العمانية - الشبيبة
أصدرت هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية أربعة إصدارات جديدة تتحدث عن "عُمان في الوثائق العُثمانية" ثلاثمائة وسبعون عامًا من العلاقات التاريخية.
ارتبطت سلطنة عُمان بتاريخ ممتد من العلاقات التاريخية مع الدولة العُثمانية طول فترة حكم السلاطين العُثمانيين، وتم الكشف عن عمق هذه العلاقات من خلال التدقيق في وثائق الأرشيف العُثماني التي أفرد لها ثلاثة مجلدات، وجاء الجزء الرابع بعنوان "العلاقات العُمانية التركية في وثائق الجمهورية التركية"؛ تأكيدًا على العلاقة الطيبة بين البلدين.
واستمرارًا للبحث والتقصي عن الوثائق التي تربط سلطنة عُمان بجمهورية تركيا، تم البدء بمشروعات مكثفة باستخدام أرشيفات الدولة في تركيا، وفحص الوثائق الموجودة فيها بدقة كبيرة، ليتم نشرها في المستقبل لتشجيع البحث العلمي والإبداع الفكري.
وتُعدّ المحفوظات والوثائق مرتكزات أساسية في مجال البحث العلمي والإبداع الفكري، وهي أداة مهمة في التعرف على الجوانب الحضارية والتاريخية لأي بلد من البلدان في العالم، ونتعرف من خلالها على حجم العلاقات والتعاون القائم بين الدول في المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية وفي أحيان أخرى في المجالات الاجتماعية.
وبالتدقيق في وثائق الأرشيف العُثماني تظهر لنا أهمية هذا الأرشيف الغني بوثائقه التي نشأت في ظل الدولة العُثمانية على امتداد تاريخها لقرون عديدة شهدت أحداثًا ووقائع وصراعاتٍ وصدامات ونشاطات تجارية واقتصادية ومصالح مشتركة مع العديد من الدول التي ظهرت خلال الفترات المختلفة لحقب الدولة العُثمانية كالإسبان والبرتغال والهولنديين والألمان والفرنسيين والإنجليز والإيطاليين والبلجيكيين وغيرهم.
وشكلت المنطقة العربية جانبًا من الصراع والتنافس بين الدول الأوروبية والدولة العثمانية فضلًا عن الأحداث الداخلية، ولهذا الغرض فإن الوثائق العُثمانية مرجعٌ مهمٌّ لفهم الأحداث وتاريخ المنطقة العربية، ولا غنى للباحثين والدارسين من الرجوع إلى هذا الكم الهائل من الوثائق والتقارير.
وارتبطت سلطنة عُمان بتاريخ ممتد من العلاقات التاريخية مع الدولة العُثمانية، وتزامن مع تلك الحقب الامتداد والتواصل العُماني بشقيه عُمان في الشرق العربي وزنجبار في الجانب الإفريقي.
وشكلت عُمان بهذا الامتداد والاتساع الجغرافي إمبراطورية كان لها التأثير والتأثر من خلال علاقاتها الدولية، شابتها دروب مختلفة ما بين ازدهار اقتصادي ووضع سياسي وصراع عسكري في المنطقة إلا أنها تميزت في علاقتها بالدولة العثمانية بالمودة والتعاون والتفاهم والسلام والنظرة المشتركة للوضع العام في المنطقة وأحداثها.
وتقوم هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية في سلطنة عُمان في هذا الصدد بإجراء دراسات مهمة بناءً على وثائق الدول التي لديها أرشيفات تاريخية في السنوات الأخيرة، فإن إحدى المحفوظات المهمة التي يجب دراستها وفحصها هي المحفوظات العُثمانية في تركيا التي تحتوي على آلاف الوثائق والسجلات عن عُمان وزنجبار.
وفحصت هذه الدراسة ودققت 3 آلاف و838 صورة للوثائق باللغات التركية العُثمانية، والفرنسية والإنجليزية، وتم تضمين صور وملخصات واسعة عن عُمان وزنجبار والمنطقة المحيطة بها، الموجودة في الأرشيف العُثماني الذي يواصل نشاطه تحت رعاية رئاسة أرشيف الدولة في جمهورية تركيا.
وتم تفضيل الطريقة الأكثر شمولا أثناء إعداد الملخصات التركية الموسعة للوثائق، كما لم يُكتف بإعداد الملخص الواسع للوثائق وترجمتها إلى اللغة العربية واللغة التركية والإنجليزية، أما الوثائق باللغتين الفرنسية والإنجليزية، فقد ترجمت إلى اللغة العربية وأُعد ملخص شامل وفهرس مفصل بالموضوعات والمراسلات لتساعد الباحث في الرجوع إلى المعلومات التاريخية التي تضمنتها أجزاء هذا البحث العلمي والدراسات التاريخية لهذه الوثائق المهمة لتاريخ عُمان وزنجبار.
وقدمت التواريخ الهجرية والميلادية مع الأرقام المرجعية في نهاية الصفحة بناء على التسلسل الزمني، وتجنب تقسيم البلد والموضوعات بسبب العلاقة الوثيقة بين سلطنة عُمان وزنجبار والعلاقة بين الأحداث، لذا اُعتمدت على التسلسل الزمني في الوثائق المكملة بعضها البعض، وتم توحيد المفاهيم والأسماء المعبر عنها بشكل مختلف في الوثائق التي أُعدت باللغة التركية العُثمانية أو لغات أخرى، كنموذج واحد، كما تم توحيد أسماء الأماكن والأشخاص من خلال مراعاة تسمياتهم الدولية.
وتحتوي أرشيفات تركيا على عدد كبير جدا من الوثائق المتعلقة بعُمان وزنجبار، ومن المتوقع مواصلة العمل على دراسة الوثائق الدبلوماسية التي تتناول العلاقات بين جمهورية تركيا وسلطنة عُمان ما يؤكد استمرارية العلاقات الودية التي تعززت بصورة أكبر خلال العقود الماضية في مجالات متعددة، حيث أُفرد لهذا الأمر كتاب خاصًّ، ويظهر من خلال العلاقات حجم ومجالاتها المتنوعة وتطلعات البلدين إلى تطويرها.
وعند النظر في وثائق الجمهورية التركية، سيكون واضحا أن روابط بين سلطنة عُمان والأتراك نشأت في عهد السلطان تيمور بن فيصل (۱۹۱۳ - ۱۹۳۲)، كما جذبت عُمان المزيد من الاهتمام على الساحة الدولية مع تولي السُّلطان قابوس بن سعيد بن تيمور -طيب الله ثراه- الحكم عام ١٩٧٠، وأصبحت دولة مهمة في الشرق الأوسط مع سياسة الحياد التي اتبعتها.