قال الباحث عـاطـف بن محمد الزدجالي، الباحث بسلك الدكـتـوراه في العلوم الاقتصادية، كلية العلوم القانونية والاقتصادية، إن المقصود بالجدارات الوظيفية هي الحواجز التنظيمية أو الهيكلية التي قد تنشأ بسبب التقسيمات الوظيفية الموجودة في المؤسسة، والتي تحد من التعاون، وتبادل المعلومات بين تقسيمات الهيكل التنظيمي؛ كانعدام التواصل والتفاهم، وتشعب السلطة الهرمية؛ لذلك فالتنمية المستدامة تساهم بالمرونة الكاملة لإدخال أي من التطورات على المستوى العام في المؤسسة أو المنظمة، وتساهم في رفع مستوى الموارد البشرية من خلال عملية التدريب والتطوير للمواهب وتنميتها، وإقامة العلاقات بين الرؤساء والمرؤوسين، مما ينعكس ذلك على الأداء العام للمؤسسة، باعتبار كل فرد يتميز بإمكانيات ومواهب معينة.
فقد ترتبط التنمية المستدامة بالجدارات الوظيفية بعلاقة وثيقة من حيث نظام عمل المؤسسة، والتأثير على الموظفين، وتحقيق الأهداف بشكل عام، فضلاً عن ذلك فإنها تفيد في الجمع بين هذا التنوع؛ فالدمج بينهم يؤدي إلى تحسين الأداء الوظيفي، والقدرة على سرعة إنجاز الأعمال بشكل مثالي؛ فقد يكون دور الموارد البشرية هو العمل من خلال رؤية معينة للتعامل من خلالها مع المنافسين وإنجاز الأعمال المطلوبة بما يلبي حاجات المستفيدين، وقد يكون جمع وتحليل المعلومات نوع من أنواع الجدارات الوظيفية الهامة، حيث أنها تفيد في جمع المعلومات وتحليلها واقتراح الحلول من خلالها، كما تفيد في عمليات اتخاذ القرارات بالشكل المنطقي، وفهم كافة القضايا التي تؤثر على واقع ومستقبل المؤسسات، ويأتي تنوع الأنشطة وتوزيع المهام مع تعزيز التعاون من الجدارات الوظيفية الرئيسية التي تعني النجاح في بناء العلاقات التي تكون بمثابة نقطة الوصل بين الموظفين والمستفيدين، ويشمل مدى الوعي والانفتاح والفعالية التي تقام على أساس الثقة والاحترام والتواصل والتعاون المتبادل من أجل تحقيق أهداف المؤسسة، وأيضاً تفيد في القدرة على تبسيط أي تعقيد عند حل المشكلات، والتنبؤ بما سوف يحدث في المستقبل، والقدرة على اكتشاف الفرص والاستفادة منها بأفضل شكل ممكن، والتي تسمى بعملية التفكير النقدي.
وتتجلى العلاقة بين التنمية المستدامة والجدارات الوظيفية من خلال إلقاء الضوء على أهداف تلك التنمية؛ فإن الهدف الأساسي هو تعليم مبادئ الاستقلالية في عملية اتخاذ القرار وهذه من الجدارات الهامة؛ فالتنمية المستدامة تقوم على تنمية النماذج الداخلية التي تدعم عملية اتخاذ القرارات من خلال أساسيات العدالة والكرامة والتعاون في اتخاذ القرارات بما يسهم في تحقيق مصالح المؤسسة، وبذلك قد تكون أثرت التنمية المستدامة في الجدارات الوظيفية بدعم الجدارة الخاصة باتخاذ القرارات.
كما أن من أهداف التنمية المستدامة تحقيق الإشباع، وهو ما تسعى إليه المؤسسات وتقوم عليه الجدارات الوظيفية في إمكانية تحقيق الرضا للموظفين وللمستفيدين، وهذا الإشباع الذي تنادي به التنمية المستدامة هو حق من حقوق الإنسان مثل حقه في العيش والبقاء، وقد تهدف إلى تحسين المستوى المعيشي للأفراد، كما يوجد جدارة هامة في المؤسسات وهي تحقيق الرضا الوظيفي من خلال العائد المادي والأرباح والرواتب والحوافز كل هذه سبل؛ لتحسين مستوى المعيشة للموظفين فينعكس إيجابياً على أداء المنظمات والمؤسسات، والحث على التشجيع في اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة التي تعمل على تحقيق العدالة وتحسين مستوى المعيشة؛ فلا يمكن القول بأن هناك تنمية مستدامة بالفعل إلا إذا توفرت سبل المشاركة والعدالة وتكافؤ الفرص مع المحافظة على الهوية الثقافية والتمكين والتعاون والتماسك الاجتماعي؛ فتهدف التنمية المستدامة إلى تحقيق كل هذه العناصر؛ فتتأثر الجدارات الوظيفية بذلك؛ مما يؤدي إلى تعزيز ما يسمى بالعناصر الإيكولوجية التي تمثل العناصر الحية والغير الحية المادية، علاوة على ذلك فإن التنمية المستدامة في طبيعتها هي مسألة شاملة لكل التعاملات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية ولها مردودها الإيجابي.
وكما أن التنمية المستدامة تهدف إلى ربط كافة أهداف المجتمع بالتكنولوجيا ونشر التوعية بأهميتها وكيفية الاستخدام الأمثل لها لتحقيق كافة الأهداف وتحسين الحياة المجتمعية؛ فبذلك تؤثر على الجدارات الوظيفية في إمكانية استخدام التكنولوجيا في المؤسسات والتدريب على أهمية استخدامها، والمؤثرة على السياسات بصفة عامة؛ فقد تساعد هذه الجدارة الوظيفية في إمكانية التنبؤ بأي مشكلة والسيطرة عليها مُسبقاً، وهذا ما يفتح إلينا باباً لنشير من خلاله إلى أن الدول الكبيرة الناجحة التي تنادي بالتنمية المستدامة نجد أن الجدارات الوظيفية فيها تتأثر بتلك التنمية من خلال التوظيف الأمثل للموارد المتاحة دون أي تدمير أو استنزاف لها مقابل مصالح شخصية أو جهل وإلى أهمية تعليم الأفراد كيفية الاستغلال الأمثل لذلك، والتدريب لتنمية مهاراتهم، والذي يعيد التوازن ويسمح بالتوزيع العادل للأدوار والسلطات والمجتمع والأسواق والحفاظ على المجتمع الداخلي والخارجي.
ومن أهم المبادئ التي تقوم عليها التنمية المستدامة هي: الحفاظ على المرونة وتعني القدرة على التطبيق والتكيف وفقاً للظروف وإجراء التعديلات بما يتناسب مع الظروف المحيطة، وهذا يشير إلى العلاقة بين التنمية المستدامة والتأثير على الجدارات الوظيفية في إمكانية تطبيق ذلك الأمر، إضافة إلى مبدأ العدالة، وهذا ما يتم تطبيقه وتتأثر به الجدارات الوظيفية، فضلاً عن مبدأ الكفاءة في استخدام الموارد الطبيعية والبشرية من أجل تحقيق الأهداف، وختاماً لمقالنا هذا نستنتج أن الجدارة الوظيفية لها أهمية خاصة بالكفاءة وتطبيق التكافؤ بين الموارد والأهداف المرجوة بالشكل المثالي؛ فينعكس إيجابياً على الجدارات الوظيفية وعلى المصلحة العامة للمؤسسة عند تطبيق مبادئ التنمية المستدامة؛ ففي النهاية يمكن استنتاج أنه يوجد علاقة طردية واضحة بين التنمية المستدامة ومدى تأثيرها على الجدارات الوظيفية في جميع الجوانب المؤسسية والمجتمعية.