الجساسي: الإعلام يلعب دوراً محورياً في تشكيل وعي المجتمعات تجاه الإرهاب

مزاج الخميس ١٣/نوفمبر/٢٠٢٥ ١٥:٥٣ م
الجساسي: الإعلام يلعب دوراً محورياً في تشكيل وعي المجتمعات تجاه الإرهاب

مسقط - ش

شارك العقيد الركن متقاعد محمد الجساسي مؤخراً في مؤتمر الشرق الأوسط للاتصالات الاستراتيجية "ميستك 2025 " الذي عقد بفندق إنترسيتي مسقط، بتنظيم مجموعة مسقط للإعلام، وادارت الحدث شركة نيكسوس نوفيل، وهي وكالة الإعلان الرائدة في سلطنة عمان المتخصصة في خدمات التسويق الشامل، وبشراكة استراتيجية مع وزارة العمل، وذلك بترخيص واشراف من مؤسس وصاحب المؤتمر المركز الخليجي للاتصالات الاستراتيجية (جي إس سي)، وقد تحدث الجساسي عن عدد من الأمور والقضايا المهمة المرتبطة بجانب الاتصالات والعلاقات العامة والإعلام وغيرها ، كما طرح عدد من الأمور ذات الصلة مثل الارهاب وغيرها .. الشبيبة حاورتها فكان هذا اللقاء:

ما هو الارهاب؟ وما تأثيره على المجتمعات؟

الإرهاب هو استخدام العنف أو التهديد أجل تحقيق أهداف سياسية أو دينية أو اجتماعية أو اقتصادية وعسكرية، غالباً من خلال بث الرعب في نفوس المدنيين أو زعزعة استقرار الدول. ويُعد عملاً منظماً يستهدف الإخلال بالأمن العام ونشر الرعب لإجبار الحكومات أو الشعوب على تبني مواقف معينة.

فتداعيات الإرهاب متعددة فمن الناحية الأمنية يؤدي إلى فقدان الأرواح والممتلكات، ويزعزع ثقة المواطنين في قدرة الدولة على حمايتهم وتلبية احتياجاتهم، ومن الناحية الاقتصادية يتسبب في خسائر جسيمة نتيجة تدمير البنية التحتية وتراجع الاستثمارات والسياحة وتنخفض قيمة العملة. و أما من الناحية الاجتماعية، فيخلق حالة من الخوف والشك بين مكونات المجتمع، ويغذي خطاب الكراهية والانقسام. كما يترك أثاراً نفسية عميقة على الأفراد، خاصة على الأطفال والنساء والشيوخ الذين يعيشون في مناطق النزاعات.

ما هي العوامل المؤدية الى انتشار ظاهرة الإرهاب في المجتمعات؟

تتداخل مجموعة من العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية في انتشار الإرهاب. فسياسياً، يؤدي غياب العدالة والتمييز والفساد إلى خلق بيئة خصبة للتطرف. واقتصادياً، يُعد الفقر والبطالة والتسريح من أهم العوامل التي تدفع الشباب إلى الانخراط في الجماعات المتطرفة.

أما اجتماعياً، فإن ضعف الروابط الأسرية وتراجع دور المؤسسات التربوية والثقافية والدينية في التوعية يجعل الأفراد عرضة للتأثير بالأفكار المتشددة. كذلك فإن الأزمات الدولية والصراعات المسلحة تسهم في زيادة الشعور بالظلم والاضطهاد، مما يغذي الفكر الانتقامي. ولا يمكن إغفال دور الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي في نشر الدعاية المتطرفة وتجنيد الأفراد من ذوي النفوس الضعيفة.

ما الفرق بين الإرهاب والنضال المشروع من أجل الحرية أو الدفاع عن النفس؟

التمييز بين الإرهاب والنضال المشروع قضية محورية في الدراسات الدولية. فـالارهاب يقوم على استهداف المدنيين وبث الرعب فيما بينهم لتحقيق مكاسب سياسية أو فكرية أو مادية بينما (النضال المشروع)هو مقاومة الاحتلال أو العدوان في إطار القوانين الدولية وحق الشعوب في تقرير مصيرها.

فالمعيار الأساسي هو الغاية والوسيلة : فإذا كانت الغاية مشروعة كتحرير الأرض أو الدفاع عن النفس والوسائل تدعم بالقوانين الدولية (عدم استهداف الأبرياء أو ترويع المدنيين أو تخريب الممتلكات )، فإن الفعل يُعد مقاومة لا إرهاباً..أما استخدام العنف العشوائي أو تبرير قتل الأبرياء وتجويعهم لتحقيق أغراض سياسية، فهو إرهاب مهما كانت المبررات.

كيف يؤثر الإعلام على وعي الجمهور تجاه ظاهرة الإرهاب؟

يلعب الإعلام دوراً محورياً في تشكيل وعي المجتمعات تجاه الإرهاب، فهو المصدر الأول للمعلومات بالنسبة للمواطنين أو الجمهور ..ومن خلال طريقة التغطية الإعلامية، يمكن أن يسهم الإعلام في تعزيز الفهم الواعي أو في تضليل المتلقي.

فعندما يلتزم الإعلام النزيه بالموضوعية ويُبرز الحقائق دون تهويل أو ترويع، فإنه يعزز الثقة ويُسهم في نشر الوعي الأمني والاجتماعي. أما إذا كان الإعلام مبالغ في تصوير الأحداث الإرهابية أو ركز على مشاهد العنف، فقد يؤدي ذلك إلى نشر الخوف أو حتى إلى الترويج غير المقصود للفكر الإرهابي.

كما أن الإعلام الواعي يستطيع أن يفضح الفكر المتطرف بالحجة والمنطق والبراهين، وأن يُبرز قصص النجاح في مكافحة الإرهاب، مما يخلق رأياً عاماً مسانداً للدولة في جهودها الأمنية والفكرية.

ما هي المسؤوليات الملقاة على عاتق الإعلام في مواجهة الإرهاب والحد من تأثيره؟

تتمثل مسؤوليات الإعلام في مواجهة الإرهاب في التوازن بين حرية النشر ومسؤولية الكلمة. فعليه أن يكون خط الدفاع الأول ضد الفكر المتطرف، ومن خلال تقديم محتوى يُعزز قيم التسامح والانتماء والاعتدال دو مبالغة او تقصير 

كما يجب على المؤسسات الإعلامية أن تتبنى خطاباً مهنياً يركز على الحقائق، ويتجنب نشر الشائعات أو ترديد خطاب الكراهية، وأن تُدرّب كوادرها على التعامل الحذر مع الأخبار الإرهابية والمعلومات المضللة.

ومن المهم أن يُبرز الإعلام اللحمة الوطنية والتعاون بين المؤسسات الأمنية والمواطنين، ليكون نموذجاً إيجابياً يُحتذى به. ويمكنه كذلك دعم البرامج التوعوية والأفلام الوثائقية والمحاظرات الأمنية التي تشرح مخاطر الإرهاب على الفرد والمجتمع، وتُظهر جهود الدولة في حماية مؤسساتها وأمن مواطنيها .

كيف يمكن بناء إستراتيجية إعلامية فاعلة لمواجهة الإرهاب وتوعية الجمهور بمخاطره؟

تبدأ الإستراتيجية الإعلامية الفاعلة بتحديد أهداف واضحة، أهمها: تحصين المجتمع ضد الفكر المتطرف، وتعزيز ثقافة التسامح، وتوعية الجمهور بأساليب الجماعات الإرهابية في التضليل والتجنيد.

ولتحقيق ذلك، يجب أن تتكاتف الجهود بين المؤسسات الإعلامية والأمنية والتعليمية والدينية، بحيث تُبنى خطة إعلامية موحدة تعتمد على الرسائل الإيجابية والتثقيفية واقامت ندوات ومحاضرات في المدارس والجامعات والمؤسسات الحكومية والمساجد كما

ينبغي أيضاً تنويع الوسائل المستخدمة؛ فإلى جانب التلفزيون والصحافة، يجب استغلال منصات التواصل الاجتماعي للوصول إلى فئة الشباب بلغتهم وأدواتهم. كما يجب الاستثمار في الدراما والبرامج الوثائقية الهادفة، لأنها تترك أثراً عميقاً في المتلقي.

وفي النهاية، لا بد أن تكون الإستراتيجية مستمرة ومتطورة، تستند إلى دراسات للرأي العام وتقويم دوري للأداء الإعلامي، لضمان فاعليتها في مواجهة الإرهاب فكرياً ومجتمعياً.