الأمراض الوراثية في السلطنة.. مؤشرات مقلقة

بلادنا السبت ١١/يونيو/٢٠١٦ ٢١:٤٨ م

مسقط - رقية الكندية

تعد الأمراض الوراثية هاجساً يثير القلق في العديد من الدول العربية، ومن بينها السلطنة. وقد بذلت وزارة الصحة جهودا كبيرة في التعامل مع الأمراض الوراثية منذ الخطة الخمسية السادسة بوصفها جزءا من برنامج «رعاية صحة الأم والطفل» ونتيجة لارتفاع معدل زواج الأقارب.

وتم إدراج مجال منفصل للأمراض الوراثية في الخطة الخمسية السابعة والثامنة سعياً للحد من تنامي معدلات الأمراض الوراثية بين أفراد المجتمع، وتوجت جهود الوزارة بإنشاء المركز الوطني للصحة الوراثية العام 2013.
ومن أهم مهام المركز تقديم مختلف الخدمات التشخيصية والعلاجية والإرشاد الوراثي للمصاب وأسرته، مع العمل على التوسع التدريجي، بحسب الأولويات والاحتياجات والإمكانيات المتاحة، في الفحوصات الخاصة بالتشخيص الوراثي والتي ترسل بعضها للخارج لعدم وجود الأجهزة الخاصة بهذه الفحوصات في السلطنة، مع التخطيط لجلبها للمركز في المستقبل عبر التدرج العملي المناسب.

واقع الأمراض الوراثية

في السلطنة

رئيس الاستشارات الوراثية والتعليم الوراثي بالمركز الوطني للصحة الوراثية د. مسلم بن سعيد العريمي تحدث حول واقع الأمراض الوراثية في السلطنة بالقول إن احتمالية ولادة طفل واحد مصاب بأحد العيوب الخلقية أو بأي من الأمراض الوراثية بالسلطنة تتراوح من 5.4%إلى 7%من بين جميع المواليد الجدد متجاوزة بذلك النسبة العالمية التي لا تتعدى 4.5%. وقد أظهرت البيانات الإحصائية أن 37%من وفيات الأطفال حديثي الولادة والخدج بسبب الاضطرابات الخلقية الوراثية الشديدة، بينما تشكل الاضطرابات الخلقية الوراثية 10%من بين الأسباب المقيدة لوفيات الأطفال الرضع، و52%من أسباب الوفاة في الأطفال الأكبر من ذلك بالسلطنة.

وحول واقع الأمراض الوراثية في السلطنة إحصائيا قال العريمي: تم تسجيل أكثر من 300 نوع من أنواع الأمراض الوراثية بالسلطنة منها 150 طفرة لجينات ومواقع أمينية جديدة، وتشمل هذه الأمراض مختلف أنواع الأمراض الوراثية المعروفة عالميا إلا أن أكثر من نصف هذه الطفرات تسجل لأول مرة في العالم، ويأتي على رأسها من الناحية الإحصائية أمراض الدم الوراثية، يليها أمراض الخلل الكروموسومي المختلفة (العددية والتشريحية)، ثم أمراض الخلل الأيضي وأمراض الخلل الجيني الواحد والمتعدد والأمراض الوراثية ذات الأسباب المتعددة.
ويؤكد العريمي أن أمراض الدم الوراثية تعتبر من الأمراض الوراثية الشائعة في المجتمع العماني، حيث يبلغ معدل ولادة طفل مصاب بأحد أمراض الدم الوراثية بالسلطنة ما بين 3.5 و 4.7 لكل 1000 ولادة حية. وذكر أن 60%من سكان السلطنة يحملون جينا من جينات أمراض الدم الوراثية تتراوح في الشدة ونوعية الأعراض والتبعات المرضية من الأقل تأثير إلى الأكثر تأثيراً.

ولعل أكثر أمراض الدم الوراثية شيوعا بين المصابين في المجتمع - كما يشير العريمي - هو مرض نقص الخميرة الفولية، حيث يحمل 28%من الذكور جين المرض بينما في الإناث تصل نسبة الحاملين إلى 12%.

ويقول العريمي إن الأمراض الوراثية ذات الصفة المتنحية (أي التي يلزم فيها أن يكون الأبوين حاملين لجيني المرض) تبلغ حوالي 51%من مجمل الأمراض الوراثية المسجلة في السلطنة مشكلة بذلك النسبة الأكبر من مجمل الأمراض الوراثية في السلطنة. وتعتبر أمراض الدم الوراثية أحد أمثلة الأمراض الوراثية المنتقلة بهذه الطريقة، بينما تشكل أمراض الخلل الكروموسومي والتي جاءت في المرتبة الثانية من حيث انتشار الأمراض الوراثية - كما يذكر العريمي - ما نسبته 28.3%، وتعتبر متلازمة داون أحد الأمثلة على أمراض الخلل الكروموسومي، بينما تشكل أمراض الخلل في عمليات الأيض مع أمراض الغدد الصماء الوراثية والخلل التغذوي الوراثي حوالي 20.7%من مجمل الأمراض الوراثية بالسلطنة.

وذكر العريمي أن الأمراض الوراثية تشكل بكافة أنواعها نسبة مهمة في أسباب حدوث ظاهرة الإعاقة السمعية والبصرية والحركية وغيرها، ويضيف أن أحدث الإحصائيات تشير إلى أن نحو 10%من العائلات العمانية يوجد بها طفل مصاب بأحد الأمراض الوراثية التي تؤدي إلى الإعاقة.

ولأن الكثير من الأمراض الوراثية قد يستعصى علاجها، أو تحتاج إلى عناية مستمرة وباهظة الثمن وقد يترتب عليها تناول الدواء طوال الحياة أو نقل الدم بصفة منتظمة أو زراعة أعضاء إضافة إلى التبعات المالية التي تقع على كاهل الدولة في توفير العلاج والرعاية الصحية اللازمة للمرضى، علاوة على التأثيرات الاجتماعية والنفسية والمالية على الكثير من هذه الأسر، فإنه من الضروري العمل على الحد من التداعيات السلبية الناجمة عن ذلك واتباع أساليب الوقاية بإجراء فحوصات ما قبل الزواج.