
" الاستثمار هو المشكلة والحل " .. مقولة لم يستوعبها الكثير منا على الرغم من أهميتها في التخطيط الاقتصادي والاستثماري سواء على مستوى القرار التشريعي أو الإداري مرورا بآليات التنفيذ والأداء الميداني ووصولا إلى منظومة متكاملة تحت مظلة بيئة الاستثمار الجاذبة وليست الطاردة التي يتمسك بها الفكر الإداري العربي وتدفع إلى التقدم للخلف و بدون وعى من خلال القرار العشوائي أو التشريع غير المدروس التي تُؤتي سلبياتها مباشرة من خلال المعاناة التي يعيشها ويعاني منها المواطن في حياته اليومية ، بعيدا عن مؤشرات التنمية وفوائض الميزانية التي لا تنعكس مباشرة على حياة الأفراد ورفاهيتهم ، وهى المسؤولية الأولى والأساسية للحكومات وهي المرأة التي يرى من خلالها المستثمر الأجنبي فرص الاستثمار الحقيقة المحفزة للاقتصاد، وتعطي المستثمر في الداخل والخارج درجات الأمان والثقة، التي تقوده للقرار الاستثماري الذي كثيرا ما يصطدم بالقرار العشوائي سواء الإداري أو التشريعي الذي قد يبتعد تماما عن الصالح العام بل قد يتعارض معه من حيث التوقيت والزمن والجوانب السيكولوجية والأوضاع الاجتماعية وحتى الرياضية والثقافية ، والتي تمثل عبئا على الاستثمار خاصة إذا تمسك المشرع بالتشريع الخطأ أو غير المناسب ، وتكون الطامة الكبرى عندما نضع القوانين الخطأ ونتمسك بها ولا نعترف بأنها تحتاج إلى سرعة التصويب لتصحيح المسارات في الإنتاج وفي أسواق العمل وتمثل بذلك نوعا من الفساد الإداري وعجزا عن التصحيح والعودة إلى الصواب في الوقت المناسب ، لأنه عادة يتم التصويب والتصحيح بعد خراب مالطة كما نقول في الأمثال الشعبية في ظل الغياب الفعلي لآليات المراقبة والمتابعة
والافتقار للشفافية والإفصاح والرقابة الصارمة والمرنة، ونقص آليات التحكيم وفض المنازعات وبطئ إجراءات والتقاضي ،
لأن تفشي الفساد في مختلف مستوياته وأنواعه يقلل من ثقة المستثمرين ويزيد من بالخوف وعدم الأمان وهى العتبات الأولى لعدم الاستقرار الذي يُرسي ويعمق خطوات التخلف وينذر ببداية الانهيار، الذي تحميه
التعقيدات الإدارية والبيروقراطية، وصعوبة التعاملات الحكومية وتعددها وتكرارها بل والإصرار عليها أحيانا ،
ومن ذلك ما نجده في تغول الدولة في الأنشطة الاقتصادية وسيطرتها على قطاعات واسعة في المجتمع على حساب القطاع الخاص الذي لا يستطيع الصمود والمقاومة أمام سطوة الدولة وسلطاتها ،
وجميعها تحديات ومخاوف تواجه المستثمرين من القرارات العشوائية غير المدروسة خاصة إذا كانت متعلقة بالأنشطة الاقتصادية والاستثمارية وسوق العمل، لأن أي تعديل أو إلغاء أو حظر للمهن أو الوظائف أو الأنشطة ينعكس مباشرة على تدفق الاستثمارات أو خروجها أو توقفها أو تعثرها، حتى ولو كانت هذه القرارات لا تتعلق مباشرة بالاستثمار و تؤثر على معنويات السوق، وتحد من فرص الاستثمار ومن نمو السوق
وأكثر المخاوف التي تهدد بيئة الاستثمار تكمن في سيطرة النظم غير الديمقراطية التي قد لا تلزم بالقوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية أو الاتفاقيات التجارية، وتخلق بيئة طاردة للاستثمارات الأجنبية والمحلية، وتشكل عائقا أساسيا في طريق التنمية، بما يضر بالاستثمار والاقتصاد، وتعوق تدفق رأس المال الأجنبي وتجبر المستثمر المحلي على الانسحاب من السوق أو الهروب منه قسرا وقهرا، لذي ينتج عنه نظرة سلبية نحو الاستثمار ، وتتفاقم الأزمة
اذا صاحب ذلك عدم استقرار و اضطرابات سياسية، وتوترات أمنية، وعدم وضوح الرؤية السياسية تؤثر سلبًا على معنويات المستثمرين، والمستهلكين انخفاض القدرة الشرائية ومؤشرات ركود الأسواق ، وانخفاض عوائد الاستثمار مقارنة بالمخاطر ، ومن ثم يفقد السوق جاذبيته للمستثمرين
وساعد على ذلك حالة الاضطراب الناتج عن الصراعات العربية – العربية والنزاعات الداخلية والطائفية في معظم الدول العربية وعدم الاستقرار السياسي والأمني في المنطقة الناتج عن الوجود الإسرائيلي وتهديداته المستمرة لأمن المنطقة الذي يؤثر على الأسواق وأسعار النفط والصرف وسيولة النقد الأجنبي وارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، وعجز البنوك عن التمويل والإقراض للشركات الصغير والمتوسطة وتعثرها أو توقفها ، وكلها أو بعضها تمثل بيئة استثمارية غير مواتية بل وطاردة في الوقت ذاته، فرأس المال يبحث عن أعلى قدر من الربح، ولذلك لا يمكن المغامرة في مشروعات تتعرض إلى الخسائر والفشل في أية لحظة، أو تحكمها القوانين والتشريعات العمالية البالية والمتعارضة مع قوانين منظمتي العمل الدولية والعربية، وهي من الأمور الأساسية التي يهتم بها المستثمر الأجنبي، نظرا لارتباطها بحقوق العمال والرواتب والأجور، ومدى استقرارهم واستمرارهم على رأس العمل، وما ينتج عنه من تسريح الأيد العاملة حتي المدربة والتي تملك الخبرة والمهارة التي يحتاجها المستثمرون والأسواق