أزمتـنا.. درامياً

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٣/يونيو/٢٠١٦ ٠٣:٥٢ ص
أزمتـنا.. درامياً

محمد بن سيف الرحبي
alrahby@gmail.com
www.facebook.com/msrahby

سيكون رمضان الحالي استثنائياً، على الأغلب، في تعامله مع نتاج الدراما المحلية، التي غابت رغم أن الحديث عن مسلسل وحيد كان يمكنه قطع الطريق أمام الكثير من الحوارات عبر التواصل الاجتماعي حول واقع "درامانا" وما وصلت إليه من مستوى يؤكد تراجعها لا تطورها، مع أني أجد في "بقية الدرامات" العربية انحداراً، فباب الحارة ليس إلا إعادة تكرار ممل استفاد من نجاحات الأجزاء الأولى، والقول ينطبق "وفق رؤيتي الشخصية" على "ليالي الحلمية"، فلم تعد ذاتها أيام كاتبها أسامة أنور عكاشة.
أسوق العملين مثالا كونهما شكلا ذائقة فنية على مدار السنوات الأخيرة، عمل سوري وآخر مصري، كانا أيقونتين للمتابعة الجماهيرية، قيمتهما من حيث المضمون الحكائي واللغة الفنية، ومخاطبتهما لوجدان أمّة ترى تاريخها عبر الدراما، إنما هناك مثال حي، متكرر ومكرر، ويمثله عادل إمام، حيث غادر السينما من أجل التلفزيون، وله الحق، كل الحق في ذلك، فمتابعوه عبر الشاشة الصغيرة، والأجر الكبير، كفيلان بتغيير الكثير من المعادلات القيمية!
أما واقعنا المحلي فمعبر عن هشاشة فنية لم تنضج رغم بداياتها المميزة، وربما لأنها تميزت حينما كانت الدراما تسلية يمكن إنجازها بكلف بسيطة، فيما لم تكن الفضائيات حاضرة بهذا الزخم العددي، والتركيز على إنتاج المسلسلات حتى أصبح عدد المسلسلات العربية المنتجة للعرض الرمضاني يتجاوز المائة عمل.
الدراما العمانية تواجه حالياً أزمات عدة: مواجهة أعمال فنية منفق عليها بسخاء مقابل تقتير "محلي" يمكن منطقته على أساس أن الإعلانات التلفزيونية والطلب على عرضه، في سوق ضعيف محليا وغير راغب عربيا، لا تغطي شيئاً من تلك الكلفة، عكس ما يحدث خارجياً، كما أن المقارنة صعّبت الطريق على "أعمالنا". وفارق هائل بين أعمال يكتبها من لهم باع طويل في كتابة الأعمال الدرامية، ومن يكتب عملا كل بضع سنوات، كما هو الفارق حاضر بقوة بين ممثل مركون على الرف بانتظار عمل يأتي، أو لا يأتي، وكذلك المخرج والمصور... إلى آخر القائمة.
السؤال المطروح بقوة، والإجابات عليه تباينت و(تقارعت): هل الأفضل التوقف عن الإنتاج طالما أن أعمالنا الدرامية بهذا المستوى، أو أن ننتج، في أي ظرف كان، من منطلق أن التوقف خطأ كبير ودال على أننا أصبنا بالعقم، وليس بضعف بنية الجنين فقط؟!
ليس بوسع هيئة الإذاعة والتلفزيون تطوير الدراما، وقد أظهرت عجزها، منذ أن كانت ضمن وزارة الإعلام، لأنها لا تتطور باتخاذ قرار بالتطوير، وإنما عملية بناء كبيرة لا تتوفر عناصرها لدينا في السلطنة، والدول المجاورة التي نجحت فنياً ضخت عشرات الملايين من الدولارات لتجذب الصنّاع الكبار للدراما، وهذا ما لا يتحمله المجتمع المحلي الذي يصعب عليه قبول إنفاق مليون ريال على مسلسل سيخضعه لجلد حقيقي يخرج منه عشرات العيوب، بينما عمل فني لعادل إمام لا يعد بمستوى فني يشفع الإنفاق عليه الملايين لولا أن شركات الدعاية تعوّض الفاقد.
.. وللحديث بقية.