الدكتور محمد العامري يكتب: مشكلة الطلاق في سلطنة عمان

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٤/يوليو/٢٠٢٣ ١٢:٢٢ م
الدكتور محمد العامري يكتب: مشكلة الطلاق في سلطنة عمان
الدكتور محمد بن حمد بن حميد العامري

تشير البيانات الإحصائية الجديدة الصادرة من المركز الوطني للإحصاء والمعلومات الى ارتفاع إجمالي عدد شهادات الطلاق المسجلة في سلطنة عمان، حيث وصل عدد شهادات الطلاق الى 4160 حالة طلاق في عام 2022م، بزيادة مرتفعة عن عام 2021م ، والتي بلغت فيها عدد شهادات الطلاق حوالي 3837 حالة طلاق .

وبنظرة تحليلية مقارنة لهذه البيانات فإننا نستنتج أن متوسط عدد شهادات الطلاق لكل يوم وصلت الى ما يقارب إحدى عشر حالة طلاق في عام 2022 م على مستوى محافظات السلطنة، مقارنة بعشر حالة طلاق لكل يوم في عام 2021م .

وقد سجلت محافظة مسقط أعلى معدل للطلاق لعام 2022 م، مقارنة بباقي محافظات السلطنة بواقع 977 حالة طلاق، تلتها محافظة ظفار بالمرتبة الثانية بواقع 786 حالة طلاق، في حين سجلت محافظتا مسندم والوسطى أدنى حالات طلاق مسجلة لعام 2022م، حيث بلغت 32 حالة طلاق و41 حالة طلاق على التوالي. من جـانـب آخر يتضح من البيـانـات، وللأسف الشديد، ارتفاع نسب الطلاق في المجتمع بشكل يبعث القلق ، وينذر للخطر،إذ بات المجتمع يعاني بشكل ملفت للنظر من هذه الظاهرة ، نتيجة للتغيرات التي أفرزتها الظروف والمعطيات الاقتصادية، والاجتماعية، ووسائل التكنولوجيا الحديثة وغيرها التي طرأت على المجتمع العماني.

ان الطلاق لا يحدث بين الزوجين الا لأسباب تكون أقوى وأكثر تأثيرا على الحياة الزوجية ولعل أهمها العامل الاقتصادي الذي يعد بمثابة أكثر تأثيرا في حدوث الخلافات بين الزوجين ، نتيجة زيادة الأعباء المالية وعدم قدرة الزوج على سد احتياجات الأسرة، وتراكم الديون والعجز عن السد ، وعدم التكافؤ الاقتصادي للزوجين وعدم المقدرة على تحمل أعباء الحياة ،إضافة لذلك المتغيرات الاجتماعية التي يواجها الزوجين مثل تدخل الأهل في شؤون الأسرة باستمرار، وعدم احتواء المشاكل ألأسرية التي تحدث بين الفينة والأخرى ، واختلاف المستوى الثقافي للزوجين ، وفارق السن ، والكراهية المتبادلة بين الزوجين . وعند النظر الى حالات الطلاق، نجد أن وسائل التواصل التكنولوجية الحديثة أفرزت العديد من المشاكل الاجتماعية التي ساهمت بدون شك على ضعف الروابط الأسرية، وذلك بانشغال كل من الزوجين عن الآخر، مما قريهم مكانا ولكن في الحقيقة الأمر بالمقابل، أنهم بعيدين كل البعد عاطفة وشعورا، كذلك لعبت تقنيات وسائل التواصل الاجتماعي دورا بارزا للأسرة الاطلاع على سلوكيات المجتمع الغربي والبعد عن اخلاقيات التي يتحلى بها المجتمع الأسري.

أن ارتقاع نسب ظاهرة الطلاق في المجتمعات الحديثة والتقليدية بخاصة، لا يعد دليلا على التفكك الأخلاقي والاجتماعي فحسب، وانما هو دليل على التغير الاجتماعي، لأن أدوار كل من الزوجين ومراكزهم في المجتمعات التقليدية تكون محددة بشكل واضح، في حين اننا في المجتمعات الحديثة المتغيرة نجد هنالك بعض التداخل والارباك حول هذه الأدوار وفي قبولها والاقتناع بها. أي أنه قد يحدث صراع للأدوار داخل الأسرة مما يودي الى كثير من المشاكل التي لا يستطيع الزوجين حلها وتكون نهايتها الطلاق. . لقد حذر كثير من العلماء والباحثين من تفشي ظاهرة حالات الطلاق وتزايدها في المجتمع، وهي من الظواهر المقلقة في المجتمع، وما ينتج عنها من أثار سلبية وضارة بسلامة المجتمع وبنيته وتماسكه، فزيادة معدل الطلاق ينتج عنه بعض الأمراض والمشاكل النفسية والاجتماعية والأخلاقية والتربوية وخصوصاً على فئتي النساء والأطفال. وفي الأخير لا بد لنا أن نعترف بأن مجتمعنا اليوم يعاني من الظاهرة، وإنها تستحق بجد دراسة أسباب هذه الظاهرة التي تعد ظاهرة غير صحية مرفوضة أخلاقيا واجتماعيا.