بقلم : عيسى المسعودي
منذ بزوغ النهضة العمانية المباركة في عام 1970 تجلت وبشكل كبير حرص الارادة السامية للسلطان الراحل قابوس بن سعيد طيب الله ثراه على ترسيخ مبدأ الشورى ومعرفة آراء ومقترحات الشعب في مختلف الخطوات والقرارات التي تنوي الحكومة اتخاذها وخاصة فيما يتعلق بمجالات التنمية ومتطلبات المواطنين من الخدمات المختلفة واحتياجات تلك الفترة فكان المواطن شريكا حقيقيا في النجاحات والانجازات التي حققتها النهضة العمانية منذ انطلاقتها حيث كان يشارك بالرأي وبالاقتراح الذي يخدم المجتمع او الولاية التي يسكن فيها ولذلك شاهدنا وتابعنا تنفيذ العديد من المشاريع التنموية والخدمية وغيرها من المشاريع تنفذ على اساس احتياجات ومتطلبات افراد الشعب في كافة انحاء السلطنة ولتعزيز هذا النهج في المشاركة المجتمعية بحيث تكون أكثر فاعلية ومنظمة وتكون على شكل مؤسسي فقد تم انشاء المجلس الاستشاري للدولة في عام 1981 وبعد ذلك بسنوات تم انشاء مجلس الشورى في عام 1991 ليحل محل المجلس الاستشاري للدولة وكذلك تم انشاء مجلس الدولة تقريباً في عام 1996 ليتشكل مجلس عمان من مجلسي الدولة والشورى لتقوم هذه المؤسسات بدورها وبشكل منظم في تقديم المشورة والرأي لمختلف المواضيع والخطط والبرامج والقرارات التي تنوي الحكومة اتخاذها وايضا هناك العديد من القنوات المباشرة وغير المباشرة لطرح الافكار والاراء والمقترحات للعديد من المواضيع التي تهم المواطن وتساهم في تنمية وتطوير الحياة الاجتماعية والاقتصادية وغيرها من المجالات.
ولأن المشاركة المجتمعية تعد نهجا ساميا والجميع يتفق على اهميتها وتفعيل دورها فقد جاءت النهضة المتجددة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - لتعزز هذا التوجه ومن اليوم الاول لتؤكد أن المواطن شريك في التنمية وبشكل أساس وأن رأيه محل تقدير واهتمام في كافة التوجهات والتطلعات والخطط المستقبلية التي تسير عليها البلد وتجلى ذلك في العديد من الامور والمواقف والخطوات بدءاً من اللقاءات السامية التي عقدها جلالة السلطان المعظم مع اصحاب السعادة المحافظين واعضاء مجلسي الدولة والشورى وبحضور عدد من الشيوخ والرشداء الذين يمثلون مختلف الولايات وايضا اللقاءات والندوات التي تم تنظيمها بعد ذلك بحضور العديد من المسؤولين والمحافظين ومجموعة كبيرة من الشباب اضافة الى المشاركة المجتمعية المهمة من قبل المواطنين على اختلاف مستوياتهم وتخصصاتهم في ابداء الرأي وطرح المقترحات والتوصيات لاعداد رؤية عمان 2040 والتي شارك الجميع فيها ، كل هذه الخطوات تؤكد ان النهضة المتجددة تولي هذه المشاركة المجتمعية اهمية ودورا كبيرا في رسم خارطة المستقبل لسلطنة عمان وانها نهج سام سيستمر خلال الفترة المقبلة وسيأخذ اشكالا جديدة وسيتم تطويره ليواكب مختلف المتغيرات والتطورات من اجل ان يكون الجميع مشاركا وبفعالية في حاضر ومستقبل عمان.
خلال الشهور الفائتة تابعنا تنظيم عدد من الندوات المتخصصة التي تسلط الضوء على اهمية المشاركة المجتمعية في اتخاذ القرار سواء من قبل بعض المؤسسات الحكومية او المؤسسات المتخصصة والجمعيات الاهلية والجميع يوصي بتفعيـــــل هذه المشاركة خلال الفترة المقبلة وتعزيز صلاحيتها ودورها والاخذ بعين الاعتبــــار دراسة كل مايتم طرحه من افكار واراء وتوصيات ومقترحــــات وفي هذا الخصوص فإن من المهم بالفعل أن تأخذ المؤسسات الحكومية والمسؤولون هذه المشاركة المجتمعية بمحمل الجد وانها بالفعل تأخذ مايتم طرحه وتقييمـــه بشكل جيد وفي حالة وجود افكار مهمة تسهم في التنمية والتطوير لمختلف المجـــــالات والقطاعات ان يتم الاخذ بها او تعديل وتغير القرارات بما يتوافق مع هذه الافكار والمقترحات الصحيحة والتي تقدم اضافة جديدة لصاحب القرار وان لايكون التفكير او الاعتقاد بان هذه المشاركة المجتمعية من اجل الحملات الاعلامية او مشاركة شكلية لكي نكسب ود المؤسسات والمنظمات العالمية فقط فهذا سيكون له بلاشك آثار سلبية واحباط شديد وستكون الرسالة الموجهة للمجتمع ان مقترحاتكم واراءكم لايؤخذ بها وبالتالي ستتأثر هذه المشاركة المجتمعية في المستقبل وسيبتعد الجميع او يتردد في تقديم المقترحات والاراء لأنهم سيعتقدون انها غير مجدية ولاتقدم اي جديد وفي المقابل علينا كافراد مجتمع من موظفين وشباب ومتخصصين واعضاء في مجلس الشورى وغيرهم ان نأخذ المشاركة المجتمعية بعين الاعتبار وانها فرصة رائعة وقناة تواصل مهمة توفرها الحكومة لنا كمؤسسات وافراد لتعزيز مشاركتنا في صنع القرار الذي في النهاية يهمنا جميعاً وان نكون حريصين على تقديم المقترحات والاراء والافكار الايجابية التي تخدم البلد وتطوره دون ان يكون لنا اهداف او مصلحة شخصية وكذلك علينا ان نجتهد ونقيم وندرس كل مسودات القوانين او القرارات والتوجهات التي تصل الينا ونأخذ وقتنا في البحث وجمع المعلومات وليس عيباً ايضا ان نستعين بأهل الاختصاص لمعرفة كل مايتعلق بالموضوع المطروح حتى تكون المقترحات والتوصيات مبنية على اسس تسهم في انجاح مشروع القرار مع الاخذ بعين الاعتبار كافة التفاصيل فالمؤسسات الحكومية اليوم اصبحت ترسل وتشارك المجتمع في العديد من المواضيع والتوجهات المهمة التي تمس حياتنا الاجتماعية والاقتصادية فعلينا الاستعداد بان تكون مشاركتنا ايجابية وتتحلى بالمسؤولية الوطنية ونقدم مايفيد مجتمعنا وبلدنا مهما كانت الظروف وان تكون كلمتنا صادقة ومبنية على معرفة وخبرة في المواضيع التي يتم ارسالها لاخذ الرأي والمشورة.
كما ذكرنا ونكرر ان المشاركة المجتمعية بمختلف مستوياتها وانواعها مهمة جداً في صنع القرار وفي مسيرة النهضة المتجددة ولها العديد من المكاسب وعلى كافة المستويات وعلى الجميع دون استثناء ان يسهموا في استمرارها وانجاحها وتعزيز الثقة بها من كل الاطراف.
وان يتم اعطاء مزيد من المساحات والقنوات الجديدة لتعزيز هذه المشاركة مع التأكيد على اهمية اعطاء الصلاحيات التي تضمن الاستفادة المتوقعة من مشاركة افراد المجتمع فالتحديات متعددة والظروف المختلفة تحيط بنا من كل مكان ولذلك فالمسؤولية تصبح مضاعفة مقارنة بالسنوات الفائتة كذلك على الجميع يدرك اننا في قارب واحد وطريق واحد وعلينا التعاون والتكاتف والعمل من اجل مصلحة الوطن للاستمرار في تحقيق المزيد من النجاحات والانجازات لمسيرتنا الظافرة.