مسقط - الشبيبة
صناعة التأمين أصبحت مهمة في حياتنا اليومية والاقتصادية وفي تعاملات الشركات التجارية والمجالات الاقتصادية والصناعية والاستثمارية بشتى فروعها لحمايتها من المخاطر وإعانتها على الاستمرار بعد أن تنقذها من التوقف أو التعثر أو إعلان الإفلاس ، في ظل الظروف الاقتصادية العالمية وما تتعرض له منطقة الشرق الأوسط من ضغوط من طبول الحرب التي تُقرع من حين إلى آخر، والتي تُضاعف تكاليف الشحن والتأمين على السفن والطائرات وإنعاس ذلك على الصناعات والأسعار التي تكوى المستهلين بنارها
والتي بدأت أزمتها بعد توقف سلاسل الإمداد مع حرب روسيا و أكرانيا واستمرت مع عملية كتائب الأقصى في إسرائيل وحتى الآن ، وفي ظل اضطراب الملاحة في باب المندب وتأثر الكثير من الدولة المطلة موانيها علي البحر الأحمر بما فيها قناة السويس
ونتيجة لذلك سوف يزداد الوضع تعقيدا في العالم وفي المنطقة مع ارتفاع أسعار النفط والطاقة التي تنعكس سلبا على كل القطاعات الصناعية والاستهلاكية والخدمية
وهذا يتطلب الاهتمام بقطاع التأمين والتركيز على تقويته للاستفادة من إمكانياته في التنمية المجتمعية ، وذلك بتشجيع الشركات على الاندماج وتكوين شركات عملاقة لإعادة التأمين ، وقد تكون شركات متعددة الجنسية ،
لأنه منذ زمن بعيد ظلت وستظل قضية التنمية الشغل الشاغل للدولة النامية، التي تعاني من مشاكل اقتصادية ورغم أن الأسباب في ذلك كثيرة، إلا أن الجانب التمويلي يبقى من أهم الأسباب في تبرير هذا التعثر، حيث تقتضي عملية التنمية توفير رؤوس الأموال، التي تعتبر العامل الأساسي في التطوير والتنمية الاقتصادية، بعيدا عن الدور التقليدي للتأمين في عمليات التأمين على الحياة والعقارات والمركبات والحوادث ، لا ندري لماذا لا تُعطي الدول أهمية لهذا القطاع الهام والحيوي كبديل للذهاب إلى صندوق النقد الدولي ، و خاصة أن شركات التأمين تحتل مكانة بارزة في تجميع وتراكم الادخار بأنواعه ، وهى وسيلة غير تضخمية و تساهم في تمويل المشاريع الإنتاجية ، لأن فلسفة التأمين تكمن في الاحتياط من مخاطر المستقبل التي تسببه الكوارث التي يتعرض لها الإنسان أو المنشآت ،حيث يساهم في التعويض عن الخسائر التي تتعرض لها الأفراد أو المؤسسات والاقتصاد بصفة عامة بل أن شركات التأمين الكبرى تلعب دورًا بارزا وهاما في المساهمة في التنمية الاقتصادية
وبذلك فإن للتأمين دورا هاما في تنمية اقتصاديات الدول وفي دفع العجلة الاقتصادية والاجتماعية للدولة، إذ أنه يسهم في زيادة القدرات الإنتاجية للدول ورفع معدل النمو الاقتصادي وتحسين الاقتصادات وذلك من خلال دوره في توفير الغطاء التأميني الشامل وقد نجحت الدول المتقدمة من الاستفادة من ذلك بإقامة صناعات مدنية وعسكرية متطورة ، وكذلك في تقديم خدمات اجتماعية لقطاعات المجتمع لتحقيق السلام الاجتماعي وإضفاء حالة الأمان التي تساعد الأفراد والموظفين والعمال على الثقة بالنفس ، و على الاستقرار في العمل وزيادة الإنتاج والدخل القومي
ولذلك تُعدُ شركات التأمين من أهم المنشآت المالية ،في العصر الحديث فهي تختص بإدارة حركة رؤوس الأموال التي تقوم بتجميعها من حملة الوثائق التأمينية، وتُكوّن هذه الأموال الاحتياطات والمخصصات الكافية لمواجهة التزامات المؤمنين ، ويتوقف تحقيق ذلك على مدى نجاح الشركات في انتهاج سياسة ناجحة لإدارة ما لديها من الأموال، حتى تُحقق عائدًا مناسبًا في ظل درجات خطورة متدنية، أو من خلال صفر مخاطر الذي يُميز إدارة الشركات الناجحة عن غيرها ، وإن كانت المخاطر واردة ومحتملة في كل الأحوال وبدرجات مختلفة ومتوقعة لذلك يمكن السيطرة عليها ،لأن مشكلات معظم شركات التأمين تتمحور حول
أسباب تتعلق بالشركات نفسها مثل المشكلات التي تتعلق بالفساد الإداري والمالي ، أو مشكلات تتعلق بالجمهور وضعف الوعي التأميني لدى الأفراد والشركات، وضعف الثقة في التعامل بين الطرفين، إضافة لمشكلات تتعلق بالبيئة الخارجية، منها اختلاف الأنظمة والتشريعات في قطاع التأمين، التي تؤثر على قدرة الشركات التنافسية، ولا سيما في الدول التي لا تزال تمارس احتكار نشاط التأمين ، ولا تسمح بممارسته من شركات وطنية أو أجنبية ،أو إنشاء شراكات استراتيجية مع شركات أخرى لتعزيز الوصول إلى الأسواق الجديدة، ولرفع من الملاءة المالية للشركات، حتى تتمكن من مواجهة قيمة المطالبات والتعويضات التي تتحملها ، ولا سيما أن الاقتصاد العالمي سوف يستغرق وقتاً أطول مما كان متوقعاً حتى يعود للتعافي بشكل كامل ،مع التوقعات باستمرار الحرب على غزة لمد أطول وتحمل اقتصادات المنطقة وشعوبها تكلفة هذه الحرب خاصة عندما تتوسع رقعة الصراع ،وتتأثر قطاعات السفر والنقل و السياحة والتجارة والاستيراد والتصدير ، وتوقف سلاسل الإمدادات والصناعات التي تعتمد عليها.