هذا المقال موجه بالمقام الأول إلى كل شباب أمتنا العربية إلى كل أطفالنا إلى كل الأباء والأمهات من المحيط إلى الخليج، هذا مقال بمثابة تحذير وإنذار من كل ما تنشره آله العدو الصهيوني الإعلامية عبر وسائل التواصل الاجتماعي لغسل أدمغة شبابنا وخاصة الجيل الصاعد منهم هدفهم خبيث ونيتهم مدمرة.
الاحتلال الصهيوني منذ ظهور منصات التواصل الاجتماعي "السوشبال ميديا" وانتشارها في ربوع العالم وهو يستغلها أفضل استغلال لتحقيق مصالحه والترويج لسياسته وتلميع صورته وضرب عقول شبابنا العربي في مقتل لجعلهم تابعين له خاضعين لأفكاره المسمومة ، ولا يزالون يحاولون..
وسريعا ما ألتقط جيش الاحتلال الإسرائيلي هذه الوسائل سريعاً لتحقيق مآربه بهدف تغيير صورته النمطية الدموية المعروفة، فجند ضباطه وجنوده ممن يجيدون اللغة العربية لمخاطبة الجماهير العربية على "السوشيال ميديا"، وكأن أبرزز هذه الأدوات هو "أفيخاي أدرعي" الضابط الصهيوني بالجيش المجرم، الذي يتبارى كل صباح وعند كل مساء بالحكمة والموعظة الحسنة، تارة بنشر أحدايث نبوية وتارة أخرى ببث "آيات قرآنية" وفى مرات كثيرة بنشر التبريكات الدينية أيام الجمعة وفي المناسبات الدينة الإسلامية ، للإيحاء إن "إسرائيل" دولة تتعايش مع الجميع وليس لها عدواة مع الدين الإسلامي وهم أكثر الناس عداءا للذين أسلموا وغزة العزة تشهد على ذلك من السابع من أكتوبر 2023.
أفيخاي أدرعي ومن يقف خلفه من جيش متمرس في حروب "الجيل الرابع" وغسل الأدمغة يلعبون لعبة مفضوحة منذ سنوات لجذب ملايين المتابعين العرب على صفحته بوسائل التواصل الاجتماعي (فيسبوك أو إنستجرام أو X أو غيرها..) حيث يظهر لنا كداعية إسلامى متسامح، يطل بإبتسامته "السمجة" التى تخفى وراءها قبحاً بحجم أراضي فلسطين المحتلة.
أفيخاي وأخوته في منصات التواصل الاجتماعي لا يتوارون عن الكذب للوصول لكل عقل شاب عربى يتابعه، خطته معروفة ومدروسة وضعتها أجهزة استخبارات كيانه الصهيوني المحتل من أجل رسم صورة وردية مغايرة للواقع الدموي للكيان، وهنا تضع الاستخبارات الصهيونية هدفاً رئيسياً وهم الشباب العربي الصغير لأنهم يعلمون جيدا أن الكبار في منطقتنا يعرفون جيدا من هم الصهاينة ويعرفون أنهم عدو العرب التاريخي.
"أفيخاى آدرعى"، المتحدث الرسمى باسم جيش الاحتلال الإسرائيلى لـ"الإعلام العربى"، كما يصف نفسه على صفحاته الرسمية بالسوشبال ميديا يسعى لتكوين صورة لدى العقول العربية الشابة مفادها أن إسرائيل أمر واقع يعيش فى محيطهم العربى وأنها تسعى للسلام دائما ويدها ممدوة لكل جيرانها، ويصل الأمر لأبعد من ذلك، فيلعب أفيخاى على المشاعر الدينية والمورثات الثقافية للشعوب العربية بنشر "منشورات" ظاهرها المحبة وباطنها الحقد والكراهية.
أفيخاي وأخوته رغم كل العدوان الصهيوني الغاشم وسفك دماء الأبرياء في غزة، لا يزال يتبجح ويمارس أكاذيبه بأنهم يدافعون عن أنفسهم وأن جيش الاحتلال جيش أخلاقي لا يقتل المدنيين عمداً.
وللأسف الشديد نجح أفيخاى خلال السنوات الماضية فى تحقيق بعض أهداف مهمته، بوصول عدد المتابعين لصفحاته لملايين الشباب من كافة أنحاء العالم العربى، وهو يسعى لزيادة هذا الرقم لأضعاف مضاعفة، فبرغم من هجوم الكثير عليه وفضحه في التعليقات كونه أحد رموز كيان الاحتلال، إلا أن البعض من شباب "دول عربية" أقامت علاقات دبلوماسية قريباً مع الكيان قد خدعوا بحيله وراحوا يتجاوبون معه بتعليقات حميمية تظهره بالشخص الودود المحب للسلام.
أدرعى كما يعرف نفسه على حسابه الرسمى، من مواليد مدينة "حيفا" الفلسطينية المحتلة عام 1982، ومقيم فى مدينة تل أبيب، بدأ يهتم باللغة العربية منذ صغره حيث تخصص فى الثانوية باللغة العربية وعلم الحاسوب، وحسب تعريفه الشخصى يضيف: "خدمتى العسكرية فى صفوف الجيش بدات عام 2001، كجندى أخذ على عاتقه مهمام ووظائف مختلفة فى شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان"، وفى عام 2005 كان لى شرف تولى منصب الناطق الرسمى باللغة العربية بلسان جيش الاحتلال والمسئول عن العلاقات الاعلامية مع وسائل الاعلام العربية".
ومن خلال تتبع سيرة أفيخاى الذاتية، يتضح أن المنصب تم استحداثه عام 2005، أى أن إسرائيل منذ حوالى 18 عاما تسعى للسيطرة على عقول الشباب العربى عبر وسائل الإعلام المختلفة وتحديدا وسائل التواصل الاجتماعى منذ انطلاقها، فهناك جيش من الكتائب الإلكترونية فى أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، تضع فى عاتقها هذه المهمة الجبارة، وهى كيفية الوصول لكل شاب عربى على شبكات التواصل الاجتماعى وتغيير صورة تل أبيب فى أذهانهم لتنشئة أجيال عربية لا يعنيها "الصراع العربى - الإسرائيلى" بل تتعايش معها كأمر واقع وكأنها دولة عادية فى المنطقة رغم كل العدوان والمجازر.
ورغم مجازر الاحتلال في غزة وكل الأراضي الفلسطينية المحتلة، يعمل أفيخاى وكتائب الحرب الالكترونية بالاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، على تضليل الرأى العام العربى ومتابعيه على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى وإظهار قوات الجيش الإسرائيلى بوجه إنسانى يعمل على خدمة المدنيين الفلسطنيين، فتارة يبث منشور حول إسعاف أحد الأطفال الفلسطينيين، وتارة بمساعدة أحد الجنود لعجوز فلسطينية، مع كتابة عبارات تزعم إنسانية الجيش المحتل، وأن إسرائيل دولة إنسانية يعيش فيها الجميع فى سلام.
وبالرغم من أن حساب أفيخاى أدرعى يتربع على عرش صفحات إسرائيل فى مواقع التواصل الاجتماعى كأثر الحسابات متابعة، إلا أن هناك صفحات أخرى دشنتها المخابرات الصهيونية لنفس الهدف وهو تغيير صورتها النمطية فى أذهان الأجيال العربية، ومن بين الصفحات الإسرائيلية التى تبث باللغة العربية، صفحة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو، بالعربية وصفحة متحدثه الرسمى أيضا بجانب العشرات من الصفحات الأخرى كصفحة "إسرائيل تتكلم بالعربية" وغيرها من الحسابات الاكترونية الاتى تعمل على استمالة قلوب الشباب العربى.
وكانت قد دابت إسرائيل، متمثلة فى "العصابات الصهيونية المسلحة" و"الوكالة اليهودية" فبل نكبة فلسطين عام 1948 على تعليم المستوطنين الصهاينة اللغة العربية من أجل دراسة الفلسطينيين والعرب، من أجل تحقيق مصالحها، وبعد النكبة، تابعت المؤسسات الأمنية الإسرائيلية تعليم عناصر المخابرات فى تل أبيب اللغة العربية لأهداف التجسس والتصنت، مستغلين العديد من اليهود الذين أحضروهم من مختلف الدول العربية لاتقانهم اللهجات المختلفة.
وتعد الوحدة "8200" وحدة المخابرات الصهيونية الأكبر ضمن سلاح المخابرات العسكرية الإسرائيلية، حيث يعتبر خريجى هذه الوحدة من الضباط "قنبلة" فى عالم "الهايتك"، فهذه الوحدة، المختصة بـ"السجنال" (استخبارات الإشارات) وتحليل الشفرة، تتلقى وتحلل كميات هائلة من المعلومات والمعطيات الإلكترونية، فالنوابغ الذين يتطوعون فى هذه الوحدة يكتسبون من خلالها خبرة كبيرة تتعلق بتأمين المعلومات، وتخزين البيانات، والاتصالات الخلوية ونظم حلول حسابية تحليلية، الأمر الذى يساعدهم، على التغلغل داخل المجتمعات العربية الافتراضية بمواقع التواصل الاجتماعى.
وقبل حوالي 15 عام كان وجود الوحدة 8200 أمرا سريا، إلى أن ظهرت فى كتاب "Start-Up Nation" الذى يتحدث عن ظهور إسرائيل كدولة عظمى فى مجال الهايتك مع أكبر رأس مال استثمارى فى العالم، ومع عدد كبير وتحديدا لشركات مسجلة فى "ناسداك"، فى المرتبة الثالثة بعد الولايات المتحدة والصين.
وفى سياق دعم أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية بكوادر قادرين على التغلغل داخل المجتمعات العربية، كشف صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، فى تقرير سابق لها، عن وحدة سرية لجهاز "الأمان" الإسرائيلى- المخابرات العسكرية الإسرائيلية- تعمل منذ سنوات، ولكنها أحيطت بسرية تامة، يتقن عملاؤها اللغة العربية ولهجاتها المختلفة بما فيها اللهجة العامية المصرية والخليجية والشامية وغيرها من اللهجات.
كما أن طلاب دورة المحققين الميدانيين فى الوحدة 504، يعيشون ويتحدثون ويتنفسون اللغة العربية وثقافتها، فهكذا فقط يمكنهم الحصول على معلومات ثمينة من مواقع التواصل الاجتماعى، فهذه الوحدة هى الجهة الاستخبارية الوحيدة التى تنزل حتى مستوى الكتيبة.
في نهاية مقالي هذا أدعوا كافة الأباء والأمهات في محيطنا العربي للانتباه فيما يشاهده ويتابعه أبنائهم، بل عليهم حذف جميع هذه الحسابات الصهيونية من هواتف أبنائهم بأسرع وقت حتى لا يقعوا فريسة في أيدي الآلة الصهيونية الإعلامية.
عن الكاتب
- هو كاتب صحفي متخصص في الشؤون الإسرائيلية والديانة اليهودية.
- درس اللغة العبرية بجامعة عين شمس المصرية وحصل على دبلوم الدراسات العليا في الشؤون الإسرائيلية من كلية السياسة والاقتصاد بجامعة القاهرة
- له العديد من المؤلفات والمقالات في الشأن الإسرائيلي تم نشرها بالعديد من الصحف العربية
للتواصل مع الكاتب
m.mohy@shabiba.com