سالم بن سيف العبدلي يكتب: الدبلوماسية الاقتصادية شراكة وتعاون

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٨/أبريل/٢٠٢٥ ١٤:٥٩ م
سالم بن سيف العبدلي يكتب: الدبلوماسية الاقتصادية  شراكة وتعاون
سالم بن سيف العبدلي – كاتب ومحلل اقتصادي

الزيارات المكوكية التي يقوم بها جلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله- بين الفينة والاخرى الى عدد من الدول الشقيقة والصديقة لاشك انها تكتسب اهمية كبيرة ليس على المستوى السياسي فحسب وانما على المستوى الاقتصادي والتجاري والاسثماري حيث إنها تؤطر لشراكة حقيقية وتعاون في مجالات اقتصادية مختلفة ، كما إنها تفتح افاق كبيرة نحو اقامة شراكات اقتصادية طويلة الامد وترسخ الثقة بين الجانبين وتقرب وجهات النظر وتحفز المستثمرين ورجال الاعمال في تلك الدول لزيارة السلطنة واقامة مشاريع اسثمارية ، خاصة وان الوفد الذي يرافق جلالته في هذه الزيارات رفيع المستوى ويمثل مؤسسات اسثمارية واقتصادية لها علاقة مباشرة بجذب الاسثمارات.

اخر هذه الزيارات التي قام بها جلالة السلطان حفظه الله هي زيارة دولة الى كلا من هولندا وروسيا هاتين الدولتين التان تعتبران من الدول التي يمكن ان تصبحا شريكان استراتيجيان للسلطنة لما يمتازان بهما من مزايا ومقومات وعوامل مشتركة لتعزيز مجالات التعاون الاقتصادي خاصة في قطاعات هامة كالموانئ والخدمات اللوجستية والتجارة البحرية والصناعات الكيميائية والطاقة المتجددة والمجالات الزراعية والغذائية، علاوةً على التعاون في المجالات الثقافية والأكاديمية.

بالنسبة لهولندا هناك علاقات اقتصادية وشراكة قائمة بين ميانيء روتردام وصحار المطلوب تكثيف التعاون لما فيه مصلحة الجانبين ، وفيما يخص مستقبل الهيدروجين، سواء كان أمونيا أو ميثانول أو هيدروجين سائلًا أو أي مشتق قد تصدره السلطنة فيمكن ان تكون هولندا المنفذ الرئيس إلى السوق الأوروبية ، وتعتبر مملكة هولندا من الدول المتقدمة في المعرفة والتكنولوجيا، وهي ثالث أكبر قوة اقتصادية على مستوى دول الاتحاد الأوروبي،لذا فهي فرصة للاستفادة من خبراتهم المتراكمة في مختلف المجالات التكنولوجية والمعرفية.

والعلاقات العمانية الهولندية متجذرة منذ القدم كما اكدت على ذلك وزيرة التجارة الهولندية في حديثها لوسائل الاعلام حيث أشارت الى انه عام 1624: "وصل التجار الهولنديون لأول مرة إلى ميناء مطرح في سلطنة عُمان ونحتفل هذا العام بحدث بارز بأربعة قرون من العلاقات البحرية بين البلدين الصديقين". وأضافت معاليها أن سلطنة عمان ومملكة هولندا دولتان بحريتان، ولديهما إرث طويل من التجارة في البداية، كانت تجارتنا في التوابل هي التي جمعتنا معًا لاحقًا، كان النفط، والآن نتطلع إلى تجارة المستقبل.

وفيما يخص الميزات التجاري بين البلدين فإنه يميل الى الجانب الهولندي حيث بلغت الصادرات العُمانية إلى مملكة هولندا العام الماضي نحو 41 مليونًا و441 ألفًا و629 ريالًا عُمانيًّا، بينما بلغ إجمالي الواردات من مملكة هولندا 125 مليونًا و871 ألفًا و705 ريالات عُمانية، وفيما يخص الاستثمارات الأجنبية الأولية من مملكة هولندا فبلغت 390 مليونًا و500 ألف ريال عُماني حتى نهاية 2024، في حين بلغت الاستثمارات العُمانية إلى مملكة هولندا المبدئية 278 مليونًا و300 ألف ريال عُماني حتى نهاية 2023، وبلغ عدد الزوار القادمين إلى سلطنة عُمان من مملكة هولندا خلال عام 2024م 18 ألفًا و207 زائرين، فيما بلغ عدد الشركات المسجلة التي بها مساهمة هولندية في سلطنة عُمان حتى نهاية عام 2024م نحو 155 شركة بقيمة إجمالية مساهمة تتجاوز 147 مليونًا و637 ألف ريال عُماني،هذه المؤشرات والارقام محفزة للمزيد من التعاون الاقاتصادي بين الجانبين وهذا ما نأمله بعد هذه الزيارة الكريمة.

أما بالنسبة لروسيا الاتحادية فإنها تربط مع السلطنة بعلاقات رسمية منذ اربعين عاما وقد تجاوز حجم التبادل التجاري بين سلطنة عُمان والاتحاد الروسي بنهاية عام 2024م نحو 133 مليونًا و108 آلاف ريال عُماني أي ما يعادل أكثر من 346 مليون دولار أمريكي ، وبلغ عدد الشركات المسجلة التي بها إسهامٌ روسيٌّ بسلطنة عُمان حتى عام 2024م حوالي 277 شركة، بقيمة إجمالية تبلغ أكثر من 11.6 مليون ريال عُماني أي بنسبة 84.6 بالمائة من إجمالي رأس المال المستثمر في هذه الشركات التي تستثمر في قطاعات تجارة الجملة والتجزئة والأنشطة المهنية والعلمية والتقنية والمعلومات والاتصالات والتشييد وأنشطة الإقامة والخدمات الغذائية والنقل والتخزين والتعدين واستغلال المحاجر وأنشطة الخدمات الإدارية وخدمات الدّعم والفنون والترفيه والتسلية والأنشطة المالية.

وفي ختام زيارة جلالة السلطان هيثم بن طارق حفظه الله تم التوقيع على عدد اتفاقيات ومذكرات تفاهم في مختلف المجالات؛ أهمها اتفاقية الإعفاء المتبادل من التأشيرات للجوازات العادية لمواطني البلدين؛ وبروتوكول إنشاء اللجنة المشتركة العُمانية الروسية وغيرها من مذكرات التفاهم في مجالات متعدّدة، منها الأسماك، والتجارة، والإعلام، والدبلوماسية، والمناخ وغيرها..

ويبقى القول أن مذكرات التفاهم التي وقعت مع الجانبين ينبغي ان تترجم الى اتفاقيات واعمال على ارض الواقع كما ينبغي متابعة ما تم الإتفاق عليه وتذليل العقبات والتحديات التي تواجه التنفيذ ونأمل ان نرى نتائج هذه الاتفاقيات ماثلة أمام الجميع خلال الفترة القريبة القادمة