مسقط - فريد قمر
لم تكن نتائج الاستبيان الذي نفذه المركز الوطني للإحصاء والمعلومات حول آراء المواطنين في تغير أسعار الوقود والمشتقات النفطية في السلطنة مستغربة، إذ أظهرت النتائج وعياً كبيراً للمواطنين بأهمية القرار الذي اتخذته الحكومة لتقليص الإنفاق وترشيده رغم تأثرهم بارتفاع الأسعار.
وأعرب 51 في المئة من المستطلعين عن قناعتهم بأن مراجعة وتعديل أسعار الوقود لها تأثير ايجابي على الاقتصاد، في مقابل 34 في المئة فقط اعتبروا أن للقرار تأثيراً سلبياً.
وتأتي هذه النتائج متوافقة مع ما قاله الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العماني سعادة حمود بن سنجور الزدجالي من أن الاقتصاد العماني أبلى بلاءً حسناً دون أضرار إضافية رغم تعرّضه لضغوط جمّة بفعل الهبوط الحاد لأسعار النفط منذ منتصف 2014، وذلك بفضل السياسة التي انتهجتها السلطنة لمواجهة تقلبات أسعار البضائع.
ولعل أهم السياسات التي اتخذتها السلطنة هي تحرير أسعار الوقود، الأمر الذي يساهم بشكل كبير في توجيه الوفر نحو قطاعات إنتاجية، لاسيما أن دعم الوقود لم يكن يستهدف فئات الأكثر حاجة للدعم فقط، بل كانت تستفيد منه جميع الفئات من دون استثناء، أما ترشيد الإنفاق فيمكن أن يساهم بشكل كبير في سد حاجات محددة للفئات الأكثر حاجة إليها في المجتمع.
ورغم الأعباء الإضافية التي فرضها تعديل أسعار الوقود على المواطنين، تظهر نتائج الربع الأول من العام أن الحكومة نجحت في خفض الإنفاق 1.9 في المئة، ووفرت 90 مليون ريال عماني في ثلاثة أشهر من خلال رفع الدعم عن أسعار الوقود.
كبح الأسعار
واستطاعت الأجهزة الرقابية في السلطنة أن تضبط النتائج السلبية التي شكلت مصدر قلق للمواطنين، لاسيما الخوف من ارتفاع أسعار السلع وزيادة التضخم بشكل كبير نتيجة لرفع أسعار الوقود، غير أن النتائج على الأرض والمتابعة الحثيثة لهيئة حماية المستهلك منعت من استغلال رفع الدعم ليسجل التضخم مستويات معقولة جداً حتى شهر مايو الفائت.
وكان المركز الوطني للإحصاء والمعلومات نشر أمس على مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة به نتائج الدورة الثانية من استطلاع الرأي حول أسعار الوقود للتعرف إلى آراء العمانيين حول أسعار الوقود والمنتجات النفطية التي تباع محلياً وذلك بعد صدور قرار مجلس الوزراء بمراجعة تلك الأسعار وتعديلها بشكل دوري بما يتوافق مع الأسعار العالمية بداية منتصف يناير 2016.
وتلخصت الأهداف الرئيسية لاستطلاع رأي العمانيين بقياس مدى معرفة العمانيين عن مراجعة وتعديل أسعار المنتجات النفطية بشكل دوري، والتعرف إلى مدى متابعة المواطنين للتعديلات التي طرأت على أسعار الوقود بشكل منتظم، وكذلك التعرف إلى رأي المواطنين حول مراجعة وتعديل أسعار الوقود وإذا ما كانوا يرون أن لذلك تأثيرا إيجاباً أم سلبياً في الاقتصاد الوطني. فضلاً عن قياس مدى رضا المواطنين عن الأسعار الحالية للوقود، وقياس مدى تأثر الأسر العمانية بالزيادة التي طرأت على أسعار الوقود.
محدودية التأثير
وأعربت نسبة 22 في المئة من المستطلعين عن رضاهم عن أسعار الوقود الحالية متراجعة من 39 في المئة خلال مارس الفائت حين كان سعر ليتر الوقود الممتاز 145 بيسة في مقابل 180 بيسة لشهر يوليو الجاري، واعتبر 77 في المئة أنهم غير راضين عن أسعار الوقود. وقد ارتفعت النسبة من 57 في المئة في شهر مارس، ويعتبر عدم الرضا أمرا بديهياً إذا اعتبرنا أن أسعار الوقود ارتفعت 50 في المئة منذ الإعلان عن رفع الدعم مرتفعة من 120 بيسة إلى 180 بيسة للتر الواحد للوقود الممتاز.
لكن الإيجابي في النتائج هو التأثير المحدود الذي لمسته الأسر العمانية نتيجة للتغيير في الأسعار، إذ أعرب معظم المستطلعين (55 في المئة) أن التأثير كان محدوداً عليهم وعلى أسرهم، إذ قال 38 في المئة منهم إنهم تأثروا بشكل بسيط (مقابل 45 % في مارس 2016) و17 في المئة أعلنوا أنهم لم يتأثروا أبدا (مقابل 31 % في شهر مارس) فيما أعلن 45 في المئة أن أسعار النفط أثرت بشكل كبير عليهم وعلى أسرهم (مقابل 24 في المئة في شهر مارس).
وبيّنت النتائج كذلك تغيّراً في سلوك المستهلكين، إذ قال 44 في المئة من المستطلعين إنهم غيروا نوع الوقود المستخدم في سياراتهم أو يفكرون بذلك بسبب زيادة الأسعار، وهذه النتيجة من المرشح أن ترتفع في حال تم استبدال الوقود العادي 90 بوقود 91، الأمر الذي من المتوقع أن يبدأ تطبيقه ابتداء من شهر أغسطس المقبل، علماً أن وقود 91 أفضل للسيارات والمركبات واقرب من حيث الفاعلية إلى الوقود الممتاز، وبهذا يكون المستهلك أمام حل عملي يمكـّنه من تخفيض إنفاقه الشهري على الوقود.
ويأتي الاستطلاع بالتزامن مع قرار اللجنة الاقتصادية والمالية في مجلس الشورى بتشكيل فريق عمل لمراجعة سياسات الدعم الحكومي والتي تهدف إلى متابعة رفع الدعم عن الوقود وتبيان تأثيرها في أفراد المجتمع لاسيما من ذوي الدخل المحدود.