متى تتخلص الأمة من تفككها ؟

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٨/يوليو/٢٠١٦ ٠٠:٣٥ ص
متى تتخلص الأمة من تفككها ؟

ناصر اليحمدي

الظروف الراهنة التي تمر بها أمتنا العربية والإسلامية لا تسر حبيبا ولا صديقا بل تشرح صدر الأعداء فقط .. فالتفكك يدب في أوصالها والتقسيم يهددها من كل جانب .. والميلشيات المسلحة في بعض الدول العربية في ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب الأكبر والفتنة والانشقاق لأنها مشكّلة على أساس طائفي أو قبلي أو عرقي .. ودعاة الفوضى والطائفية ينعقون بأبواقهم في دولة تلو الأخرى ويسعون في الأرض خرابا ودمارا.
إن التحديات التي تحدق بالأمة العربية من كل صوب وحدب واضحة للعيان بدليل تصريحات مايكل هايدن مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية السابق الذي قال إن "العراق انتهى وسوريا لم تعد كما هي ولبنان في طريقه إلى التفكك وليبيا في خبر كان" ثم أضاف اليمن لهذه الدول الأربع مشيرا إلى أن التحديات تهدد وحدتها وأنها معرضة لخطر التقسيم والفوضى .. وهو ما يجعلنا نتساءل من الذي يسعى لنشر السيناريو الصومالي في دول الأمة العربية ؟.
بالطبع الجميع يعرف الخطط الصهيوأمريكية الخبيثة الرامية لتفتيت الدول العربية وتقسيمها على أساس ديني وعرقي حتى لا يقوم لها قائمة فيتسنى لدولة إسرائيل المزعومة أن تحقق الأمان الذي تصبو إليه .. فعلى سبيل المثال تنظيم داعش الإرهابي صناعة أمريكية الهدف منه تفكك الدول العربية بدليل سيطرته على مساحات متفرقة في العراق وسوريا وليبيا وانتشار مجموعاته المسلحة في اليمن ولبنان ومحاولاته المستميتة لإضعاف الجيوش العربية الوطنية وتفكيكها .. كذلك الدعوة لقيام جيوش غير نظامية مقسمة على أساس قبلي وعشائري ومذهبي .. كل هذه العوامل تشكل تهديدا حقيقيا للوحدة الوطنية والأمن القومي لأية دولة وتتسبب في تصدعات اجتماعية خطيرة تنشر الفوضى وتؤجج الصراع بين أبناء الجلدة الواحدة بصفة مستمرة وتدخل البلاد في دوامة عدم الاستقرار والحروب الداخلية الطائفية وتصبح مستباحة للتدخلات الدولية والإقليمية.
إن الظروف غير المسبوقة التي تعاني منها أمتنا العربية تضعها على المحك إما الانتكاسة والسقوط في بئر الهاوية أو النهوض ورد الاعتبار وعودة الريادة واستعادة الأمجاد .. فالوضع الراهن الذي تعيشه الأمة لم يعد يحتمل الصمت أو الشجب والتنديد أو الوعود البراقة التي تبقى حبيسة الأدراج ولا يتحقق منها شيء على أرض الواقع بل إن المنطقة تشتعل وتحتاج لمنقذ حقيقي يخرجها من أزمتها ويعيد لها الاستقرار والأمان.
قد يعتقد البعض أنه من الأولى أن يكون المنقذ هو جامعة الدول العربية التي تعتبر بيت العرب الأول والملجأ الطبيعي لأي دولة تعاني من أية مشكلة تحتاج فيها إلى دعم ومشورة أخواتها من البلاد العربية الأخرى رغم أنها لم تنصف أيا منها حتى الآن ولم تتخذ قرارات حاسمة تحل أية مشكلة أو تغير مصير بل كل ما شهدناه خلال اجتماعاتها السابقة مجرد ملاحم كلامية لا تسمن ولا تغني من جوع ولم ينفذ من ميثاقها سوى بعض البنود المتواضعة التي لا ترقى لتحقيق الوحدة المنشودة إلا أن هذا لا يعني أنه قد آن الأوان لتفعيل دورها الذي أنشئت من أجله والسعي لتوحد الرؤى والمواقف بين أعضائها.
إن ما تعانيه بعض الدول العربية بمثابة الزلازل التي تهز الأمن فيها بدرجة تفوق خطورة الغزو الخارجي وأقل ما توصف به أنها كوارث لأنها تريق الدماء البريئة في طرقات الشوارع مما قد تنذر بوقوع حروب أهلية .. إن أنظار وقلوب الشعوب العربية متجهة صوب جامعة الدول العربية وتعقد عليها الكثير من الآمال في تحقيق الاستقرار والأمن في جميع البلدان المختلفة ووقف نزيف الدماء العربية الطاهرة التي تراق من أجل تحقيق مطالب مشروعة.
نتمنى أن يفلح العرب في الخروج من مأزقهم وأن تنعم الأمة العربية بالأمن والأمان والاستقرار وتعود خير أمة أخرجت للناس.

* * *
محاولات مصرية كالحرث في البحر
زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري الأخيرة لإسرائيل كانت محاولة من الشقيقة مصر لتحريك المياه الراكدة في القضية الفلسطينية المعقدة وإعادة حل الدولتين إلى الظهور على السطح مرة أخرى كخيار أساسي لإقرار السلام المنشود في المنطقة .. فهذا الاقتراح المتجدد بين فترة وأخرى أصبح مطلبا ملحا لتحقيق التسوية العادلة .. لكن السؤال الذي يفرض نفسه هل تستطيع مصر أن تحرز تقدما في هذا الملف وهل ستستجيب إسرائيل ؟.
بالتأكيد ستواجه مصر عدة عقبات وحوائط صد أهمها تزايد أعداد المستوطنات التي تقيمها دولة الاحتلال لنهب الأراضي الفلسطينية وتحول دون وجود حدود محددة للدولة الفلسطينية المنشودة .. إلى جانب النقاط الأخرى العالقة مثل عودة اللاجئين وحصول الدولة الجديدة على كامل السيادة بالإضافة إلى القدس التي ترفض إسرائيل تقسيمها ومنح الدولة الجديدة جزءها الشرقي عاصمة لها وبالتالي فإن المحاولات المصرية كالحرث في البحر.
عندما يتبنى أي طرف التدخل لحل المشكلة الفلسطينية يحدو كل عربي الأمل في أن يتوصل هذا الطرف لطريقة تخفف من معاناة الشعب الفلسطيني المحتل رغم معرفته جيدا أن إسرائيل لن تسمح بحل المشكلة لأنها المستفيد الأكبر من الوضع الراهن ولا تريد إنهاء الصراع بل تسعى لأن يزداد اشتعالا حتى تزداد تغولا وتجبرا .. فالتاريخ يثبت تباعا أنها تراوغ وتسوف وتعمل على كسب الوقت لتلتهم المزيد من الأراضي الفلسطينية فتؤول بالكامل لها ويصبح أمرا واقعا من الصعب تغييره وأنها منذ أكثر من عشر سنوات تسابق الزمن في البناء والتوسع الاستيطاني وهدم البنية التحتية الفلسطينية حتى لا يكون للشعب المحتل أي حقوق في أراضيه.
لاشك أن ما ساعد إسرائيل على اتباع هذه السياسة البغيضة هو التخاذل العربي والتقديم المستمر للتنازلات من قبل العرب والفلسطينيين .. فما الذي يجبر الدولة العبرية على قبول حل الدولتين وهي تحظى بدعم القوى العظمى ومعظم أسرة المجتمع الدولي وسط صمت العرب وتناحر الفصائل الفلسطينية ؟.
لم يعد أمام الفلسطينيين سوى الوحدة وعلى العرب توحيد القوى وممارسة ضغط عالمي لإخضاع إسرائيل للانصياع لمبادئ الشرعية الدولية فلابد أن يكون هناك خطوات حازمة وسريعة لا تعطي فرصة لبني صهيون كي يتمادوا في سيطرتهم على الأراضي المحتلة وتعيد الحقوق لأصحابها الحقيقيين.

* * *
من فيض الخاطر
كل إنسان لديه الكثير من الأحلام والطموحات والأهداف التي يتمنى تحقيقها ويحولها إلى واقع ملموس يعيش فيه الأيام المتبقية له في هذه الدنيا بسعادة .. والسؤال الذي يفرض نفسه كيف يمكن للإنسان أن يحول أحلامه إلى حقيقة وواقع معاش ؟.
لاشك أن الإرادة القوية كفيلة بتحقيق النجاح للإنسان .. فالإرادة كنز يهبه الله سبحانه وتعالى لمن لديه الرغبة الحقيقية في تحقيق أحلامه .. فهي تمنح الإنسان دفعة لعدم الاستسلام للفشل واليأس لأنه يدرك أن لا شيء مستحيل أو غير ممكن .. وتعطيه الأمل والتفاؤل للمحاولة المرة تلو الأخرى حتى يتحقق له ما يربو إليه من أهداف بكل ثقة واقتدار بشرط مشروعية هذه الأهداف حتى ينال سعادة الدارين.
ولاشك كذلك أن حب الله تعالى والتقرب منه هو الأساس في تحقيق الأحلام لأنه القادر على إعانة الإنسان دوما لما يصبو إليه .. كما أن هناك عدة عوامل يفضل أن يكتسبها الإنسان حتى يكتمل هذا النجاح منها التسامح مع الآخرين وأن يكون عطاؤه للآخرين غير مشروط إلى جانب الاهتمام بالصحة وأن يحسن علاقته الأسرية ويعمل على أن يكون متميزا في عمله بكل السبل بتنمية مهاراته العملية كتعلم اللغات والكمبيوتر .. والأهم هو ألا يضع أهدافا سحرية بل أهدافا مبسطة يحققها الواحدة تلو الأخرى بحسب الأهمية.
عزيزي القارئ .. لكي تحقق هدفك يجب أن تتحلى بصفات أولها الأمل والتفاؤل ثم الصبر وعدم التعجل في تحقيقه وثالثا بذل شديد الجهد لتحقيقه ثم القدرة على تخيل تفاصيل الهدف والتوكل على الله لأن الأمر بيده .. مع تحويل الهدف الكبير لأهداف مرحلية لأن النجاح في تحقيق أي من هذه الأهداف سوف يبرق الأمل أمامك ويقترب حتماً.

* * *
آخر كلام
يقول الكاتب العربي الكبير أنيس منصور «انظر إلى أصابعك عندما تتهم إنسانا، إن إصبعا واحدا يشير إلى هذا الإنسان وأربعا تشير إليك أنت!».