مسقط - العُمانية
تمكّن فريق بحثي من جامعة السلطان قابوس ممثلة في كلية الطب والعلوم الصحية بالتعاون مع معهد VIB من جامعة لوفين من إيجاد طفرة جينية مرتبطة بالباركنسونية المبكرة.
جاء هذا الاكتشاف نتيجة ملاحظات أطباء وحدة طب المخ والأعصاب بقسم الباطنية في الكلية ومستشفى الجامعة (المدينة الطبية الجامعية)، خلال علاج شقيقتين عمانيتين؛ إذ لاحظ الأطباء أن الشقيقتين لم تستجيبا للعلاجات التقليدية وأظهرتا تطورًا سريعًا للمرض خلال مدة قصيرة.
أوضح الدكتور عبد الله بن راشد العاصمي، أستاذ مشارك ورئيس وحدة طب المخ والأعصاب بقسم الباطنية في كلية الطب والعلوم الصحية بالجامعة، أن قصة الحالتين تعود إلى نحو أربعة عشر عامًا. وفي ذلك الوقت، زارت شقيقتان عمانيتان عيادة طب المخ والأعصاب بمستشفى الجامعة، حيث كانتا في أوائل العشرينات من العمر، وظهرت عليهما أعراض مرض الباركنسون (الشلل الرعاشي). كما عانتا من درجات متفاوتة من التحديات السلوكية والعقلية، وكانت إحداهما قد تعرضت لنوبات صرع قبل سنوات من ظهور أعراض الباركنسون لديها، التي أُثبتت من خلال الفحوصات الإكلينيكية الدقيقة التي أجراها الأستاذ الدكتور سمير العدوي من قسم الطب السلوكي بمستشفى الجامعة.
وأضاف العاصمي أن حالة الشقيقتين كانت نتيجة زواج من الدرجة الأولى، ومع ذلك لم تظهر أي أعراض مرضية على والديهما، مما دفع الفريق للاشتباه في وجود مرض تنكسي عصبي وراثي متنحٍ أدى إلى ظهور الأعراض، بما في ذلك مرض الباركنسون في سن مبكرة.
قام الدكتور نانداجوبال - أحد أطباء المخ والأعصاب ضمن الفريق الطبي بالمستشفى - بالتعاون مع الدكتور سكوت باتريك من قسم الوراثة بالكلية، بالتحقيق في الأسباب الوراثية المعروفة لمرض الباركنسون المبكر، لكن لم يتم العثور على أي من هذه الأسباب. من هنا، ظهرت الحاجة للبحث عن جينات جديدة قد تكون السبب في حالتهما، ومحاولة فهم كيفية تأثير هذه التشوهات الجينية على تطور المرض المبكر والأعراض المصاحبة له.
من هذا المنطلق، عمل فريق جامعة السلطان قابوس مع فريق بحثي من معهد VIB-بجامعة لوفين على مواصلة البحث في هذه الدراسة، بهدف تحديد الجين المسبب للحالة، وتمكن الفريق المشترك الذي يترأسه الدكتور باتريك فرسيسكن من اكتشاف طفرة جينية جديدة قد تتسبب في نوع من الباركنسونية المبكرة. وقد تم اكتشافها في جين يسمى (SGIP1) لدى الشقيقتين، ليكشف البحث عن تأثير الطفرة على تواصل خلايا الدماغ ببعضها، ويفتح بذلك رؤى جديدة حول تطور المرض واستراتيجيات العلاج المحتملة.
ولاختبار تأثير الطفرة الجينية على المتلازمة، قام الباحثون بإنشاء نموذج مختبري باستخدام ذباب الفاكهة الذي يفتقر إلى جين .(SGIP1) حيث أظهر أعراضًا مشابهة لتلك المرتبطة بالباركنسونية، بما في ذلك اضطرابات الحركة وتدهور الخلايا العصبية. كما أظهر الفحص الدقيق أن الطفرة تؤثر على بنية الوصلات العصبية المسؤولة عن نقل الإشارات بين خلايا الدماغ. بالإضافة إلى غياب التراكيب الأساسية المسؤولة عن إعادة تدوير وتحطيم البروتينات في هذه الوصلات. ويشير هذا الاضطراب إلى أن طفرة جين (SGIP1) تؤثر على قدرة الدماغ في الحفاظ على صحة الوصلات العصبية، مما يلعب دورًا رئيسيًا في تطور الباركنسونية.
وأكدت سابين كوينين -باحثة ومؤلفة مشاركة في الدراسة- على أهمية هذا الاكتشاف بقولها: يوفر لنا اكتشاف الطفرة في جين (SGIP1) فهمًا جديدًا لكيفية تطور الاضطرابات العصبية. كذلك يذكرنا بأن التغييرات البسيطة في شفرتنا الجينية قد تكون لها تأثيرات كبيرة على وظائف الدماغ.