علي المطاعني يكتب: لا مجال لمقاومة التغيير

مقالات رأي و تحليلات الأحد ١٣/أغسطس/٢٠٢٣ ٠٨:٥١ ص
علي المطاعني يكتب:  لا مجال لمقاومة التغيير

في الوقت الذي تشهد فيه البلاد تحولات كبيرة على كافة الأصعدة الإجتماعية والإقتصادية تمثل في مجملها قاطرة للتحولات في مجتمعنا من كافة الجوانب التي تفضي لحياة أفضل ومستقبل مشرق بأذن الله تعالى ،إلا أن البعض يبدو إنه غير مقتنع بهذه التطورات وتأثيراتها الإيجابية ، ويقاوم التغيير بقوة إذ يرغب في أن تظل الدولة ساكنة ومياهها راكدة وبغير اي حركة او جهد يدفعنا قدما للامام ويبقى هو كما هو متلقي ابدا للخدمات والهبات والاعطيات والإعانات بدون أن يحرك ساكنا او يبذل جهدا يقودنا للامام ، كما إنه لايبذل جهدا يحدث به اختراقا في جدار الصمت والقعود والدعة وليتكيف على الاقل مع المستجدات والمتغيرات التي يشهدها العالم ونحن جزءًا اصيلا منه افتراضا وواقعا .
مايحدث هو إنه يمضي في مناطحة التغيير ، الأمر الذي يتطلب أن يتفهم الفرد والمجتمع حتمية ان يكون جزءا فاعلاً وإيجابيا في منظومة التغيرات التي تشهدها البلاد ويعمل على الإستفادة منها وليس العكس ، وبذلك فقط ينعتق من اوهام الماضي ويتحرر من القيود اللزجة التي مابرحت تمنعه من ان يحدث ذلك التغيير المأمول في قواعد الفهم والادراك في دواخله شديدة العتمة وإذ هو يسعى خلف سراب التبريرات الواهية المستندة بنحو كلي على الاتكالية المعتلة متوسلا للسماء لتمطر ذهبا وجواهر وإلى ما شاء الله .
بلاشك أن التشريعات التي أصدرت كمنظومة الحماية الإجتماعية وقوانين التقاعد وضم صناديقها ‏والاطر الإقتصادية خلال الفترة الماضية وغيرها ، هيأت الأرضية الصلبة والقاعدة المتينة لتحولات اجتماعية واقتصادية كبيرة في المجتمع العماني وفي إطار الاصطفاف المحمود للمرحلة القادمة بالمزيد من الجاهزية الإجتماعية لمتغيرات حياتية ايجابية قادمة .
فهذه النظم تهدف إلى تحقيق استدامة حياة أفضل وارغد وتهيئ الفرص للمواطن والمجتمع ليسهم في هذا الحراك الكبير بالمزيد من الإيجابية والتفاعل مع المستجدات والمتغيرات بفاعلية تمكنه من الحفاظ على الرفاهية المنتظرة ويعظم الاستفادة منها.
فاصدار منظومة الحماية الإجتماعية على سبيل المثال سوف يضخ أكثر من 400 مليون ريال سنويا في شرايين الإقتصاد ستسفيد منها شرائح واسعة من المجتمع في إطار كرم لم يكن متوقعا في ظل الظروف الاقتصادية التي تعيشها الدولة ، وبغض النظر عن أحقية بعض الفئات من عدمها وهي النقطة التي يهمس بها البعض ‏. فهذا النظام يكفيه فخرا إنه يكفل الحياة الكريمة للمواطن أيا كان مستواه المالي والإجتماعي ، لكن في المقابل لا يجب أن يركن المواطن من الشرائح المستفيدة من نظام الحماية الإجتماعية وخاصة الفئات الشابة علي المنافع التي يوفرها النظام له و لأسرته ، بل يجب أن يكون ذلك منطلقا له لمضاعفة دخله اليومي والشهري والسنوي ومن ثم تحقيق طموحاته في حياة أفضل وغد اسعد .
فالحكومة وفرت الحدود الدنيا لمتطلبات الحياة الكريمة ، لتبقى جدلية تحقيق الحدود القصوى تقع على عاتق الفرد من خلال البذل والعمل والإجتهاد والمبادرة والمثابرة .
ويجب في اطار ذلك أن نعمد لنشر ثقافة الإعتماد على الذات بين شرائح المجتمع والاستفادة من الفرص المتوفرة التي ينعم بها الآخرين من خارج البلاد أكثر من ابناءها من خلال الثقافة الاتكالية المترسخة في أذهان البعض.
وفي مطلق الاحوال فإننا نحمد الله على ما تفضل به حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه - بإيجاد نظاما اجتماعيا شبيه لما هو قائم في الدول المتقدمة إزاء حماية شرائح اجتماعية مستحقة كذوي الإعاقة و كبار السن والأسر ذوي الدخل المحدود وغيرهم ممن شملتهم هذه المظلة و إحداث تغيرات في أنظمة التقاعد توفر المزيد من الاستدامة المالية بما يمكن هذه الصناديق من الوفاء بالاستحقاقات المستقبلية لمنضوين تحت مظلتها وتأسيسها بشكل يتواكب من المتطلبات الدولية لهذا النوع من الأنظمة التقاعدية ، فهي أنظمة عالجت العموميات باشكاليات التقاعد وبما يتفق مع المصلحة العامة ولا تعالج حالات فردية بعينها .
بالطبع لكل أنظمة أو تشريعات تأثيرات إيجابية وسلبية مع الإقرار بوجود اخرين لا تتوافق مع رغباتهم ، لكن هذه هي سنه الحياة ، فالمشرع ينظر لما يحقق المصلحة الكلية للدولة وبما تضمها من شخص اعتبارية وفردية وعلى المدى البعيد .
نأمل أن نتفهم التغيرات في هيكلة الأنظمة الاجتماعية والاقتصادية فهي اوجدت من أجل المواطن والمجتمع والدولة ، وتعمل على إستدامة الحياة الكريمة للجميع كهدف وغاية على ذلك يتعين علينا العمل بإخلاص على التفاعل والتناغم الايجابي معها
لنغدو جزءا من منظومة التغيير للافضل ..