"نداء السلام"من مسقط

مقالات رأي و تحليلات الأحد ١٥/مايو/٢٠١٦ ٢٣:٠٦ م
"نداء السلام"من مسقط

ناصر اليحمدي

في عالم ملئ بالحروب والصراعات دائما ما ينبثق شعاع السلام ليطفئ نار الكراهية وينقي النفوس من الضغائن والأحقاد ويدعو للتسامح وينشر المحبة بين الناس .. وهذا المعنى يتجسد في فعالية "نداء السلام" التي افتتحها مؤخرا معالي يوسف بن علوي بن عبد الله الوزير المسئول عن الشئون الخارجية والتي شارك فيها 150 طفلا من 80 دولة تتراوح أعمارهم بين 8 إلى 15 عاما في محاولة لنشر براءة الطفولة والتسامح والسلام حول العالم ونبذ الحروب وذلك تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة (اليونيسيف) ومنظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم (اليونسكو).
لاشك أن هذه الفعالية التي تعد الأولى من نوعها على مستوى العالم تبعث برسالة قوية بأن السلام هو السبيل الوحيد لتحقيق سعادة البشرية وأن الوئام والتعايش مع الآخر ومعالجة الاختلاف في وجهات النظر بحكمة عن طريق الحوار المثمر البناء مبادئ كفيلة بإقرار الأمن والاستقرار لشعوب العالم.
إن رعاية السلطنة لمثل هذه الفعاليات تؤكد على دورها الحضاري الداعي للسلام .. فالتاريخ العماني زاخر بالمواقف المشرفة التي حرصت من خلالها على نشر السلام في ربوع الأرض وجمع شمل الفرقاء ورأب الصدع بينهم وحل الأزمات بالطرق السلمية بعيدا عن التعصب وعبر مسارات الحوار الإيجابي .. فقد اتخذت موقف المحايد من النزاعات الداخلية بين أبناء البلد الواحد واعتبرت أن هذه شئون داخلية لا يجوز التدخل فيها وحرصت على الحفاظ على علاقاتها مع الدول الأخرى بناء على الاحترام المتبادل والبحث عما يحقق المصلحة المشتركة للشعوب.
لاشك أن كل من يعيش على الأرض الطيبة يشعر بعظمة السياسة الحكيمة لقائد النهضة عاهل البلاد المفدى حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه وأبقاه ورؤيته الثاقبة للأمور ويدرك نعمة السلام والأمن التي ينعم بها .. فقد وعد جلالته أعزه الله منذ أن تولى مقاليد الحكم في البلاد المواطن بتحقيق استقراره وأمنه ورخائه وأوفى بوعده.
إن المستقبل المشرق الواعد الذي تحلم به الشعوب لا يمكن أن يتحقق على أنقاض الحروب وصوت المدافع وأزيز الطائرات وإنما بالبحث عن المشترك الإنساني ونبذ الخلافات وإعلاء صوت السلام وهذه المسئولية تقع على عاتق قادة الدول التي أنهكتها الحروب ومزقت شعوبها وخلفت الدمار في كل مكان .. فما تتعرض له بعض دول المنطقة من فوضى وخراب إنما يعود للصراع على مكاسب زائلة من قادة لا يراعون مصالح شعوبهم والنظر للأمور من منظور ضيق لا يشمل مصلحة الوطن ككل ولا يبالي بمستقبل الشباب والأطفال الذين يدفعون فاتورة هذا الصراع.
لقد أطلق الأطفال في فعالية "نداء السلام" صرخة واحدة بلغة واحدة يطالبون فيها بنشر السلام من أجل تحقيق مستقبل أفضل وحياة أجمل وتحويل شلالات الدم لمروج خضراء وينابيع خير تفيض حبا وأمنا واستقرارا .. وبالتأكيد هذه المطالب مشروعة وواجب على كل أب وأم وقائد ومسئول أن يحقق طموحات وتطلعات هؤلاء الأطفال .. فمن حقهم العيش في بيئة تمنحهم الأمان والطمأنينة والثقة في غد أفضل مفعم بالبراءة والأمل لا يشوهه السلاح والقتل والدمار وندعو الله أن يسمع العالم نداءهم ويستجيب لمطالبهم ويحقق آمالهم.
إن فعالية "نداء السلام" تبرهن على أننا ماضون في مطالبنا ودعواتنا الداعية للسلام ولن نيأس حتى نراه يعلو ويسود كافة ربوع الأرض.

* * *
"ابتكار عمان" .. استثمار للمستقبل
أصبحت المعرفة في عصرنا الحديث هي محرك الإنتاج والنمو الاقتصادي لأية دولة حيث إن شح المعرفة وركود تطورها يحكمان على البلدان التي تعانيها بضعف القدرة الإنتاجية وتضاؤل فرص التنمية لذلك نرى أن الاقتصاد العالمي اتجه في الآونة الأخيرة نحو اقتصاد المعرفة لتحقيق النهضة والتقدم .. ولكن للأسف مازالت كثير من دولنا العربية ترى أن هذا النوع من الاقتصاد لا طائل من ورائه ولن تستفيد منه شعوبها لأنه يعد نوعا من الرفاهية يمكن الاستغناء عنه وبالتأكيد هذا خطأ فادح لأن الرهان على المعرفة هو رهان على مستقبل أفضل.
من هنا تأتي أهمية إنشاء شركة "ابتكار عمان" والتي تحول البحث العلمي لرافد اقتصادي وسلما تصعد عليه بلادنا لترتقي نحو الريادة والتقدم والتطور .. فهذه الشركة التي تأتي ثمرة شراكة بين صندوق الاحتياطي العام للدولة وشركة النفط العُمانية والشركة العُمانية للاتصالات (عمانتل) ومجلس البحث العلمي تجسد اهتمام الدولة ومؤسساتها المختلفة باقتصاد المعرفة وحرصها على تعزيز دور التكنولوجيا في تحقيق نهضة البلاد.
قد يرى البعض أن تخصيص رأس مال 50 مليون ريال عماني مبدئيا للشركة قابل للزيادة فيه مخاطرة كبيرة بهذا المبلغ الضخم إلا أن من يقرأ عما تخصصه الدول الكبرى من ميزانيات ضخمة للبحث العلمي يعرف أن إنشاء هذه الشركة جاء في الوقت المناسب لأنه يمهد الطريق أمام الدولة للولوج إلى مستقبل النهضة وتوطين المعرفة بما يعود على الشعب الوفي والاقتصاد الوطني بالخير والرفاهية والنماء بالإضافة إلى وضع اسم السلطنة في قائمة الدول المتقدمة ويزيد من الاهتمام الدولي بالاقتصاد العماني .. ويكفي أن نعرف أن أمريكا مثلا تنفق أكثر من 400 مليار دولار سنويا على البحث والتطوير والصين 300 مليار واليابان أكثر من 160 مليارا وهكذا حتى إسرائيل تخصص 4,2% من مجمل دخلها القومي السنوي على الأبحاث والتطوير وبما يعادل 9 مليارات دولار سنويا.
إن شركة ابتكار عمان – كما نشر عنها - تهدف إلى الاستثمار في المشروعات الخلاقة التي يتم ابتكارها في السلطنة إلى جانب الاستفادة من المشروعات المبتكرة عالميا والتي تخدم الاقتصاد الوطني في مجال الطاقة والرعاية الصحية والصناعات والأغذية والمجالات المرتبطة بها .. وهذا الدور الهام في توطين التكنولوجيا سيساعد على ملاحقة آخر المستجدات العالمية ومواكبة التطورات التقنية وآخر تطورات العصر وتحويل المجتمع المحلي من مجرد مستهلك مستورد إلى منتج ومتقدم علميا.
لاشك أن إنشاء شركة ابتكار عمان سيشجع على الحفاظ على العقول المبدعة التي تبحث عمن يتبناها ويحول أفكارها الخلاقة لواقع ملموس تستفيد منه البشرية خاصة أنه في الآونة الأخيرة ترددت أسماء عمانية كثيرة أبدعت وابتكرت ونالت جوائز دولية ولا نريد أن تقف اختراعاتها عند هذا الحد ونتمنى أن تطبق في الواقع حتى تحظى بقيمتها الفعلية.
إن دعم سياسات البحث العلمي ورصد الأموال الكافية له لم يعد اختيارا في عصرنا الحالي بل بات ضرورة ملحة لمواكبة تطورات العصر والخروج من التخلف المعرفي وهو ما يجب أن تعيه بقية دولنا العربية إذا أرادت أن تستعيد المجد الذي كان .. فقد آن الأوان للاقتداء بالسلطنة ودعم البحث العلمي وتوجيه الاستثمار في مجال التقنية الحديثة.
* * *
من فيض الخاطر
علمتني الحياة ألا أيأس إذا تعثرت أقدامي وسقطت في حفرة عميقة لأنني أعلم أنني سوف أخرج منها أكثر قوة وتماسكا ..
وعلمتني الحياة ألا أحزن إذا اكتشفت خيانة أقرب الأصدقاء إلى قلبي .. فسوف أنزع سكين الخيانة من ظهري وأمضي وأنا ألقي عليه ابتسامة شفقة داعيا له بالهداية ..
وعلمتني الحياة أن ما تراه عيني ليس نهاية الكون .. فالعالم شاسع لا ينتهي بانتهاء الأشياء ..
وعلمتني الحياة أن العيش بدون أحلام لا لون ولا طعم ولا رائحة له .. وكلما حققت حلما أصبو لما بعده وكلما خذلني آخر أجعل من حالة الانكسار بداية لحلم جديد...
وعلمتني الحياة عدم البكاء على الأطلال التي تسكنها الخفافيش بل أبحث عن صوت بلبل يصدح معلنا بدء يوم جديد... فإذا كان الأمس قد ضاع واليوم يلملم أوراقه ليرحل فإن الغد آت ولنجعله جميلا مضيئا..

* * *
آخر كلام
فاتورة التليفون أبلغ دليل على أن الصمت أوفر بكثير من الكلام.