مارك رو
ألقى جيب هينسارلينج، الرئيس الجمهوري للجنة الخدمات المالية في مجلس النواب الأميركي، خطابا مسهبا الشهر الماضي في النادي الاقتصادي في نيويورك، اقترح فيه إصلاح التنظيم المالي في الولايات المتحدة. وقد ألقى هينسارلينج اللوم على القائمين على التنظيم وأعفى أهل وال ستريت من المسؤولية في ما يتصل بالأزمة المالية؛ وأدان عمليات إنقاذ البنوك الممولة من الحكومة؛ واعتبر تشريع دود-فرانك للإصلاح المالي لعام 2010 استيلاء على السلطة، ودعا إلى زيادة الإشراف من قِبَل الكونجرس على مجلس الاحتياطي الفيدرالي.
الواقع أن أغلب مقترحات هينسارلنيج ــ برغم كونها مدعومة الآن من قِبَل وثيقة حزبية صادرة عن اللجنة المصرفية في مجلس النواب فضلا عن مراجعة داعمة نشرت في وال ستريت جورنال ــ غير قابلة للتنفيذ سياسيا. (يتطلب إقرارها الحصول على 60 صوتا في مجلس الشيوخ وتوقيع رئاسي). وقد قوبلت بالفعل بانتقادات حادة من قِبَل الديمقراطيين باعتبارها شديدة الخطورة ومناصِرة للبنوك ــ وهذه هي حقيقتها إلى حد كبير. ومع هذا فإن إحدى أفكار هينسارلينج تستحق الاستكشاف: فهي تتلخص في سلوك "طريق فرعي"، على حد تعبيره، من تشريع دود-فرانك للبنوك، والذي من شأنه أن يزيد من رأسمالها المتاح تلقائيا.
اسمحوا لي بالعودة إلى الأساسيات لبعض الوقت. تضمن الحكومات الودائع المصرفية لأن أي إفلاس مصرفي قد يلحق الضرر باقتصاد البلاد. ويخلق هذا خطرا أخلاقيا، إذ تتراخى البنوك، التي تسعى إلى تحقيق مكاسب كبيرة لحاملي الأسهم، في إدارة ما يتحول فعليا إلى أموال عامة. ويشعر القائمون على البنوك بارتياح عندما يخوضون مجازفات كبرى، لأنهم إذا خسروا فما عليهم إلا أن يسلموا البنوك إلى الحكومة لكي تسدد مستحقات المودعين وغيرهم من الدائنين. وإذا كسبوا فإنهم يحتفظون هم والمساهمون بالثروة.
يستخدم القائمون على التنظيم تدبيرين رئيسيين للتخفيف من خوض المجازفات على هذا النحو: فهم يلزمون البنوك بالاحتفاظ بالمزيد من رأس المال والإبقاء على الاستثمارات والقروض والعمليات أكثر أمانا (وربما أقل ربحية) مما تريد لها البنوك أن تكون. ولأن هاتين الطريقتين التنظيميتين المركزيتين تحققان نفس الغاية، فمن الممكن نظريا المبادلة فيما بينهما ــ فمن الممكن أن يضع القائمون على التنظيم متطلبات رأس المال للبنوك عند مستوى مرتفع للغاية، أو يمكنهم تحديد مدى مخاطرة البنوك عند مستوى منخفض للغاية. ويوظف القائمون على التنظيم بعض الشيء من كلا الأمرين في الممارسة العملية، لأنهم لا يستطيعون أن يستخدموا أيا منهما بكفاءة تامة.
يبني اقتراح هينسارلينج الذي يقضي بسلوك طريق فرعي على هذه المقايضة، فيعطي البنوك قدرا أكبر من الحرية في تقرير ما إذا كانت تريد الحد من المخاطرة أو زيادة رأس المال. وينبغي للتنظيم الأساسي أن يتألف من مزيج نموذجي من كلا الأمرين، ولكن البنوك من الممكن أن تختار منفردة متطلبات رأسمالية أعلى كثيرا في مقابل السماح لها بالدخول في استثمارات وعمليات أكثر خطورة. بعبارة أخرى، تستطيع البنوك أن تقلل من القيود التي يفرضها أحد التدبيرين التنظيميين في مقابل إحكام قيود التدبير الآخر.
وهو تصور سليم من الناحية النظرية. ولكن هناك مشاكل تحيط باقتراح هينسارلينج كما فصله. وهي ليست مشاكل بسيطة.
فأولا، النسبة من رأس المال التي يعتزم هينسارلينج أن يلزم بها البنوك التي تتخذ الطريق الفرعي منخفضة للغاية، عند مستوى 10% من إجمالي الأصول. صحيح أنها أعلى من المستويات الحالية، ولكنها ليست مرتفعة بالقدر الكافي لضمان سلامة البنوك.
لقد تبين لكل من مجلس الاستقرار المالي وصندوق النقد الدولي أن العديد من البنوك التي كانت مهددة خلال الأزمة المالية في الفترة 2007-2008 كانت لتحتاج إلى ضِعف مستويات اليوم من رأس المال حتى تتمكن من البقاء سالمة. وإذا كان لاقتراح هينسارلينج أن ينفذ، فلابد أن تكون هذه المستويات أعلى الآن، وذلك نظرا لخفض قيود تنظيم المخاطر. وفقط من خلال زيادة كبيرة في رأس المال ــ إلى مستويات "الصدمة والرعب" ــ يصبح بوسع البنوك ومديريها التنفيذيين أن يدركوا أنه ليس في مصلحتهم أو مصلحة المساهمين، في غياب التعليمات التنظيمية، أن يفرطوا في خوض المجازفات.
أستاذ في كلية الحقوق بجامعة هارفارد.