آخر الأسبوع..
قبل أن يصل إلى يومه الـ100 في رئاسة الاتحاد العماني لكرة القدم، لم يكن السيد سليمان البوسعيدي بحاجةٍ لخطاب حماسي، أو مؤتمرات متتالية، أو حتى وعود معلّبة. ترك للرؤية أن تقود، وللتركيز أن يتكلم.
ففي علم القيادة الحديثة، يشير مفهوم “التركيز الاستراتيجي” إلى قدرة القائد على توجيه الموارد المحدودة نحو الأهداف الكبرى، دون تشتيت، ودون ضجيج. وهو تمامًا ما فعله البوسعيدي، الذي نقل دفة الاتحاد من مرحلة التسيير، إلى التخطيط لهدف لا يقبل القسمة: مونديال 2026.
المنتخب أولًا..لا كلام بعده..
جاء أول قراراته حاسمًا: المنتخب الوطني الأول في قلب الأولويات.
تركيز لا يشبه الحملات الموسمية، بل أقرب إلى ما يسميه علماء الإدارة بـ”التركيز العميق” أو Deep Focus، حيث يتم عزل الضجيج، وتثبيت العدسة على الهدف، كما في العدسات الدقيقة للكاميرات الاحترافية، التي لا تلتقط إلا ما هو في المنتصف تمامًا.
تعاقد مع المدرب كارلوس كيروش، رجل المهام الكبيرة، محاطًا بكتيبة فنية عالية الجودة، وهو اختيار لا يحمل رسائل فنية فقط، بل رسائل إدارية: لا مكان للعبث.. الطريق إلى المونديال يبدأ من الآن.
دوري الحديد..
بداية لعهد صناعي في كرتنا..
بقرار غير تقليدي، أُطلق الدوري الجديد تحت مسمّى “دوري جندال” – وهو الاسم الذي يُقترح أن يكون رسميًا:
“الدوري العماني الممتاز – جندال”
اسم ينقل الصورة من عالم الاتصالات إلى عالم الصناعة، ويمنح البطولة هوية اقتصادية قوية ترتبط بالاستدامة، والإنتاج، والتطوير.
هذا التحول، بعد سنوات من رعاية عمانتل، هو أيضًا رسالة: الشراكة الرياضية لم تعد فقط دعائية، بل جزء من الاقتصاد الوطني.
عمانتل تعود..
ولكن في مكانها الطبيعي..
في تناغم محسوب، عادت عمانتل هذه المرة كشريك رسمي لبطولة كأس جلالة السلطان المعظم، وهو ما يعزز من قيمة البطولة رمزيًا واقتصاديًا، بالإضافة إلى اتفاقية خاصة لرعاية منتخبنا الوطني الأول، وهي خطوة تؤكد أن السيد سليمان لا يقطع العلاقات، بل يُعيد توجيهها.
جولات صامتة..
وتحركات تحت الرادار..
من دون إعلانات استعراضية، يقود البوسعيدي جولات مكوكية داخلية وخارجية، بعيدًا عن عدسات الكاميرات، وفي توقيت لا يلهي الإعلام، لكنه يلفت صُنّاع القرار.
سلسلة من الاجتماعات، بعضها ينتظر الإفصاح عنه، تهدف إلى إعادة صياغة منظومة المسابقات الكروية، عبر هندسة إدارية، وليست فقط حلولًا مؤقتة.
٩ مسابقات في موسم واحد..
أعلن اتحاد الكرة عن روزنامة موسمية واضحة تضم ٩ مسابقات، تشمل كافة المراحل والفئات، ما يعكس فلسفة شمولية تتجاوز التركيز على القمة فقط، نحو قاعدة الهرم الكروي.
مجلس متجانس..
وقيادة لا تحب الأضواء..
بعيدًا عن الاستعراض، يظهر مجلس إدارة الاتحاد الجديد بانسجام ملحوظ، حيث يعمل أفراده بتناغم وهدوء، في بيئة قيادية تتبنى الاستماع، والتشاور، وتنفيذ ما هو ممكن دون تأخير.
السيد سليمان البوسعيدي، قليل الظهور الإعلامي، لا يُلقي الخطب، ولا يُشهر قراراته، يفضل أن يتحدث العمل عن نفسه، وأن ترد الأرقام على من يسأل عن النتائج.
الخلاصة..
التركيز لا يصنع الضجيج..
في زمن يتسابق فيه البعض على الميكروفونات، اختار سليمان البوسعيدي أن يُمارس القيادة الصامتة.
أن يكون تركيزه على المنتخب، وإدارته للموارد، وتحريك العجلة بهدوء، هو اللغة الوحيدة التي يتقنها.
أما هدفه، فليس سوى أن يُرفرف العلم العماني في سماء مونديال 2026.