قبل أيام قليلة، وبالتزامن مع إعلان ولاية صور عاصمة للسياحة العربية عام 2024 الجاري، تشرفت بحضور ملتقى صحفي كبير، نظمته جمعية الصحافيين العمانيين بالولاية الأجمل على الإطلاق في محافظة جنوب الشرقية وسلطنة عمان، وكانت فرصة ذهبية للتعرف عليها عن قرب والاستمتاع بأجواءها وطبيعتها الخلابة التي حباها الله عز وجل لها، ورغم كل ما رأيته من مقومات طبيعية لا مثيل لها إلا أنه قد أحزنني عدم وجود مقومات سياحية تتناسب مع هذا القدر الكبير من الجمال.
صور تمتلك تاريخ بحري يمثل تناغماً في العلاقة بين الإنسان والبحر، ودوراً تاريخياً كمركز تجاري وتاريخي وموقع لصناعة السفن الخشبية على مدى قرون، ورغم غنى هذه الولاية بتلك الطبيعة الخلابة من جبال شاهقة وصحاري شاسعة وأودية ومياه ساحرة وأجواء معتدلة إلا أنها تعاني من الاهتمام بها كمدينة سياحية عالمية تضاهي كبرى المدن السياحية الخليجية والعربية بل والعالمية.
من زار مدينة "شرم الشيخ" في شبه جزيرة سيناء في مصر الحبيبة سيجد أنها مدينة تمتلك نفس الطبيعة الساحرة من جبال وأودية ومياه بحار وأجواء معتدلة وهي نفس المقومات التي تتملكها ولاية صور بالضبط، مع فارق شاسع وهو أنه تم استغلال "شرم الشيخ" استغلالاً أمثل فتحولت لمنتجع سياحي ضخم يضم سلاسل فنادق عالمية كبرى ومراكز للغطس والغوص والترفيه في كل مكان.
السائح الأجنبي الذي يترك بلاده الباردة هرباً من الشتاء القارص بأوروبا أو روسيا أو الصين أو حتى أمريكا يذهب لمدن دافئة مثل شرم الشيخ من أجل الشعور بالدفئ والإستحمام بالشمس والاستمتاع بالمياه الدافئة والاسترخاء مع القليل من الترفيه ليلاً، فشرم الشيخ مدينة قائمة على "الشمس والمياه" فقط، وهو نفس الشئ الذي تمتلكه صور العفية، فلماذا لا تكون صور وجهة سياحية عالمية لتكون "شرم الشيخ 2"؟ .. ولماذا لا تنافس صور ذات التاريخ البحري الكبير والأماكن الطبيعية تلك المدينة؟
ولاية صور التي تقع في الجهة الشمالية من ساحل سلطنة عُمان الشرقي ويحدها من الجهة الشمالية ولاية قريات ومن جهة الجنوب ثلاث ولايات هي جعلان بني بو علي وجعلان بني بو حسن والكامل والوافي ومن الجهة الغربية ولاية وادي بني خالد تعد مركز ثقافي وحضاري بمحافظة جنوب الشرقية، وبالتالي يمكن البدء فورا دون تأجيل لإعدادها لتكون عاصمة سياحة ثقافية تراثية لسلطنة عمان الغالية، وذلك بقليل من الإمكانيات والكثير من التحدي والطموح.
معالم صور الطبيعية الخلابة كثيرة ومتعددة منها وادي الشاب، وادي طيوي، شلالات قرية ميبام، محمية السلاحف براس الجنز، خور البطح، خور جراما، كما تضم معالم تراثية قديمة كمنارة العيجة، وحصن بلاد صور، وحصن السنيسلة، وقلعة قلهات – وهو موقع بالمناسبة مسجل في قائمة التراث العالمي باليونسكو - وحصن العيجة، وحصن راس الحد، ومصنع السفن، فكل معلم من هذه المعالم الثرية هو منجم ذهب قد يدر على الاقتصاد العماني ملايين الدولارات سنوياً إذا تم استغلاله الاستغلال الأمثل.
لكن بالرغم من كل هذه المواقع الساحرة نجد على سبيل المثال أن عدد الغرف الفندقية كما أعلن عنه أحد المسؤولين خلال الملتقى الصحفي حوالي 1300 غرفة فندقية فقط، وهو عدد هزيل جدا بالنسبة لإمكانيات الولاية الطبيعية والسياحية، وهنا نحن أمام إشكالية مرتقبة، فإذا تم الترويج للولاية على نطاق واسع عالمياً باعتبارها عاصمة للسياحة العربية وجاء السياح من كل حدب وصوب ينسلون فأين سيقيمون؟!.. هذا سؤال يجب أن تكون إجابته في مرمى نظر المسؤولين.
وفي هذا المقال لدي عدة "مقترحات" لعل يكون لها صدى من أجل النهوض بصور سياحياً من خلال مشاريع صغيرة تفتح فرص عمل عظيمة للشباب لتتحول صور لـ"شرم الشيخ 2"، وهذه المقترحات على سبيل المثال لا الحصر كالتالي :
- إنشاء "ممشى سياحي" على طول كورنيش ولاية صور يضم كافة الخدمات من مطاعم شعبية على مستوى سياحي تقدم الأكلات التقليدية بالإضافة لمقاهي ومحلات تجارية لبيع المشغولات اليدوية والتراثية التي تمتاز بها الولاية.
- إنشاء ما يسمى بـ "الكامبات" وهو مصطلح رائج بالمدن السياحية الساحلية، عبارة عن مجموعة من الخيام والأكواخ الفندقية منخفضة التكاليف يتم بناءها بمواد من الطبيعة بها كافة المستلزمات المعيشية لتكون سكن للسائحين بديلا للغرف الفندقية السياحية باهظة التكاليف كمرحلة انتقالية حتى اكتمال بناء المنتجعات الضخمة التي نحلم بها.
- تحويل "خور جراما" على سبيل المثال لمركز غوص وغطس وسياحة مائية.
- إنشاء مارينا لليخوت الصغيرة تكون قادرة على منافسة مدن سياحية بدول مجاورة لنا.
- العمل على إنشاء ملاهي ملائية تجذب العائلات والأطفال للاستمتاع بصور في إجازات نهاية الأسبوع وبالتالي تشجيع السياحة الداخلية للولاية.
وهناك العديد من الأفكار والروئ ندعوا الله عز وجل أن تتحقق في يوما ما ونرى صور العفية أجمل المدن السياحية عالميا، فصور تحتاج منا الكثير من العمل وهي تستحق ذلك عن جدارة.