مسقط -ش
لايزال النمط السائد في التدريس في معظم مؤسسات التعليم العالي مثقلاً بطابع التلقين. فدور الطالب يقتصر على التلقي والحفظ لمقررات دراسية مأخوذة من كتب منهجية في مختلف التخصصات سواء كانت العلمية منها أو الإنسانية، وتؤكد الدراسات في مرحلة التعليم العالي أن أسلوب التلقين لا يمنح المتلقي الطالب المعارف العلمية المتخصصة التي ترسخ في ذهنه. فإن أسلوب التعليم الحديث يركز على دور الطالب في البحث والمتابعة سواء في المحاضرة النظرية من خلال الحوار والفهم أو من خلال التطبيق العملي للمادة النظرية التي ساهم الطالب في تجميع مادتها من مصادرها، كما يركز على أسلوب الحوار والتواصل بمشاركة الطلبة في حوار يطور موضوع المحاضرة النظرية والاستغناء عن التلقين بإسلوب المحاضرة التي تلقى على الطلبة وهم مستمعون فقط.
من هنا فإن الكليات التقنية وفي التخصصات الهندسية تتبنى الأسلوب الحديث كمبدأ أساس لطرق التدريس ووضعت برنامجا واقعيا بالانسجام مع متطلبات سوق العمل للتخصصات المهنية المطلوبة، يعتمد على التقدم المرحلي للطالب ومدى ما يحققه من التقدم وفقا لمنهج ارتقائي يتم من خلاله الانتقال التدريجي من مرحلة إلى أخرى.
وينفذ التعليم الهندسي التقني بإسلوب تكاملي بين المادة النظرية وتحويلها إلى واقع عملي لتزويد الطالب بالخبرة في فهم المادة العلمية التي ينفذ تطبيقها أو تجربتها في الأجهزة المختبرية، مع التعامل الآمن السليم مع المواد والآلات والأجهزة المختبرية، بقدر ما يكون الطالب قد فهم المادة النظرية فإن تجربتها أو تطبيقها عمليا تؤكد رسوخها في أذهان الطلبة.
لذلك فإن الكليات التقنية في الأقسام الهندسية تنهج في برامجها وتخصصاتها أسلوب التعليم التطبيقي الذي يزود الطالب بمهارات التلقي المؤكد للمادة العلمية التي ستكون حصيلته العلمية في حقل الاختصاص عند تخرجه وانخراطه في وظيفته أو مهنته تتطلب المعرفة والخبرة الهندسية المتخصصة.
كما أنه يوثق العلاقة بين المحاضر وطلبته من خلال إدراك الطالب أن المواد التي يدرسها ويتعلمها ستكون حصيلته المهنية التي يرجع فضل تعلمها للمحاضرـ المهندس المتمكن من نقل المعرفة إلى طلبته تطبيقيا من خلال المختبرات والمعامل التي يتلقى فيها الطالب تطبيقات للمواد النظرية.
ويوضح التعليم التقني الهندسي مدى إمكانية تحويل المادة النظرية في المناهج الدراسية كافة إلى مادة تطبيقية ومتطلباتها من المواد الأجهزة المختبرية والآلات المكملة، وبما أن معظم المقررات التي يدرسها الطالب كانت قد وضعت أصلا بالتنسيق مع القطاع الخاص وسوق العمل، فإن الجانب التطبيقي لتدريس تلك المقررات التخصصات الهندسية يتم تنفيذه من قبل ذات المحاضرين الذين ساهموا بوضع مادة المقرر الدراسي وعملوا من خلال لجان مشتركة مع خبراء القطاع الخاص لتوفير الأجهزة المختبرية وموادها والآلات المساندة في الورش بالمواصفات المطلوبة.
كما يتضمن النظام المرحلي لارتقاء الطالب من مستوى دراسي لمستوى أعلى استنادا إلى إنجازه وتطوره، ساعات تدريس تطبيقية تتصاعد كما ونوعا مع المقرر الدراسي في حقل الاختصاص، الذي يؤهله لاجتياز الامتحانات النهائية وفق متطلبات المادة التطبيقية، حيث تجدر الإشارة إلى أن هدف التعليم التقني الهندسي هو إعداد الطالب وتأهيله بمستوى متطلبات مختلف المهن الهندسية، لكي يتمكن خريج التعليم التقني من الأقسام الهندسية في الكليات التقنية من الدخول لسوق العمل بمؤهلات تنافسية لينال فرصة عمل تناسب تخصصه ومؤهلاته.
وتعتبر الأقسام الهندسية في الكليات التقنية السبع من بين البرامج التقنية التطبيقية التي صممت اختصاصاتها ومناهجها لتلبية متطلبات سوق العمل من القوى العاملة الوطنية المؤهلة، وتشمل الهندسة الميكانيكية، وهندسة النفط والغاز، وهندسة التبريد والتكييف والهندسة المدنية، ومسح الكميات، والرسم الهندسي، وهندسة القوى الكهربائية، وهندسة الحاسب الآلي، وهندسة الاتصالات، وتحرص المديرية العامة للتعليم التقني بوزارة القوى العاملة أن يأخذ الجانب التطبيقي ــ العملي 70% من مجموع حصص التدريس في الكليات التقنية.
وسواء في كلية الهندسة بجامعة السلطان قابوس أو في الأقسام الهندسية في الكليات التقنية فإن تلك التخصصات ومناهجها وتطبيقاتها صيغت لتلائم الاحتياجات من الوظائف والمهن في سوق العمل، فالقطاع الخاص كان دائم الحضور في مجالس الأقسام الهندسية للمساهمة في وضع التخصصات الأكثر ملائمة لسوق العمل واحتياجاته.