الوحدة الوطنية ..سياج التنمية.

مقالات رأي و تحليلات السبت ١٦/يوليو/٢٠١٦ ٢٣:٥٩ م
الوحدة الوطنية ..سياج التنمية.

على بن راشد المطاعني.

في حياة الأمم و الشعوب أياما لها تاريخ، بل أياما صنعت التاريخ ، و يعد يوم الثالث و العشرين من يوليو المجيد في حياة الشعب العماني يوما صنع التاريخ و المستقبل معا، ففي هذا اليوم المجيد هب الشعب العماني كالمارد العملاق خلف قيادته الحكية بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابو س بن سعيد المعظم - حفظه الله - يعيد بناء وطنا موغل في القدم، ساهم في صنع الحضارة الإنسانية و إثراء مجالاتها المتعددة ووضع بصمات ناصعة في جبين التاريخ مازالت ماثلة أمام الجميع تعكس حضارية هذا الشعب الأبي و ارثه الخالد و تواصله مع الامم و الشعوب .
ففي يوم الثالث و العشرين من يوليو المجيد في عام 1970 م، بتولي حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله - ‏أزاح الشعب العماني عنه دياجير الظلام ، و كسر أسوار العزلة مع العالم، و نفض غبار الجهل و الفقر، لينطلق نحو آفاق التقدم و التطور في سباق مع الزمن مختصرا المسافات في فترة وجيزة ، تقطعتها الأمم و الشعوب نحو التمدن و التحضر في حقب طويلة من الزمن .
وإذا كانت حياة الشعوب لا تقاس بعدد السنين و الأيام، وإنما تقاس بما حققته من تنمية و تقدم، فإن 46 عاما من عمر النهضة العمانية تعد قليلة في مسيرة الدول، لكنها كانت في حياة الشعب العماني تعني العمر كله، عمل خلالها الشعب العماني على بناء وطنا مترامي الأطراف من نقطة الصفرالى أن ما بلغه اليوم من التطور يضاهي تقدم دول سبقته الى هذه الميادين متجاوزا العديد من التحديات الجغرافية و الديمغرافية و الطبوغرافية و الايدولوجيات و غيرها من مخلفات الماضي الذي ابتلى به وطننا كغيره من الاوطان .
و لعل من أهم الإنجازات العمانية التي تحققت في العهد الزاهر بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله - الوحدة الوطنية التي ترسخت في السلطنة كاحد المهام العظيمة التي وحد خلالها البلاد من شمالها الى جنوبها و شرقها و غربها تحت الاسم التي تحمله البلاد "سلطنة عمان " ، فالوحدة الوطنية بلورها صاحب الجلالة كسياج للتنمية. ايمانا منه بان لا تنمية بدون وحدة وطنية متضافرة للبناء و التشيد ، و لا تنمية بدون ارضية صلبه تقف عليها، فبداء جلالته لملمة القلوب المتفرقة من ابناء الوطن تحت مظلة عمان ، و وحد اطراف البلاد المترامية ، تحت راية
الوطن ،و اسس نظاما يقوم على العدالة الاجتماعية بين فئات المجتمع متجاوزة كل التحديات المعيقة لبناء النسيج الاجتماعي المتماسك في البلاد، و لقد قامت الوحدة الوطنية على إلغاء كل الفروقات بين المواطنين و اذابت كل الفئويات و المذهبيات و القبلية و غيرها من ألوان التفرقة التي نخرت في جسد الشعب العماني ردحا من الزمن و مزقته أشلاء.
قد رسخ حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله - عمان بإنها هي الوطن للجميع و القبيلة لكل العمانيين بدون تمايز بين أبناءها، و قد استوعب أبناء هذا الوطن المرامي الحميدة لهذا التوجه السامي، و تفاعلوا مع معطيات المرحلة ونسجموا من المستجدات بايجابية أسهمت في التحرر من أمراض العصر التي مازالت تنهش في العديد من الدول .
لقد كانت مرحلة البناء و الوحدة الوطنية من المراحل الصعبة التي صاحبتها، و في ظروف غير عادية أن تلملم أطراف متباعدة و قلوب متفرقة مزقتها الحروب الأهلية الطاحنة و الصراعات البينية لعقود من الزمن، إلا أن الحكمة السامية في توحيد أبناء الوطن كانت أكبر من ما يترسب في النفوس من تراكمات السنين و آهات الأزمنة الغابرة التي فرقت بين العمانين، فكانت الوحدة الوطنية عنوان البناء لمستقبل عمان الزاهر،على قواعد لا تخترق و اسس لا تهدم و روىء لايلتف عليها ، فكان وضوح الهدف و سموالغايات من بناء الوحدة الوطنية بين أبناء الوطن و سلامه النهج الذي اختطه جلالته في ترسيخ مقومات الوحدة الوطنية المتينة ساعدت على فهم مدلولاتها و التفاعل مع متطلباتها بايجابية عالية .
لقد قامت الوحدة الوطنية في البلاد التي كانت من اهم اولويات جلالة السلطان المعظم -حفظه الله - على دعائم و اسس متينة قوامها‏ العدل و المساواة بين الناس، و ترسيخ دولة المؤسسات و القانون بشكل متدرج يتوافق مع تطور المجتمع العماني .
ان الوحدة الوطنية السياج المنيع للنهضة و التنمية في البلاد لم تفرض من ظهر مدرعات و دبابات وبقوة السلاح ، و إنما عن قناعات بسلامة الأهداف التي جاء بها جلالة السلطان لبناء عمان المستقبل ، و نسيان الماضي والعفو عن الجميع مطلقا قولته "عفا الله عما سلف" مؤذنا للجميع بالعودة لبلادهم للمشاركة في صنع المستقبل لهم و لابناءهم بدون اي مسألة لبدء مرحلة العمل الوطني التي دارت عجلتها بدون. توقف تسابق الزمن في النهوض بهذا الوطن في العديد من الميادين التنموية .
فيحق للشعب العماني أن يفاخر بهذا المنجز الوطني الذي يعد من أهم إنجازات النهضة باعتباره الأساس لأي تنمية و عملية بناء، فالارضية الصلبة التي تهيأت للجميع المشاركة و المساهمة في البناء كانت هي الدافع الاكبر لمسيرة العمل الوطنية التي تجسدت في ربوع عمان ، وكان توفر الأمن و الاستقرار لبناء و التعمير هو الاساس الذي رسخه جلالته واكد عليه في كل خطاباته و لقاءاته السامية بان لا تنمية بدون امن و استقرار ، فمن حق الشعب العماني أن يتذكر ما بين ما قبل 23 يوليو عام 1970 م و بين اليوم لتتضح له الصورة بين الأمس و اليوم في هذا المنجز الذي نعيشه اليوم نرفل بالوئام و الانسجام الذي يعد نموذجا طيبا يشار اليه الجميع بالبنان ، بعيدا عن الشرذمة و التشظي و الانقسام و الفرقة التي تمزق الدول و تفرق الشعوب و تباعد بين الاهل و الأصدقاء. فطوبى ليوم النهضة المباركة الذي من حقنا أن نحتفي به كأحد الأعياد الخالدة في تاريخنا المعاصر