مرايا
تتجاذب المنطقة رياح المتغيرات، وتأخذ التوترات في عالمنا الحديث أشكالا جديدة، مما يشكّل ظلالا ثقيلة على الشعوب الحالمة بالسلام، وفي خضم هذا الواقع المليء بالتناقضات نجد أن السياسة العمانية ثابتة على مبدأ واحد وساعية إلى عالم قائم على العدالة والإنسانية، السلام بمفهومه الأعم الذي يشمل بناء علاقات قائمة على الاحترام والتفاهم والحوار.
من هذا المنطلق يمكننا قراءة نزوع حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم أعزه الله إلى الإنسانية والسلام وهما المبدأ الذي اعتادت الدولة البوسعيدية أن تعززه دائما على مر العصور، فمنذ ان كانت وهي منارة للسلام، مهما تبدلت الأسماء وتغيرت الأزمنة إلا أن الحياة تعني مساحة لغرس قيم السلام والتسامح الذي يبدأ من الداخل وتكبر دوائره لتشكل العالم المحيط بها، فكل كلمات جلالته وسعيه تتسم بالتوازن بين الواقعية والأمل، وتفتح دائما آفاقا ممكنة للسلام، مدركا أن السلام ليس اتفاقات وأوراقا بل استمرارية تتطلب التزاما جماعيا من كافة الأطراف، وقد استمعنا جميعا إلى كلمة صاحب السمو السيد أسعد بن طارق آل سعيد ممثلا لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم في القمة الخليجية الأمريكية التي احتضنتها الرياض مؤخرا، ولم يكتفِ صاحب السمو بالأبعاد السياسية للقضية الفلسطينية والعلاقات الإيرانية الأمريكية ومحفزاتها للسلام في المنطقة، بل تطرق إلى الأبعاد الإنسانية التي تشكل جوهر الصراع، وذلك لأن العدالة ليست مجرد حق يطالب به، بل واجب إنساني ينبغي على الجميع السعي لتحقيقه، وما تلك الكلمات سوى انعكاس لفلسفة جلالة السلطان هيثم بن طارق أبقاه الله، التي تتجاوز الجغرافيا لتصل إلى أعمق نقطة في الروح الإنسانية، حيث يكون السلام حقاً طبيعياً لكل إنسان.
حتما لن يكون الطريق إلى السلام ممهدا وسهلا، ولكنه يستحق أن نعيش به ولأجله، رغم كل التحديات، ورغم بعض الحكومات التي تجيد غض النظر، ولكن الأمل يشرق دائما من مرايا الشعوب، من إيمانهم بالقضية العادلة، من ضرورة أن يكون السلام وسيلة لتشييد عالم مسكون بالعدالة والكرامة.