يتجه العالم حاليا نحو الاعتماد على مصادر الطاقة المتعددة، في حين نجد أننا لدينا الكثير من الموارد الطبيعية المتجددة التي لا نستغلها، وتأتي على رأس تلك الموارد الطبيعية الطاقة الشمسية، وذلك رغم إن الدراسات العلمية تشير إلى أن السلطنة حباها الله بأعلى معدل نقاء للسماء، والذي يتراوح ما بين 5500 إلى 6000 وأت ساعة متر مربع في اليوم في شهر يوليو إلى 2500 إلى 3000 وأت ساعة / متر مربع في اليوم في شهر يناير مما يجعلها واحدة من أعلى كثافات الطاقة الشمسية في العالم، إلا أن عدم استغلال هذه الميزة الكونية في إنتاج الطاقة يعد في حد ذاته قصورا كبيرا يجب الوقوف عليه.
وبرغم أن رؤية العام 2020 قد وضعت هدفًا لإنتاج 10% من متطلبات البلاد من الكهرباء من موارد الطاقة المتجددة بحلول العام 2020، إلا أننا لم نستخدمها بتوسع خصوصا في إنتاج الطاقة الكهربائية المكلفة، والتي تستنزف موارد ناضبة كالديزل والغاز وتخلف أضرار بيئية بالغة تشكل انتهاكا لحقوق الأجيال القادمة في بيئة نظيفة، فالإسراع باستخدام هذه الطاقة البديلة في ظل الظروف الحالية يجب أن يكون خيارا استراتيجيا تعمل كل الجهات المختصة على تحقيقه بأقصى سرعة ممكن لما يمثله هذا من أهمية في توفير من أموال هائلة تتحملها الميزانية العامة للدولة سنويا، الأمر الذي يفرض علينا أن نفكر في إحلال الطاقة الشمسية لتوليد وإنتاج الطاقة الكهربائية وإضاءة منازلنا وشوارعنا من مصادر الطاقة المتعددة والمتوفرة لدينا.
إن استخدام الطاقة الشمسية في توفير الكهرباء للشوارع والمنازل والمباني وغيرها أصبح من الأمور التي يجب أن تحظى باهتمام كبير من الجهات المختصة كالهيئة العامة للكهرباء والمياه وغيرها من شركات الكهرباء، التي يجب أن تركز جهودها على هذا الجانب في المرحلة القادمة، وتتخذ من الدول المتقدمة مثل آيسلندا التي تعتمد على الطاقة الشمسية في إنتاج الكهرباء بنسبة مائة بالمائة والنرويج التي وصلت نسبة اعتمادها على الطاقة الشمسية إلى 95 بالمائة وكذلك السويد والبرتغال بنسبة تصل إلى خمسين في المائة، رغم أن هذه الدول قليل لا تشرق فيها الشمس خاصة في أوقات الشتاء.
إن البدء في تخطيط توفير الطاقة الشمسية لتوفير مصادر الكهرباء من شأنه أن يجلب استثمارات كبيرة من دول لها تجارب في هذا المجال، يمكن الاستفادة منها من الجوانب المادية والتقنية المستخدمة في إنتاج الكهرباء وهذا يفتح أبواب جديدة للاستثمار غير متطرق لها في بلادنا، حيث أن هناك الكثير من الصيغ المشاركة لاستخدام الطاقة الشمسية في توفير الكهرباء من جانب القطاع الخاص سواء بنظام البوت « الإنتاج والتشغيل والتوزيع وتسليم المشروع بعد فترة زمنية يتفق عليها مع الحكومة»، أو بنظام الاستثمار المشترك والبيع المباشر للحكومة لإعادة توزيعه للمواطنين والأنشطة التجارية والصناعية.
إلا أن هناك تجارب جيدة في السلطنة مثل مشروع الطاقة الشمسية في ولاية المزيونة بمحافظة ظفار بمتوسط طاقة قدره 1667 كيلوواط ومن المتوقع أن يصل إنتاج المشروع 558 ميجاواط في الساعة، في حين بلغت كلفة المشروع مليون دولار، ويعد أول مشروع تجاري من نوعه يستخدم الطاقة الشمسية في السلطنة، بالإضافة إلى التجربة الواعدة لشركة تنمية نفط عمان ببناء أكبر محطات توليد البخار بالطاقة الشمسية في العالم في مشروع المرآة الذي يتوقع أن ينتج 1021 ميجاواط حراري.
إلا أن الدراسات التي تجريها المؤسسة العامة للمناطق الصناعية ممثلة بواحة المعرفة، الخاصة بمشروع محطة الجيل الثالث التجريبية لتقنية الطاقة الشمسية، تشكل الجهد الأكبر في مجال تطوير وتوطين الاعتماد على الطاقة الشمسية، بل إنها تسعى لأبعد من ذلك عبر توطين صناعة الخلايا الشمسية التي تمتلك السلطنة العديد من مقوماتها، وموادها الأولية، ورفد البحث العلمي العماني بالتكنولوجيا الحديثة في هذا المجال، لينتج تقنية تتواءم مع البيئة العمانية ومتطلباتها، كما أن المشروع يشكل قيمة مضافة اقتصادية تستغل الثروات الطبيعية للسلطنة وتجذب الاستثمارات في هذا القطاع الواعد، مما يفتح أفاقا جديدا لمؤسسات العمانية، سواء كانت كبيرة أو صغيرة ومتوسطة، في الاستفادة، من وراء جذب كبار صانعي تلك الخلايا، مما يوفر اقتصاديا في تكلفتها، لييسر ذلك ويهم في سرعة نشر تلك الخلايا والاستفادة منها.
بالطبع أن مصادر الطاقة الشمسية في السلطنة متوفرة بشكل كبير يغطي احتياجاتنا من الكهرباء لكل الاستخدامات خاصة المنزلية والشوارع.
نأمل أن نرى مشروعات الطاقة الشمسية خلال السنوات القادمة تأخذ وضعها في البلاد بدلا من إنشاء محطات تستنزف الغاز وتحمل الدولة أعباء كبيرة.