شادية الإسماعيلية: البيئة والطبيعة العمانية تمثلان مصدر إلهام في تصميم مجوهرات "ديمة"

7 أيام الخميس ١٦/يونيو/٢٠١٦ ١٩:١٩ م
شادية الإسماعيلية:
 البيئة والطبيعة العمانية تمثلان مصدر إلهام في تصميم مجوهرات "ديمة"

حوار: ليلى بنت حمد العامرية

امرأة عمانية مبدعة استطاعت أن تجد لنفسها بصمة مميزة في مجال الأعمال الحرة. إنها شادية الإسماعيلية التي عملت في المجال المالي لمدة 22 عاما كانت حافلة بخبرات متنوعة وتحديات وانجازات، ورغم مرور الزمان وتعاقب السنوات استمرت في استثمار شغفها بالتصاميم والجمال في مشاريع ذات صلة مثل الرسم والتصميم الداخلي. إلى أن تطور ذلك الشغف إلى عشق المجوهرات وكل ما يتعلق بعالم الأحجار الكريمة، انطلاقا من معرفة خصائصها واقتنائها، ومرورا بالتعامل الفعلي معها في نطاق "عصرنة" المجوهرات التقليدية العمانية، وانتهاء بتوظيف هذا العشق في تصميم المجوهرات العالمية.
شادية الإسماعيلية في حوار 7 أيام في الأسطر التالية

- لماذا اخترتِ مجال تصميم المجوهرات؟

تعلقي بالفن والتصميم منذ الصغر كان دافعا لي وحافزا لاتخاذ قرار ترك مجالي المهني -وهو المجال المالي- لدخول عالم المجوهرات وإخراج التصاميم التي لطالما حلمت بتقديمها للمرأة في هيئة رسومات فنية دقيقة قابلة للتنفيذ بأدق تفاصيلها. فقد بدأت نشاطي في تصميم وصناعة المجوهرات بشكل فعلي في عام ٢008 بعد تشجيع ابنتي سعاد الريامية التي أصبحت فيما بعد شريكتي في الدار بعد أن تركت عملها كمحامية في أحد المكاتب العالمية للمحاماة والاستشارات القانونية، حيث قمت بإعادة تصميم المجوهرات العمانية الخليجية التقليدية بشكل حديث يواكب أحدث صيحات الموضة وصناعتها حسب المعايير العالمية للمجوهرات.
ثم شهد مطلع عام 2009م بمتحف "بيت الزبير" وبرعاية معالي السيد حمود بن فيصل البوسعيدي وزير البيئة والشؤون المناخية -آنذاك- تدشين "ديمة" كأول علامة عمانية للمجوهرات الراقية وذلك بعد تفكير ملي دام لأربع سنوات تخللتها فترة تثقيف وتعليم الذات بأصل المجوهرات العمانية التقليدية، من ناحية، والجوانب التي يمكن وضع اللمسات العصرية عليها من جانب آخر.

- ما هي أبرز تصاميمك؟

- مجموعة السلام: مزجت قطع هذه المجموعة بين كوارتز الليمون، والتوباز الأزرق والزبرجد الأزرق مع الذهب الأصفر عيار 18 قيراط وأحجار الماس لتشكل النجمة المثمنة التي تميز النمط الإسلامي، لتعزز تراث وغنى الأنماط والتصاميم المعمارية الإسلامية التي استوحيت منها هذه المجموعة.
- مجموعة الوئام: تتميز هذه التشكيلة بالأحجار الكريمة الغنية بألوان الأزرق والأخضر والبرتقالي والوردي لتستحضر عوالما ساحرة لأعماق المحيطات وشعابها المرجانية الملونة. ويكتمل جمالها مع الذهب الأبيض الفاخر عيار 18 قيراط والماس لتجسد هذه التشكيلة الفاخرة سحرا لا مثيل له. هذه التشكيلة تحكي عن التراث البحري للسلطنة خاصة ومنطقة الخليج العربي عامة، وكيف أن هذه البحار والمحيطات ربطت هذه المنطقة ببقية دول العالم بنوع من التناغم والوئام بشكل رمزي حيث تعكس تدرجات الأزرق في الأحجار المستخدمة في التشكيلة البحار التي خاضها أجدادنا في رحلاتهم البحرية.
مجموعة المشوك: توجد لدينا مجموعة كاملة تتكون من أربعة تصاميم استوحيناها من البنجري العماني المعروف باسم “المشوك”، وهي تتناسب مع مختلف المناسبات والفئات العمرية. وقد استخدمنا في بعض منها أحجار نادرة مثل الألماس النادر بلونيه الأسود والأصفر.
وغيرها من التشكيلات التي لها علاقة بتراثنا العماني والتي سنتركها للجمهور لاستكشافها عند زيارتهم لمتجر ديمة عمان في بناية لمار بجانب البانوراما مول.

- من أين تستوحين أفكارك في التصميم؟

ولادة ديمة كمشروع كانت بهدف تطوير مجوهراتنا التقليدية لتواكب متطلبات المرأة الحديثة وللمساهمة في المحافظة على تراثنا العريق. فتراثنا العماني ثري بفنونه الجميلة ونقوشه الخلابة وغيرها من الموروثات التي لا يمكن تجاهلها، فكان من الطبيعي أن تتأثر ديمة بهذه المعطيات الجميلة. فمجوهرات ديمة ليست مجرد قطع مجوهرات فحسب بل هي أيضا بوتقة تحكي لنا قصصا تراثية مختلفة مثل قصص بحارينا القدماء ورحلاتهم البحرية.
الفن المعماري الإسلامي وتصاميمه أيضا لها بصمة خاصة في مجوهرات ديمة، فمن ضمنها خط يعنى بإبراز جمال الفن الإسلامي وإبداعاته. جدير بالإشارة هنا، ان هذا الفن جذب اهتمام الكثير من المعنيين بالمعمار أثناء مشاركة ديمة في المعرض العالمي للمجوهرات بلندن في شهر سبتمبر 2011م، حيث أبدوا إعجابا شديدا بطريقة توظيف الفن المعماري الإسلامي في مجوهرات ديمة.
البيئة والطبيعة العمانية تمثلان أيضا مصدر إلهام في تصميم مجوهرات ديمة، فهناك خط خاص بالطبيعة سوء كان هذا الإلهام من المعالم الجغرافية أو الأشجار أو الحيوانات المشهورة بها سلطنة عمان. أولى التصاميم المنفذة والمندرجة تحت هذا الخط كانت مستوحاة من "النخلة"، فقد وظفت سعف النخيل، وجذوعها ورطبها في تصاميم أنيقة وجذابة.
ثم شهد عام 2014م ولادة خط المعمار الذي يعنى بالمعالم الهامة والعمارة العمانية سواء التاريخية منها أو الحديثة. تصاميم مجموعة "الأكبر" تناولت المعالم المعمارية للجامع الأكبر وهي الأولى تحت هذا الخط.

- ما هي بصمتك الخاصة في مجال تصميم المجوهرات؟

تزخر السلطنة بتراث عظيم تعلق بعضه بصناعة الفضة وفن النقش والمعمار والقلاع الشامخة بالإضافة إلى الأدب المتمثل في الشعر والأمثال. هذا الإرث يمثل معطيات قيمة لتصميم مجوهراتنا ومنتجاتنا بشكل عام، وبالتأكيد لازالت هناك الكثير من مجالات التراث العريق التي لم نستغلها بعد. لذا، أنظر إلى التراث كمعين لا ينضب، نغترف منه الكثير من الأفكار لتصاميمنا؛ فمن التراث نستلهم النقوش كتلك المحفورة على الخناجر، ونستخدمها في تصاميمنا. هناك حالات قمنا فيها بإعادة تصميم مجوهراتنا التقليدية بشكل حديث ومبسط، وخرجنا منها بقطع مجوهرات يمكن استخدامها بطرق تختلف عن استخداماتها الأصلية. ففي مجموعتنا الجديدة مثلا صممنا عقود وأساور وخواتم وحلق مستلهمة من "العقام" المعروف في السلطنة والذي هو عبارة عن سلاسل من الذهب أو الفضة التي تستخدم لتثبيت غطاء الرأس مرورا من تحت الذقن. بمعنى آخر، نقتبس من الماضي الأساسيات ومن الحديث نأخذ الحداثة والبساطة في التصميم، والمواد الحديثة كالأحجار الكريمة التي لم تكن تستخدم في مجوهراتنا التقليدية، وكذلك الاهتمام بالجودة والمعايير العالمية في منتجاتنا.

-هل واجهتك أية صعوبات في مشوارك؟

كأي مشروع جديد البدايات كانت شاقة، كما واجهتنا عقبات كثيرة ولكني ساكتفي في هذا الحيز البسيط بذكر أهمها، وهي تلك المتصلة بالتمويل المالي. فنظرا لاتجاهنا -منذ البدايات الأولى- إلى ترويج منتجاتنا في الأسواق العالمية كعلامة عالمية راقية، كان لزام علينا الاهتمام بالجودة والالتزام بالمعايير العالمية في التصميم والتصنيع، وما كان لهذا الأمر أن يتحقق دون الاعتماد على مصانع رائدة في الأسواق العالمية؛ وهو ما يعني بالتبعية تكبد نفقات عالية جدا ليس في التصنيع فحسب وإنما في الشحن والتأمين والرسوم الجمركية أيضا، لذلك كان من الصعب علينا -كمؤسسة ناشئة- توفير كل هذه المصرايف بالشكل المرضي لاسيما وأن تسويقنا لها اعتمد بداية على السوق المحلي الذي لم نجد منه بدا ومناصا. من ناحية أخرى فإن التوفيق بين العمل والالتزامات الأسرية بشكل خاص والاجتماعية بشكل عام مثل تحديا كبيرا أيضا. ويبدو هذا التحدي أكثر عمقا عندما يكون رائد الأعمال موظفا كما كان الحال معي.

- ما مدى إقبال الناس على مجوهراتك؟

تمكنت ديمة عمان في فترة وجيزة من جذب اهتمام وإعجاب الكثير من المهتمين بالفنون والتصميم، ليس محلياً وإقليمياً فحسب، ولكن نالت استحسان العالم الخارجي كذلك. فقد عرفت منتجاتها بالرقي والجودة العالية وتمسكها بالثقافة والتراث العماني التليد، مما جعلها ملاذا لكل من يبحث عن التميز والانفراد. فنرى منتجات "ديمة عمان" تقدم -وبكل فخر- كهدايا للشخصيات الهامة مثل رؤساء الدول الصديقة، ورؤساء الوفود وغيرهم من الضيوف.
- نجد إقلالا من قبل العمانيات في هذا المجال، فما سبب ذلك من وجهة نظرك؟
العمل في مجال المجوهرات -هذا إذا كنا نتحدث عن المجوهرات الثمينة وليست الإكسسوارات- بحاجة إلى رأس مال كبير ومخاطرة أيضا. المرأة عامة -وهذا غير مقتصر على العمانيات فقط- بطبيعتها لا تحب المخاطرة؛ وذلك خوفا من الالتزامات المالية الضخمة، فهي تسعى إلى تأسيس أعمال نجحت غيرها فيها وبرأس مال متواضع.

- هل لديك نية لوصول مجوهراتك إلى العالمية؟

بلاشك، فنحن نطمح إلى العالمية، فهدفنا أن نرى دار ديمة عُمان اسماً ينافس الأسماء ذات الشهرة العالمية، ونسعى دوماً لتحقيق ذلك من خلال خطة عمل نتبعها بإيمان وثبات
وقبل ذلك بتوفيق من الله، فنحن استطعنا أن نكون لأنفسنا بصمة خاصة في عالم التصميم، وتم الاعتراف بي كمصممة محترفة، واستحوذت دار «ديمة عمان» على تقدير مؤسسات عالمية رفيعة المستوى، فقد اختيرت الدار لتمثيل مصممي المجوهرات في الشرق الأوسط في الاحتفال بذكرى مرور 150 عاما على حياة السير هنري رويس مؤسس رولز رويس وإرثه العظيم الذي أقيم في ديسمبر 2012م، كما اختيرت ضمن قائمة المصممين الـ12 عالميا لحضور حفل الذكرى السنوية الـ110 لتصنيع سيارات رولز رويس الذي أقيم في نوفمبر 2013م. كما تلقينا مؤخرا دعوة للمشاركة في فعاليات الاحتفال بذكرى ميلاد التسعين للملكة إليزابيث الثانية ملكة المملكة المتحدة.

- ما نصيحتك لاقتناء المجوهرات؟

أنصح كل امرأة بالاستثمار في القطعة التي تتناسب وبنيتها كالطول والوزن وعرض الكتفين وطول الرقبة، وكذلك شكل الوجه؛ هل هو دائري أم بيضاوي أو غيرهما من الأشكال. فالقطعة الكبيرة قد تناسب المرأة الطويلة العريضة المنكبين ولا تناسب المرأة ذات البنية الصغيرة، كما أن للون العيون والشعر دورا في اختيار لون الحجر. فلون الحجر الذي ستختاره شهلاء العيون من المحتم أن يختلف عن ذاك الذي ستختاره صاحبة العيون الزرقاء؛ كذلك الحال بالنسبة للون الشعر، وكذا البشرة. وكذلك مراعاة ذوقها الخاص وعدم الانجراف وراء الموضة فحسب؛ وذلك تحسبا لأيلولة القطع المشتراة للترك والهجران. لذلك، فإن خزانة المرأة تعد مرجعا للوقوف على السمة السائدة لنمط ملابسها؛ هل هي كلاسيكية أم عصرية؛ وبالتالي اختيار قطع تتلاءم وتلك السمة. كذلك، من الضروري تحديد المناسبة التي من أجلها ستشتري المجوهرات؛ هل لمناسبة ذات أهمية خاصة كزفافها مثلا أم لحضور مناسبة أقل أهمية.

- هل تجدين نوعا من المنافسة مع وجود الكثير من أفرع دور المجوهرات في السلطنة؟

تتميز مجوهرات ديمة عمان بتصاميمها الراقية وصياغتها الرفيعة والمتميزة بمحدوديتها فهي لا تصنع بكميات تجارية كبيرة مراعاة لتميزها وتألقها. كما أن علاقتها بتراثنا وثقافتنا العمانية والخليجية تجعلها دائما متميزة عن غيرها من المجوهرات التي يطغى عليها الطابع الغربي بشكل كبير.

- ما الذي توجهينه إلى كل امرأة عمانية عاشقة للمجوهرات؟

ختاماً، أود أن أشير إلى أن المنتج المحلي قطع شوطا كبيرا في دقة تصاميمه وجودة صنعته؛ وأنه أضحى بذلك يضاهي مثيله من المنتج المستورد، وجدير بثقة المستهلك، ودعم السوق له؛ وهو ما يمكن اختزاله في عبارة "الدعم المجتمعي" للمنتج المحلي؛ فأشجع المرأة العمانية قبل الشراء من الأسماء غير العمانية تجربة منتجاتنا العمانية. ولا أعني هنا مجوهرات ديمة بوجه الخصوص بل من أي دار عمانية أخرى.