حوار- ناجية البطاشية
الهواية حينما تتحول لهدف تصبح مرآة تعكس أهميتها لمن يمارسها في المجتمع، خاصة عندما تكون الممارسة عن وعي وإدراك لقيمة الهواية وكيفية الاستفادة منها لتصبح طريقا يتم من خلاله إبراز القدرات والإمكانيات المختلفة التي تكبر بقدر الأحلام ذات الواقعية لتتحول الهواية من ممارسة للترفيه إلى بصمة في الحياة تنسب لصاحبها.
هواية ركوب الدراجة الهوائية رغم انتشارها بين الكثير من أطفالنا بل حتى بين البعض من شبابنا دائما كانت توضع تحت مجهر الهواية التي لا تخلو من المخاطر وذلك بسبب قلة وعي من يمارسها بالطرق غير الآمنة والتي قد يذهب ضحيتها ذاك الطفل أو الشاب إن تجاوز حدود الأمان أثناء ممارسته لها.
ولكن "حسين بن علي داد البلوشي" البالغ من العمر 23 عاما قرر أن يغير هذا المفهوم ليسلط الضوء على الجوانب الإيجابية لهواية ممارسة ركوب الدراجة الهوائية عن طريق تجربة قطع المسافة من محافظة مسقط وبالتحديد من ولاية السيب إلى مدينة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، ليصنع الفرق بل يكون ضمن الذين لديهم طموح تحويل الحلم إلى واقع...
حوارنا الآتي مع "البلوشي" فضاء رحب من التحدي الذي لم تقف عنده لا حدود ولا عراقيل لإكمال حلم توج بالتحقيق لمستقبل واعد...
تحقيق الحلم
* يا ترى ما الدافع وراء رحلتك من مسقط لدبي بدراجة هوائية؟ ومن أين استوحيت هذه الفكرة؟
* جاءتني فكرة رحلتي الطويلة من مسقط لدبي بعد مشاهدتي للرحالة السعودي (عمر العمير) الذي قطع مسافة 3000كم وزيارة جميع دول الخليج بواسطة دراجة هوائية متنقلا بها من بلد لآخر بكل همة ونشاط لتكون له بصمة وتجربة ستدون في تاريخ حياته. فمن هنا قررت أن أسير على جزء بسيط من هذا الدرب من خلال اعتمادي على نفسي بعدما رفض العديد من الزملاء في الهواية مرافقتي بحجة أن المسافة طويلة جدا، وستواجهنا العديد من الصعاب ولم نتعود سابقا على قطع مثل هذه المسافات الطويلة التي تصل للمئات من الكيلومترات، ولهذا فقد اعتبرت تجربتي هذه تحديا بيني وبين زملائي الذين لم يستوعبوا الفكرة وأغلبهم لم يوافق عليها وأصررت على تحقيق هذا الهدف واجتهدت للحصول على الدعم من القطاع الخاص فكانت المساندة المادية من شركة (سحر الرمال) التي كانت المشجع الأول بكل أعضائها لي للسير قدما نحو تحقيق حلمي.
* متى انطلقت رحلتك؟
* انطلقت رحلتي من مسقط (الحيل الجنوبية) يوم 26 ديسمبر من العام الفائت 2015 الساعة 11:45 مساءا وكان وصولي لوجهتي (القصيص3) دبي بتاريخ 30 ديسمبر الساعة 12:15 صباحا، حيث استمرت الرحلة على مدى 5 أيام تقريبا. وهذه الرحلة كانت سببا لتأصيل إيماني بقدراتي، والإصرار على تحقيق الحلم.
حلقة متصلة
* منذ متى وأنت تمارس هواية ركوب الدراجة الهوائية؟
* أنا في الوقت الحالي طالب في كلية التقنية العليا تخصص هندسة ميكانيكية، ولدي العديد من الهوايات كالتصوير الضوئي _التخييم _الغطس الحر ورياضة ركوب الدراجات الهوائية، وكل هذه الهوايات متصلة ببعضها البعض ولذلك فرغم ممارستي لهذه الهواية منذ فترة طويلة إلا أنني وجدت أن أي هواية يمارسها الشخص منا لا بد وأن تكون محاطة بهوايات أخرى تكون متصلة بها كنوع من التجديد والمرح بشكل أفضل حتى لا تؤدي إلى الممل وإنما تؤدي لتطوير نفسك عن طريق هوايتك. فأنت عندما تريد التخييم في مكان ما فالدراجة هي وسيلة التجوال، كما أن الاحتفاظ بالذكريات أمر ضروري عن طريق توثيق الرحلة بالتصوير وبالتالي فالمسألة بالنسبة لي "حلقة متصلة" جعلتني أحافظ على هوايتي إلى يومنا هذا وأحاول دائما تطويرها بالشكل الذي يضيف لحياتي ويصقل تجاربي فيها.
بلادنا ثرية
متى بالتحديد كانت لك أول تجربة لقطع المسافات الطويلة عن طريق الدراجة الهوائية؟*
* الحقيقة، أنا من المؤمنين جدا بأهمية البدايات للانطلاق لعالم أرحب، لأن البداية في أي أمر هي نقطة الخروج من مرحلة لمرحلة أكثر رحابة ولذلك فبدايتي الفعلية للمسافات الطويلة كان منذ 4 سنوات بالتحديد، وذلك عن طريق القيام برحلات اسبوعية الى مناطق مختلفة في محافظة مسقط والمحافظات الأخرى وهذه الرحلات كان لها أكبر الأثر على صقل الكثير من الجوانب في شخصيتي وفي هوايتي هذا من جانب، ومن جانب آخر فالرحلات تزيدك معلوماتك موثقة عن المناطق المختلفة في بلادك حيث تتعرف على الكثير من المعالم والتفاصيل ذات الثراء الذي تتميز به السلطنة فهذه التفاصيل أو المعالم تستحق الزيارة منا نحن أبناء هذه البلاد المتخمة بالتراث والثقافة والتاريخ العميق.
الخروج من محدودية الممارسة
* هل هناك طرق معينة اتبعتها لتطوير هوايتك من خلالها؟
* نعم، فبفضل التقانة الجديدة في حياتنا التي نعتبر أنفسنا -نحن جيل اليو محظوظون بها- كنت أجمع المعلومات المختلفة عن هذه الهواية من خلال اعتمادي على البرامج المتنوعة في المواقع المختلفة واليوتيوب والتي تهتم برياضة ركوب الدراجات الهوائية، لأنني أسعى من خلال إطلاعي ومعرفتي للخروج من محدودية الممارسة إلى مساحة أكثر والإضافة في حياتي، والحمد لله استفدت الكثير من خلال سبر أغوار هذه الرياضة لأهميتها عالميا.
عامل للتوفير
* ما أهم القناعات التي استخلصتها من خلال ممارستك لهواية الدرجات الهوائية؟
* أولا الدراجة الهوائية تعتبر صديقة للبيئة في زمن أصبح التلوث في حياتنا من سلبيات تحضرنا للأسف. ثانيا: رياضة الدرجات الهوائية تعزز اللياقة والصحة لدى ممارسيها. كما أنها تعتبر عاملا مهما في الوقت الحالي للتوفير في بنزين السيارة والتنقل بأريحية خاصة في المشاوير القصيرة والنزهات القريبة من المنزل.
توفير مسارات خاصة
* أهم الصعوبات التي واجهتها أثناء رحلتك؟
* الصعوبة الوحيدة التي واجهتني كانت في ايجاد مكان مناسب للتخييم حيث إنني اضطررت إلى قطع مسافات إضافية للتخييم على رمال الشواطئ. ولذلك في مثل هذه الرحلات أنصح من لديهم نية لقطع مثل هذه المسافات البعيدة محاولة الابتعاد عن الطرق المزدحمة والاخذ باحتياطات السلامة حتى في اقصر الرحلات.
* وأخيرا، ما أهم التحديات التي تواجه هواية الدرجات الهوائية؟ وكيف يمكن تطوير هذه الرياضة؟
* عدم توفر مسارات خاصة لممارسي هذه الهواية، وندرة المحلات المتخصصة للمحترفين في مجال رياضة الدراجات.
يمكن تطوير رياضة الدراجات الهوائية بتخصيص مسارات لها واقامة البطولات التي تعزز هذه الرياضة وتزيد من وعي المجتمع بأهميتها.