مسقط - الشبيبة
بدأ بولاية الجبل الأخضر موسم حصاد الورد حيث تضفي الطبيعة الخلابة على الولاية مواسم متعددة تتكامل مع تضاريسها المتفردة وأجوائها الاستثنائية في المنطقة، ليشكل هذا الموسم أحد أهم المواسم السياحية التي تجمع بين النشاط الاقتصادي وما يشهده الورد من صناعات والإرث الذي حافظ عليه الأهالي على مدار السنين.
وتكتسي المدرجات الخضراء عبر ارتفاعها لأكثر من 3000 متر عن سطح الأرض، بالورود الأمر الذي حدا بوزارة التراث والسياحة إلى تعظيم الاستفادة من هذا الموسم الاستثنائي وتقديم منتج متفرد بالمنطقة يستقطب محبي سياحة المناظر الطبيعية التي يوفرها المنظر الخلاب والسياحة الريفية بمشاهدة قطف الورد والتعرف على أنواع أشجاره وطرق زراعتها والعناية بها والتراثية لما في صناعة الورد من طقس تراثي تتوارثه الأجيال.
وقال علي بن سيف بن محمد الشكيلي المدير المساعد لإدارة التراث والسياحة بمحافظة الداخلية: إن موسم حصاد الورد بالجبل الأخضر يعد من المواسم التي تضفي على ولاية الجبل الأخضر المزيد من تنوع المنتج السياحي ليضاف إلى مقومات السياحة الترفيهية وسياحة المغامرات والسياحة الطبيعية والتراثية نظرا لأن الزائر للجبل الأخضر في هذا الوقت من العام سيطلع على مهنة توارثتها الأجيال ليتعرف الزائر عن قرب على آلية تصنيع ماء الورد بشقية التقليدي والحديث حيث يبدأ الموسم في نهايات شهر مارس ويستمر إلى منتصف شهر أبريل من كل عام، ويشكل هذا الموسم نقطة جذب سياحي لكونه يرتبط بالحرفة التقليدية لعمليات تقطير ماء الورد والذي يدخل في منتجات الزينه المحلية، وأيضا في صناعة العطريات والحلوى العمانية وصناعة القهوة العمانية.
وقال إن وزارة التراث والسياحة تحرص على التعريف بهذه المقومات عبر الكتيبات التعريفية والبرامج التي يتم تنظيمها حيث يمكن للزائر التجول في بعض المسارات الزراعية التي تتخلل قرى الجبل الاخضر، بالتالي تتاح الفرصة له للاطلاع على أشجار الورد ومشاهدة الأهالي وهم يقومون في الصباح الباكر بقطف الورد، كما أن هنالك بعض المصانع التقليدية التي يمكن للزائر وبعد التنسيق مع مالكيها الاطلاع عليها ومشاهدة الطريقة القديمة التي تستخدم في صناعة تقطير ماء الورد.
وأشار إلى أن الوزارة تحرص على تشجيع الاستثمار في الجبل الاخضر، وذلك من خلال جذب المشاريع التي تساهم في تعزيز الإقبال السياحي، كالمنتجعات السياحية والفنادق والاستراحات ونزل الضيافة، والتي تساهم في تعزيز الحركة السياحية بالجبل الأخضر وتعظيم استفادة المجتمع المحلي من نشاط الحركة السياحية، كما يقدم مركز الخدمات السياحية على طريق الجبل الأخضر خدمات إرشادية للزائر لحثه على الاطلاع على هذا الموسم المميز.
وبين أن المنتجعات والفنادق بالجبل الأخضر تحرص على إدراج زيارة معامل ماء الورد ضمن برامجها حيث يذهب السياح بمرافقة مرشد سياحي من أهالي الجبل الأخضر للاطلاع على مراحل صناعة ماء الورد.
من جانبه قال عمير بن محمد بن عمير الفهدي رئيس قسم التنمية الزراعية وموارد المياه بدائرة الثروة الزراعية وموارد المياه بولاية الجبل الأخضر إن زراعة ورد الجبل الأخضر ذات جدوى اقتصادية ولها أهمية كبيرة بالنسبة للأهالي لكونها أحد مصادر الرزق لسكان هذه الولاية، كما تعتبر هذه المهنة من المهن العريقة الضاربة في القدم والتي مارسها وامتهنها الأجداد والآباء وباتت حرفة مهنية لها طابعها الخاص.
وأضاف: أن موسم حصاد الورد يبدأ في أواخر شهر مارس إلى أن يصل ذروته في أشهر أبريل، وينتهي حصاده في شهر مايو، من كل عام.
وأوضح أن قرى ولاية الجبل الأخضر تشتهر بزراعة أشجار الورد لكون الولاية تتميز بطبيعة تضاريسها وتفرد مناخها ولطقسها البارد شتاء والمعتدل صيفا، ولذلك يسهم الطقس بدوره في نمو مختلف الأشجار في الولاية ومن أبرزها أشجار الورد وهذا ما ما يميزها عن باقي الولايات بمحافظات سلطنة عمان، ومن أبزر تلك القرى التي تشتهر وتكثر فيها زراعة أشجار الورد (العين، والشريجة، والقشع، وسيق، ووادي بني حبيب، وسيح قطنه، وحيل المسبت) وأيضا يحرص بعض المزارعون على أن تتم زراعة أشجار الورد في مزارعهم المنزلية.
وبين أن عدد أشجار الورد المزروعة في ولاية الجبل الأخضر تبلغ أكثر من 5 آلاف شجرة، وتقدر المساحة المستغلة في الزراعة من 7 إلى 10 أفدنة تقريبا، وأيضا تقدر كمية الإنتاج من ماء الورد 4 آلاف لتر للفدان الواحد، أي حوالي 28 ألف لتر من إجمالي المساحة المزروعة لأشجار الورد في ولاية الجبل الأخضر.
وقال إنه مع بدء تزهير الورد يتجه هؤلاء الأهالي إلى جني المحصول منذ الصباح الباكر مصطحبين معهم الأبناء لكي يتدربوا ويتعلموا كيفية الحصاد، إلى جانب معرفتهم لكيفية مزاولة هذه المهنة بمختلف مراحلها وصولا إلى الانتهاء من عملية التقطير، ولذلك يحرص الأهالي على تعليم هذه الحرفة إلى أبنائهم بشتئ الطرق حتى لا تندثر.
وأشار إلى أن مراحل صناعة الورد بالجبل الأخضر تبدأ من جني محصول الورود ومن ثم وضعها في المصانع الخاصة التي تسمى (بالدهجان)، وقد صممها هؤلاء المزارعون لهذه المهنة العتيقة، حيث يتم إشعال النار تحت (الدهجان) بطريقتين سواء يتم أشعالها بالخشب أو من خلال أسطوانات الغاز، وتوضع عليها الأواني الفخارية (الخرس) وبداخلها كمية من الورد وفوق الورد يعلوها قرص بحيث تتم عملية التقطير بداخل هذا القرص المعدني، وتستمر العلمية من 3 ـ 4 ساعات تقريبا، وبعدها يجمع ماء الورد في (الخرس) الأواني الفخارية لمدة 30 ـ 40 يوما حتى تترسب تلك الشوائب وهذه العملية تعرف بالطريقة التقليدية.
من جانبه قال أفلح بن سيف الزكواني أحد سكان قرية القشع: تعد تجربتي في الزراعة كانت في وقت مبكر منذ الطفولة، حيث كنت أرافق والدي بالذهاب إلى المزارع في القرية وتعلمت منه مهنة الزراعة ومختلف جوانبها.
وأشار إلى أنه اكتسب من خلال تجربته وممارسته الزراعة إلى كيفية صناعة ماء الورد، حيث يتم البدء صباحا بعملية قطف الورود من الأشجار وتجميعها وتحميلها إلى مصانع ماء الورد والتي تتم فيها عملية التقطير من خلال الأواني الفخارية (البرم)، ويتم استقطاب هذه الأواني الفخارية بمواصفاتها خاصة من ولاية بهلاء لكونها تمتاز بصناعة الفخاريات.
وبين أن زارعة أشجار الورد لها أهمية كبيرة ومردود مادي جيد للمزارعين، حيث تتراوح أسعار زجاجة ماء الورد بين 8 ـ 11 ريالا عمانيا.
وأوضح أن ماء الورد يدخل في كثير من الاستخدامات على سبيل المثال يتم إضافته إلى بعض المأكولات والمشروبات العمانية كالحلوى والقهوة والشاي وغيرها إلى جانب استخدامه في التطيب حيث أنه يبث رائحة جميلة ويضاف إلى المواد العطرية والتجميلة وأيضا تستخدمه النساء في بعض الجوانب والمجالات الأخرى.
كما قال سالم بن سيف بن هلال التوبي إن تجربته في زراعة أشجار الورد العماني قديمة، حيث بدأ العمل في هذه المهنة منذ الطفولة حتى أتقنها بشكل جيد.
وأوضح أن ورد الجبل الأخضر العماني هو الورد السائد محليا وتتم زراعة أنواع أخرى من الورود وأبرزها هي: الورد المحمدي وهو النوع من الورود ذي رائحة عطرية قوية، والورد الجوري وغيرها من الورود.
وأشار إلى أن زراعة أشجار الورد ذات عائد مادي وتأخذ الطابع التجاري والاقتصادي والحضاري بالإضافة إلى التعريف بالموروث التقليدي.
وأوضح أن صناعة ماء الورد من الحرف التقليدية المتعارف عليها في الجبل الأخضر، وقد ادخلت في الأواني الأخيرة بعض التحسينات مثل عصر ماء الورد بأسطوانات الغاز بدل الأخشاب، وأيضا يتم استخلاص ماء الورد الأبيض مع ماء الورد الأحمر وكلا الصنفين لهم أهميتهم وميزتهم المعروفة للجميع.