثنين ٠١/أغسطس/٢٠١٦ ٢١:٥٩ م

دبي -
كشف أحدث تقارير البحوث الصادرة عن مجموعة اندوسويس لإدارة الثروات تحت عنوان: «تعليقات حول الاقتصاد الكلي – تقرير منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، أن التركيبة السكانية لدول مجلس التعاون الخليجي سوف تلعب دوراً حاسماً في نمو اقتصاد دول المجلس ومستقبل المنطقة. وفي سياق تعليقه على التقرير، قال كبير المحللين الاقتصاديين في مجموعة اندوسويس لإدارة الثروات الدكتور بول ويتِّروولد: «نستطيع طرح بعض الملاحظات المثيرة للاهتمام بخصوص دول مجلس التعاون الخليجي حين نربط ما بين التركيبة السكانية والأسواق المالية لتلك الدول. ويتيح لنا استبدال الأفق الاستثماري المرتبط بالدورة الاقتصادية بإطار زمني أطول ومهيكَل بشكل أكبر، استخدام متغيرات أخرى أمثال التكنولوجيا التي ترتبط بها الإنتاجية والطقس والتركيبة السكانية. ويتمثل الأمر اللافت في هذا الصدد في كون التركيبة السكانية تتيح لنا التمييز بين المناطق أو الدول، باعتبار أن تلك التي تشهد أعلى معدلات النمو السكاني منها، مرشحة أكثر من غيرها لتحقيق نمو اقتصادي».

معدل التبعية المالية

كما يتوجب على الدول مرتفعة النمو السكاني أن تتعامل مع ارتفاع معدل التبعية المالية للشباب الباحثين عن العمل من سكانها. وينطبق هذا الوضع بصفة خاصة على دول مجلس التعاون الخليجي التي يتفاقم فيها معدل التبعية المالية بسبب ارتفاع أعداد سكانها الشباب وما يفرضه ذلك من ضغوط على السكان المنتجين في تلك الدول. وتتمثل المشكلة التي سوف يتوجب التعامل معها بحلول العام 2050 في حدوث انفجار في أعداد السكان الذين تبلغ أعمارهم 65 سنة وأكثر.
ويتمثل السؤال الذي يطرح نفسه على مستوى الدول في معرفة ما إذا كانت الهجرة قادرة على تعويض تزايد أعداد السكان المسنّين. وكانت العديد من المنظمات الدولية أمثال منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية قد أثبتت أن تزايد أعداد السكان المنتجين يُعد أحد النتائج الإيجابية للهجرة. إلا أن الهجرة التي تبدو حلاً سهلاً إذا ما اكتفينا بجمع الأرقام، ولكن ذلك يتجاهل ضرورة إرساء علاقات اجتماعية تسير جنباً إلى جنب مع وصول المهاجرين. ومن هنا تتضح لنا عدم واقعية الاعتقاد بأن الهجرة سوف تكون بمعدلات تكفي لضمان استقرار معدلات التبعية المالية. إضافة إلى ذلك، إذا ما تم اعتماد هذا الحل على مستوى الدول أو المناطق، فمن البديهي أنه لن يكفي لمعالجة مشكلة تراجع معدلات الولادات على المستوى العالمي.

استخدمت أداة الهجرة

وأضاف ويتِّروولد قائلاً: «من الواضح أن دول مجلس التعاون الخليجي استخدمت أداة الهجرة على نطاق واسع. إذ إن عدد سكان المملكة العربية السعودية على سبيل المثال يبلغ 28 مليون نسمة يشكل المهاجرون أكثر من 30 % منهم. وفي ضوء بلوغ معدل السكان الذين تقل أعمارهم عن 25 سنة 47 %، تتميز المملكة بكونها دولة تتمتع بتركيبة سكانية شابة وسريعة النمو. من ناحية أخرى، تُعد الهجرة ومعدل الخصوبة المرتفع للمرأة السعودية والذي تبلغ نسبته 2.1 طفل للمرأة الواحدة من أبرز أسباب هذا النمو السكاني. ورغم أن نسبة السكان الوافدين إلى المواطنين السعوديين أعلى منها في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلا أن نسبة اعتماد سائر دول مجلس التعاون الخليجي على القوى العاملة الوافدة أعلى بكثير من نسبتهم في المملكة. ورغم أن نسبة الوافدين بلغت 80 % من سكان دولتي الكويت وقطر عام 2010، إلا أن تلك النسبة بلغت 42.7 % من عدد سكان جميع دول المجلس عام 2010 مقارنة مع 9.7 % عام 1973».

توفر فرص العمل

ويواصل ويتِّروولد قائلاً: «تتمثل إحدى أبرز المشاكل في هذا السياق في حقيقة أن القطاع النفطي لا يحتاج إلى أعداد كبيرة من القوى العاملة وأن الكثيرين من المواطنين الخليجيين لا يرغبون بالعمل في الوظائف التي تشغلها القوى العاملة الوافدة. إلا أنه بعد أن استثمرت دول الخليج أموالاً طائلة في تطوير تعليم مواطنيها، يتوجب عليها الآن أن توفر فرص العمل التي يطمح إليها خرّيجوها الجامعيون، وأن تعمل بصورة عامة على تخفيف وطأة ظاهرة عدم تطابق مهارات مواطنيها مع فرص العمل المتاحة فيها».

ظاهرة شيخوخة السكان

ورغم أن جميع الدول تعاني من ظاهرة شيخوخة السكان، إلا أن هذه الظاهرة لا تشكل العامل الوحيد المؤثر في توجهات أسواق الأسهم العالمية. إذ إن وجود إمكانيات نمو أكبر يسير جنباً إلى جنب مع ارتفاع العائد على رأس المال وبغض النظر عن الأدوات الاستثمارية المعتمدة. وإذا تزامنت ظاهرة الشيخوخة السكانية مع تراجع احتمالات النمو الاقتصادي، فمن الطبيعي أن يؤدي ذلك إلى انخفاض عائدات الاستثمار في الأسهم. كما أن الخيارات التي تعتمدها كل مجموعة سكانية في تكوين محافظها الاستثمارية تؤثر أيضاً في تحديد القيم السوقية لتلك الأسهم، وحيث إن الأفراد يدخرون أموالهم بشكل ملحوظ عبر الاستثمار في الأسهم طوال فترة عملهم، فإنهم يميلون إلى شراء الأسهم إلى أن يبلغوا سن التقاعد ليبيعوها بعد ذلك السن.

العلاقة التبادلية

واختتم الدكتور بول ويتِّروولد قائلاً: «نستطيع القول في هذا السياق إنه كلما كانت نسبة السكان العاملين من إجمالي السكان أعلى كلما كانت نسبة السعر- العائد أعلى. وعلى افتراض ثبات العوامل الأخرى، يمكننا القول في هذا الصدد أنه من المتوقع أن تؤثر التركيبة السكانية في أسعار الأسهم خلال العقود المقبلة. لكن هذه العلاقة التبادلية تبدو أقوى في الولايات المتحدة الأمريكية التي تعاني بشكل أقل بكثير من ظاهرة الشيخوخة السكانية، ولكنها تبدو أضعف بكثير في الدول التي تعاني من تسارع تلك الظاهرة أمثال ألمانيا واليابان. ولم يتم بحث هذه الظاهرة بشكل متعمق في دول مجلس التعاون الخليجي فيما يعود سببه جزئياً إلى حقيقة أنه لا يتم تجميع المدخرات الاحترازية بنفس الطريقة المتبعة في الاقتصادات الأكثر نضوجاً».