مسقط - يوسف بن محمد البلوشي
تصوير- إسماعيل الفارسي
قال وزير الصحة معالي د. أحمد بن محمد السعيدي إن السلطنة قطعت خطوات كبيرة للتغلب على مشكلة ظهور الميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية وتبعاتها الخطيرة على الإنسان.
جــــاء ذلك خلال تدشيــــن واعتماد الخطة الاستراتيجيــــة الوطنية لمقاومة المضادات الحيوية واعتماد وتدشين الدليل الوطني للمضادات الحيوية واعتماد السياسة الوطنية لنظام الترصد الوبائي للميكروبات المقاومة للمضادات، وذلك ضمن الحملة الوطنية لمقاومة المضادات الحيوية تحت شعار «المضادات الحيوية استخدام أمثل نتائج أفضل» برعاية وزير الزراعة والثروة السمكية معالي د. فؤاد بن جعفر الساجوني، وحضور عدد من أصحاب المعالي الـــوزراء والمكرمين أعضاء مجلس الدولة وأصحاب السعادة أعضاء مجلس الشورى وأصحاب السعادة الوكلاء المعنيين. وأضاف السعيدي أن السلطنة تسعى لعقد مؤتمر دولي بهذا الشأن كان مفترضا أن يقام في نوفمبر الفائت وسينبثق عنه إعلان مسقط للميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية، مشيرا إلى وجود خطة عمل للسلطنة تشرف عليها وزارة الصحة وتشترك معها بقية الجهات المختصة لبحث آليات مكافحة ظهور الميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية.
ووجه وزير الصحة رجاءه إلى الكادر الطبي العامل في السلطنة بعدم استخدام المضادات الحيوية إلا بعد التأكد من وجود مرض بكتيري ويستجيب للمضاد الحيوي، وأكد أن على المرضى أخذ العلاج كما وصف من قبل الكادر الطبي، مشيرا إلى وجود قانون يجرم بيع المضادات الحيوية دون وصفة طبية. وذكر السعيدي أن ظهور الميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية بات يهدد الأمن الصحي العالمي، مشيرا إلى أن إجراءات معالجة المشكلة على المستوى الدولي محدودة جدا رغم مرور سنوات على ظهور المشكلة.
وأضاف أن إساءة استخدامات المضادات الحيوية هي السبب الرئيس لظهور الميكروبات المقاومة مؤكدا وجود كثير من الحالات تعطى لمضادات حيوية رغم عدم حاجة هذه الحالات للمضادات الحيوية.
وبين السعيدي أن هناك بعض الحالات الصحية لا تستمر في أخذ المضادات الحيوية كما هو موصوف لها من قبل الطبيب ما يؤدي إلى تقوية المكروبات بدل القضاء عليها. وأشار إلى أن وزارة الصحة الفرنسية أعلنت العام الفائت عن 12.5 ألف حالة وفاة بسبب الميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية.
حملة توعية وطنية
من جهته، قال وزير الزراعة والثروة السمكية معالي د. فؤاد بن جعفر الساجواني إن هناك حملة وطنية للتوعية بمشكلة الميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية، مشيرا إلى أن أهم طرق انتقال هذه المشكلة هي الزراعة بشقيها الزراعي والحيواني والسمكي وكذلك طرق إعداد الأغذية.
وأكد الساجواني أن لوزارة الصحة دورا مهما وحيويا في هذه الحملة الوطنية بناء على توزيع الأدوار في الحملة الوطنية، لافتا إلى وجود عدد من الأنظمة لمراقبة استخدام المضادات الحيوية في الزراعة والتربية الحيوانية ووجود حزمة من القوانين المقبلة لتعزيز هذا الدور لوزارة الزراعة في ضمان سلامة الغذاء وبما يتوافق مع الحملة الوطنية لمقاومة المضادات الحيوية.
الاستخدام الرشيد للمضادات الحيوية
وتهدف الحملة الوطنية لمقاومة المضادات الحيوية التي تستمر حتى الثاني عشر من شهر مايو الجاري إلى رفع الوعي بمفهوم مقاومة المضادات الحيوية بين العاملين في الرعاية الصحية والمهنيين العاملين في مجال الزراعة والثروة السمكية، وبين أفراد المجتمع والدعوة إلى الاستخدام الرشيد للمضادات الحيوية في قطاعات الصحة والزراعة، والحصول علي الدعم من كافة الأطراف المعنية والتنسيق بينها للعمل في إطار خطة وطنية لمواجهة خطر الميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية.
بدأ الاحتفال بكلمة ترحيبية قدمها مدير عام مراقبة ومكافحة الأمراض المعدية د. سيف بن سالم العبري أشار فيها إلى إعلان وزارة الصحة بأن مقاومة المضادات الحيوية هو خطر يهدد البشرية جمعاء كما أعلنت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) والمنظمة العالمية للصحة الحيوانية أن مقاومة المضادات الحيوية خطر على الصحة الحيوانية وأنه يهدد الأمن الغذائي العالمي.
وقال: تشير آخر الإحصائيات إلى أنه في العام 2050 ستتسبب مقاومة المضادات الحيوية بوفيات تفوق حجم الوفيات من أمراض السرطان وحوادث الطرق مجتمعة، وستتسبب بعبء مالي واقتصادي بأكثر من عشرة تريليونات دولار أمريكي.
وأضاف أن استهلاك المضادات الحيوية في المجال الحيواني يفوق بمائتي مرة استخدامه في الجانب البشري لذا فإن الخطة الاستراتيجية الوطنية هي نتاج عمل مشترك بين وزارتي الصحة والزراعة والثروة الحيوانية إيمانا بالدور المحوري لكلا منهما للتصدي لهذه الكارثة.
وذكر أن لإستراتيجية الوطنية للتصدي لمقاومة المضادات الحيوية ترتكز على خمسة محاور في كل الجوانب البشرية والحيوانية، وهذه المحاور هي التوعية والتثقيف المراقبة والتقصي للاستخدام الرشيد للمضادات الحيوية والوقاية ومكافحة العدوى والبحث العلمي.
الوضع العالمي والمحلي
وقدمت مديرة دائرة مختبرات الصحة العامة المركزية د. أمينة بنت خلفان الجردانية عرضا للوضع العالمي والمحلي حول مقاومة المضادات الحيوية حيث ذكرت أسباب ظهور مقاومة المضادات الحيوية وهي الإفراط في استخدام مضادات الميكروبات في المجال الطبي وفي القطاعي الحيواني والزراعي إذ يؤدي هذا الإفراط إلى إيجاد ضغط انتقائي، فالمضاد الحيوي يقضي على البكتيريا الأقل مقاومة بينما الميكروبات المستعصية تنمو وتتكاثر ما يودي إلى انتشارها. وفي دراسة ضمت إحصائيات من 71 دولة، فقد ارتفع حجم الاستهلاك العالمي من المضادات الحيوية بنسبة 36% على مدى عشر سنوات (من 50 بليون وحدة معيارية إلى 70 بليون وحدة معيارية). ومعظم الوصفات تصرف في المجتمع خارج المستشفيات ومن هذه الوصفات ما ليس لها داع وهي غير ملائمة طبيا كعلاج التهابات الحلق الفيروسية والرشح والزكام. وأضافت: في الإطار نفسه فإن الإفراط في استخدام المضادات الحيوية لا يقتصر فقط على المجال الصحي بل يتعدى النسبة والمعدل في الإنتاج الحيواني والزراعي، فعلى سبيل المثال في الولايات المتحدة يبلغ الاستهلاك في القطاع الحيواني ثلاثة أضعاف الاستخدام في الطب البشري وبنسبة 70 %.
وحول التحديات الأخرى التي يجب أخذها في عين الاعتبار قالت د. الجردانية إنها تتمثل في نقص الوعي حيث يركز الإعلام جل اهتمامه على الفاشيات (ايبولا وزيكا وكورونا) وننسى الخطر الأوسع نطاقا للاستعصاء ومقاومة المضادات الحيوية وتساهم الحوافز العكسية في تفاقم عن طريق التسويق غير المنظم للأدوية واستخدام المضادات الحيوية كمحفزات للنمو في تربية الماشية.
الصحة الحيوانية
وقدم مدير مركز بحوث الصحة الحيوانية بوزارة الزراعة والثروة السمكية د.عبدالمجيد بن حمود الرواحي عرضا حول العلاقة بين مقاومة المضادات الحيوية والصحة الحيوانية حيث أوضح أن مقاومة مضادات الميكروبات تستخدم في الطب البشري والطب البيطري منذ أكثر من 60 سنة وتستخدم للحيوانات من أجل وقايتها وعلاج وتحسين نموها وغذائها.
وأضاف: عرفت منظمة الصحة العالمية مقاومة مضادات الميكروبات بأنها مقاومة كائن مجهري ما لدواء مضاد لميكروب ما وكان فعالاً أصلاً في علاج العدوى التي يتسبب فيها. وتطرق إلى استخدام مضادات الميكروبات في أغذية الحيوانات، حيث إن الاستخدام الشائع لهذه الميكروبات في أغذية الحيوانات هو لغرض تعزيز نموها، كما تحدث عن بكتيريا العطيفة، فهي المسبب الرئيسي للأمراض المنقولة عن طريق الأغذية في جميع أنحاء العالم، كما أن لها عواقب اقتصادية وتبِعات صحية، وسلط الضوء على بكتيريا المكورات العنقودية، حيث إنها أكثر مسببات الأمراض التي تصيب الإنسان والحيوان.
آثار سلبية
وقامت أخصائية ضبط جودة السلع والخدمات من دائرة ضبط الجودة بالهيئة العامة لحماية المستهلك أسماء بنت محمد الشريقية بتقديم عرض حول سلامة الأغذية ومقاومة المضادات الحيوية، حيث سلطت الضوء على الآثار السلبية لاستخدام المضادات الميكروبية في أغذية الحيوانات فما أن تتطور الكائنات الحيوية البكتيرية وتنتشر في البيئة المحيطة بنا حتى يتم اتخاذ كافة التدابير الوقائية محليا ودوليا وذلك لأنها قد تنتقل إلينا كبشر من الهواء الملوث بها أو الأغذية التي نتناولها سواء من المنتجات الحيوانية أو النباتية. وتشير الإحصائيات العالمية إلى أن نحو (25 - 30%) من الغذاء العالمي يفقد نتيجة لعوامل التلف والفساد المختلفة.
بعد ذلك قام وزير الزراعة والثروة السمكية ووزير الصحة بتدشين واعتماد الخطة الاستراتيجية الوطنية لمقاومة المضادات الحيوية، وقام وزير الصحة باعتماد وتدشين الدليل الوطني للمضادات الحيوية واعتماد السياسة الوطنية لنظام الترصد الوبائي للميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية.
كما تضم الحملة فعاليات جماهيرية لأفراد المجتمع يومي 10-11 مايو الجاري في مجمع الافنيوز مسقط بهدف رفع الوعي لمفهوم مقاومة المضادات الحيوية بين العاملين وأفراد المجتمع.