المجتمع المدني والتفاعل مع القضايا الاقتصادية

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ١٩/يوليو/٢٠١٦ ٠٠:٢٩ ص
المجتمع  المدني والتفاعل مع القضايا الاقتصادية

محمد محمود عثمان

قضايا الوطن عندما يتفاعل معها المجتمع المدني تبرز أهم التحديات الفعلية وخاصة المشاكل الاقتصادية، التي تطرح من خلالها أهم الحلول الممكنة من وجهة نظرها ، وهى وإن كانت تمثل رؤية غير ملزمة ، إلا أنه يمكن الاستفادة منها باعتبارها تعبير عن رأي وتصور المواطنين فيما يخص مشاكل وقضايا تؤثر على مستقبل الوطن ، وسوف نتناول أجزاء من تقريراقتصادي جيد صدرعن" سبلة بيت الخنجي " باعتبارها كمنظمة مجتمع مدني ، حيث تناول التقرير الذي شارك فيه ،عدد من المسئولين وأصحاب الأعمال والباحثين الاقتصاديين والإعلاميين وممثلين لأطياف المجتمع المختلفة ، وتناول القضية الأهم التي تواجه السلطنة و استقرارها الاقتصادي والاجتماعي في الوقت الحاضر، وهي الانخفاض الكبير وغير المتوقع لأسعار النفط والذي يؤثر بشكل كبير على الموازنة العامة للدولة ، وما يترتب عن ذلك من بعض الآثار الاقتصادية والاجتماعية كتعرض العملة الى ضغوطات كبيرة قد تضطرمعها الحكومة إلى إعادة تقييم سعر الصرف ، وسيما أن الاوضاع الاستثنائية الناتجة من انخفاض أسعار النفط ، تعتبر من أخطر الفترات التي تؤثر في اقتصاد السلطنة
، ومن أجل تفادي الوقوع في مثل هذه الظروف عمدت السلطنة إلى التخطيط المتوسط وبعيد المدى لتنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على النفط كسلعة وحيدة للإيرادات الحكومية، وكانت الخطة الخمسية الأولى 1976- 1980 هي باكورة هذه الخطط ومن ثم تبعتها رؤية عمان 2020 والتي بدأت في عام 1996، وكان ذلك بداية الانطلاق لمستقبل واعد للاقتصاد العماني؛ من خلال تبني قواسم مشتركة في جميع الخطط تتمثل في العمل على تنمية مصادر جديدة للدخل القومي، وزيادة الاستثمارات في المشروعات المغلة للدخل و الموفرة لفرص العمل، ودعم النشاط التجاري المحلي ، واستكمال مقومات قيام نشاط اقتصاد وطني حر يرتكز على القطاع الخاص على أساس المنافسة الحرة البعيدة عن الاحتكار ، ثم إيجاد جيل جديد من العمانيين ليقوموا بواجبهم في بناء البلاد و الإحلال محل العمالة الوافدة، ولكن على الرغم من الإنجازات الضخمة التي تحققت للسلطنة في شتى المجالات؛ إلا أنه عبر أغلب الخطط الخمسية كانت الرغبة تزداد في الإنفاق ، مع ارتفاع أسعار النفط أوتتجه البوصلة إلى اتجاهات مختلفة، وهذه السمة الأبرز منذ الخطة الاولى 1976-1980 ، وصولا إلى الخطة الخمسية الثامنة 2011- 2015،
وأوضح تقرير"سبلة الخنجي" أن هذه الخطط لم تلتزم بهذه القواسم وانحرفت عن مسارها الذي يتمثل في عدم الرغبة في الإلتزام وغياب المقاييس ، كميةً و نوعيةً، أثناء تنفيذ الخطط الخمسية و عدم وجود جهة رقابية مستقلة تمتلك أدوات التحليل لقياس الموشرات الكمية و النوعية، و افتقاد الشعور بالمسؤولية و عدم الإحساس بالإنتماء إلى الخطط و البرامج أثناء التنفيذ، ولذلك ساورنا القلق جميعا بأن الأهداف الكلية لم تجد طريقا للتحقيق؛ بسبب الضعف الذي رافق السياسات و الاستراتيجيات والخطط الموضوعة والتشابك بين العام و الخاص و بين الجهات التشريعية والتنفيذية وغياب المقاييس للتحليل الكمي و النوعي و أيضا غياب مبدأ الثواب و العقاب، وعلى سبيل المثال إذا نظرنا إلى الخطة الخمسية الثامنة 2011- 2015 ، فإننا سنلاحظ أن الخطة افترضت متوسط الإنتاج للنفط خلال السنوات الخمسة ، 897 ألف برميل في اليوم كمعدل للسنوات الخمسة، كما اعتمدت سعرا متوسطا لبرميل النفط يبلغ 59 دولارا ، واستهدفت الخطة إيجاد 200 - 250 ألف وظيفة جديدة للعمانيين، أي بواقع بين 40 الف و45 الف وظيفة سنويا، ورغم أن الإنتاج النفطي قد زاد عن المخطط له وكذلك سعر البرميل ، كان من المفترض تحقيق فوائض كبيرة،
إلا أن النتائج أتت بالعكس تماما ، وأنه مع أهمية دورالقطاع الخاص ليكون شريكا للحكومة في التنمية وتنويع مصادر الدخل إلا أن دوره كان أقرب إلى التبعية عن المشاركة وذلك بسبب تداخل المصالح والبيرقراطية وضعف التنسيق بين القطاع الخاص و الحكومة ، وأنه رغم كل الدعوات بضرورة التنويع الاقتصادي وما تحقق في هذا الجانب إلا أنه ما زال دون الطموح ولم يصل إلى ما دعت إليه الرؤية المستقبلية عمان ٢٠٢٠ ،وما زال النفط هو المصدر شبه الوحيد للدخل، حيث انحرفت الخطة عن مسارها وزادت المصروفات بشكل غير طبيعي، و لاسيما المصاريف الجارية التي تشكل الرواتب و الأجور عمودها الفقري، وخلص التقرير إلا أنه لقد أصبح من الضروري في المدى القصير البدء فورا في تقليل العجز في الموازنة العامة للدولة و تخفيف الضغط على ميزان المدفوعات و تخفيض حجم الحكومة و الإصلاح الشامل للنظام التعليمي و التدريبي و مراجعة كل القوانين لتنسجم مع ذلك و تحديد القطاعات التي بجب التركيز عليها لتكون السلطنه مستعدة و المجتمع متقبلا لتحقيق الرؤية المستقبلية لعمان- عمان ٢٠٤٠- و بهذا نحقق التكامل و الثقه لنصل بعمان إلى ما يصبوا إليه أفراد المجتمع و الذي بدوره يتطلب تكريس الجهود الإعلامية لتوصيلها إلى كافة أفراد الوطن بصورة صحيحة