الشبيبة - العمانية
رعى صاحب السموّ السيّد بلعرب بن هيثم آل سعيد مساء أمس الحفل الختامي لجائزة بلعرب بن هيثم للتصميم المعماري في دورتها الثانية، والذي أقيم في الجامعة الألمانية للتكنولوجيا بالسيب.
تضمن الحفل الإعلان عن المشاريع الفائزة بالمراكز الثلاثة الأولى في الدورة الثانية من الجائزة، بالإضافة إلى إعلان الفائز بمسابقة تصميم جناح سلطنة عُمان في إكسبو اليابان ٢٠٢٥م.
وأكد صاحب السموّ السيّد بلعرب بن هيثم آل سعيد في كلمته التقديمية أن التفاعل الإيجابي الذي شهدته الدورة الثانية من قِبل الجمهور ووصولها لأهدافها في أن تكون بوابة للشباب نحو إتاحة الفرصة لهم لإبراز قدراتهم، وتنفيذها على أرض الواقع؛ ليدلّ على نجاح الجائزة، مضيفًا سموّه أن الجائزة ستواصل التجديد في أفكارها مستفيدةً من الخبرة التي اكتسبتها خلال الدورتين الأولى والثانية.
وعبّر سموّه عن شكره الجزيل للشباب العُماني الذي شارك وتفاعل مع الجائزة خلال الدورة الثانية، مهنئاً الفائزين بالمراكز الأولى والمتأهلين إلى المرحلة النهائية من الجائزة ومسابقة تصميم جناح سلطنة عُمان بإكسبو اليابان 2025م، داعيًا من لم يحالفهم الحظ بالوصول إلى منصة التتويج لعدم اليأس، ومُحفِّزًا إياهم على السعي والمثابرة للتطوير في مهاراتهم وقدراتهم، بما يؤهلهم لأي استحقاقات قادمة.
وتوّج بالمركز الأول محمد بن صلاح البلوشي، حيث استلهم التصميم من مشهد تجمّع السُّفن في خور البطح بولاية صور في فترات ازدهار النشاط البحري فيها، حيث صُمم هذا المتحف لتجسيد التراث البحري العُماني في أوج ازدهاره؛ لإعادة إحياء هذا التاريخ.
بجانب المكونات الأساسية للمتحف يتضمن المشروع ممشى رئيسيًّا "بوليفارد" يحتوي على مقاهٍ ومطاعم ومتنزه، إلى جانب ممشى آخر يُطل على البحر، يربط ممشى الشارع البحري بجسر خور البطح ومصنع السفن.
كما يضم ساحة عامة تحتوي على مسرح مفتوح يُطل على الساحل، بالإضافة إلى مساحات مكتبية مشتركة، وجميع هذه المكونات ترتبط بصورة مباشرة بالنسيج العمراني للمنطقة، حيث يمكن استخدام جميع المساحات والخدمات بصورة منفصلة عن المتحف.
فيما حصل على المركز الثاني المعتز بن عبدالله النبري، وتتميز فكرة التصميم باستجابته لخطوط الحركة البحرية بين المحور الشرقي والغربي ويمتزج مع البيئة الحضرية المحيطة، كما يعكس حركة البحارة العُمانيين التي امتدت لتشمل سواحل غرب الهند وشرق أفريقيا، حيث ينجذب الزوار في رحلة عبر سلسلة من مساحات المعارض الممتدة باتجاه الغرب، بينما يضم الجانب الشرقي من المبنى معظم العمليات والخدمات.
من أهم عناصر المبنى الواجهة الديناميكية المستجيبة للرياح وكأنها تموج بسلاسة حيث تنشّط الرياح الألواح المعدنية المعلقة، استجابة لأنماط الرياح المتغيرة باستمرار. وتشير الحركة المتدفقة على السطح الخارجي إلى الأشرعة البيضاء، بينما تمنح رؤية التموجات اللامعة من الداخل لتحاكي قشور الأسماك وانعكاس الشمس على المياه المتحركة.
أما المركز الثالث فكان من نصيب الفريق المكون من كلٍّ من: عمار بن صلاح الصالح، ومحمد بن خدابخش البلوشي، ورونق بنت راشد الإسماعيلية، واستلهم الفريق فكرة المشروع من رحلة البحَّار العُماني، حيث تبدأ الرحلة بالأهازيج والفنون التقليدية في رحلة التوديع مرورًا بالأزقة والأحياء السكنية حتى وصولهم إلى البحر، حيث يُبحرون في مراكب صغيرة مبعثرة إلى سفينة الرحلة، قبل أن تشق طريقها في المحيط وتنطلق في رحلتها. وتهدف فكرة تصميم هذا المشروع إلى إتاحة الفرصة للزائر لتجربة خوض رحلة البحَّار العُماني قديمًا بتفاصيلها الحقيقية، ممزوجة بالفنون والأهازيج والعلوم البحرية.
وحصل على الجائزة التقديرية من لجنة التحكيم الفريق المكوّن من: عمار بن عبدالحميد الكيومي، وفراس بن ناصر الحشار، ومؤيد بن مبارك العريمي، حيث يهدف مشروع /صارية الخور/ ليجسِّد تاريخ عُمان البحري معماريًّا، ويستلهم المشروع شكله الخارجي من جمال وتعقيد السفن العُمانية بما يتناسب مع مشهد الأفق العام لمدينة صور الذي يلاحظ منه تكرر المعالم العمودية، ويتضمّن ساحة خارجية عامة للنشاطات المجتمعية، ومسارًا للصعود، ومنصة للمشاهدة.
كما تضمن الحفل الإعلان عن اسم الفائز في مسابقة تصميم جناح سلطنة عُمان في إكسبو اليابان ٢٠٢٥م، حيث توّج الفريق المكوّن من: بيان بنت مسلم الرمضانية، وعمار بن عبدالحميد الكيومي، ونيّرة بنت خميس الهنائية.
وتضمّن الحفل عرضًا مرئيًّا للمشاريع العشرة وما تحتويه من مرافق وخدمات، إضافة إلى كلمة لجنة التحكيم ألقاها المهندس زهير بن علي الرئيسي رئيس لجنة التحكيم، حيث أكد أن الدورة الثانية من جائزة بلعرب بن هيثم للتصميم المعماري سعت لتخليد تفرّد العِمارة وتاريخ سلطنة عُمان البحري العريق؛ وعن نبوغ العُمانيين عبر التاريخ في علاقتهم بالبحر، وذلك من خلال تصميم متحف التاريخ البحري في ولاية صور.
وأضاف أن اللجنة لمست الصدى الواسع الذي أحدثته الجائزة، والزخم الثقافي في أوساط العمارة، والبيئة الفاعلة التي هيأتها للشباب، مؤكدًا بأن الفرق المتأهلة تفاعلت مع متطلبات المشروع وخرجت بمقترحات إبداعية يمكن تطويرها، وبإمكانها أن تكون في صفّ المباني والمعالم المعمارية المهمة في مسيرة التنمية لسلطنة عُمان.
كما احتوى الحفل على عرض مرئي تضمن مقابلات للمشاركين وفيلم الحصاد الختامي للجائزة، إضافة إلى الفقرة الفنية التي حملت عنوان "موكب المعمار" وحكت أسفار العُمانيين القديمة عبر الأمصار، مجسدةً عددًا من الشخصيات العُمانية التاريخية في عالم البحار، وهم: أسد البحار أحمد بن ماجد، وأبو عبيدة عبدالله بن القاسم، وأحمد بن النعمان الكعبي مبعوث السيد سعيد بن سلطان إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1840م، وربطت الفقرة في ختامها بين التاريخ البحري العريق لسلطنة عُمان والدور الذي سيقوم به متحف التاريخ البحري بولاية صور لتوثيق هذا التاريخ.
وأقيم على هامش الحفل معرض مصاحب استعرض المشاريع العشرة المتأهلة إلى التصفيات النهائية، وتفاصيلها الفنية بالصوت والصورة.
ومواكَبةً لأحدث التقنيات العالمية، وتأكيدًا لتوجه سلطنة عُمان في التحول الرقمي؛ واصلت جائزة بلعرب بن هيثم للتصميم المعماري وللعام الثاني على التوالي إصدار وتسليم جوائز الفائزين بالمراكز الثلاثة الأولى بتقنية الرموز غير القابلة للاستبدال المعروفة عالميًا بالـ NFT، والتي تعتمد في عملها على تقنية البلوكتشين، حيث يتم تحويل النُسخ الرقمية للجوائز مُباشرة إلى المحافظ الرقمية الخاصة بالفائزين؛ ليُخلد إنجازهم هذا إلى الأبد.
استهدفت الدورة الثانية من جائزة بلعرب بن هيثم للتصميم المعماري موقعًا تبلغ مساحته 14154 مترًا مربعًا بولاية صور بمحافظة جنوب الشرقية بالقرب من جسر خور البطح، مطلًّا على المنارة، لتصميم مشروع متحف عُمان البحري؛ لتوثيق تاريخ عُمان البحري الحافل وإبراز نبوغ العُماني عبر التاريخ في علاقته بالبحر.
وانطلقت الجائزة بتاريخ 10 من أكتوبر 2022م، وبعد عدة أيام فُتح باب المشاركة ليبدأ التفاعل من قِبل المستهدفين بإرسال أعمالهم ومقترحاتهم، واستقبلت الجائزة بانتهاء فترة تسليم المشاركات مائة وتسعًا وأربعين مشاركة مكتملة متوافقة مع الشروط، فيما تم استبعاد عدد من المشاركات التي لم تنطبق عليها شروط الجائزة.
وخضعت المشاركات المقبولة إلى تقييم دقيق وفحص شامل من قِبل لجنة التحكيم التي عملت على مدار أيام متتالية لدراسة تلك المشاركات وتقييمها فنيًّا بما يتوافق مع أهداف الجائزة، بالإضافة إلى الشروط التي أُقرِّت لذلك، ليتم بعد ذلك الإعلان عن تأهل ثلاثين مشروعًا من الفرز الأولي، تبعه تمكين أصحاب المشاريع المتأهلة بورشة فنية استمرت ليومين لتحسين مشاريعهم قبل تقديمها لمرحلة الفرز الثاني، حيث قدم فيها نُخبة من الأكاديميين والمختصين أربع عشرة ورقة عمل استفاد منها المشاركون لتطوير مشاركاتهم.
وقيّمت لجنة التحكيم مجددًا المشاركات المقدمة لمرحلة الفرز الثاني، ليتم بعد ذلك الإعلان عن المشاريع العشرة المتأهلة للمرحلة النهائية، وكخطوة متقدمة لرفع مستوى هذه المشاريع وتطويرها قبل تقديم العروض التي تسبق التصفيات النهائية، نظمت وزارة التراث والسياحة رحلة خارجية لأصحاب المشاريع المتأهلة، تم خلالها زيارة عدد من المتاحف الأوروبية واستفاد فيها المشاركون من أبرز التجارب العالمية فيما يخص تصميم المتاحف.
وبعد عودتهم بأيام معدودة، انطلقت مرحلة تقديم العروض النهائية، حيث قام المشاركون بتقديم مشاريعهم أمام لجنة التحكيم وشرح محتوياتها وتفاصيلها من كافة الجوانب الفنية والهندسية وقابلية التنفيذ، فيما قامت لجنة التحكيم بطرح ملاحظاتها واستفساراتها على المشاركين بشكل مباشر، وذلك على مدار ثلاثة أيام من 30 يناير إلى 1 فبراير 2023، تدارست لجنة التحكيم خلالها وبعدها المشاريع المقدمة بدقة بهدف الخروج بأفضل ثلاثة مشاريع تستحق التتويج بالمراكز الثلاثة للجائزة.
وبتاريخ 8 من يناير 2023م أعلن صاحب السمو السيد بلعرب بن هيثم آل سعيد عن إطلاق مسابقة تصميم جناح سلطنة عُمان للمشاركة في إكسبو اليابان لعام 2025م، وأشرفت على تحكيمها جائزة بلعرب بن هيثم للتصميم المعماري بالتعاون مع وزارة الثقافة والرياضة والشباب، حيث سينفَّذ المشروع الفائز بالمركز الأول لتمثيل سلطنة عُمان خلال مشاركتها بإكسبو اليابان 2025م، وتأتي المسابقة بهدف إتاحة المجال لشريحة أكبر من المواطنين للتنافس في هذه المسابقة؛ وقد فُتِحَ باب المشاركة دون تقييد بشرط العمر للمتخصصين في مجالات العِمارة والتصميم والتخطيط الحضري بشكل فردي، أو ضمن فريق يتكوّن من خمسة أعضاء بحد أقصى، كما أتيحت الفرصة أيضًا للمكاتب الاستشارية المحلية لتقديم مشاركاتها في هذا الجانب؛ سعيًا للخروج بتصاميم تتوافق مع الاشتراطات الفنية اللازمة لتصميم الجناح.
وتبلغ مساحة قطعة الأرض المخصصة للجناح حوالي 1763 مترًا مربعًا، وخصصت الجائزة مكافأة مالية قدرها 10 آلاف ريال تمنح للمشروع الفائز بالمسابقة.
ووضعت لجنة تحكيم المسابقة عدة معايير ضمن الدليل الفني الخاص بالمسابقة، منها: مناسبة الفكرة التصميمية ووضوحها وتعبيرها عن هدف المشاركة، وتقديم أفكار إبداعية وحلول ابتكارية واستخدام عناصر تفاعلية ضمن التصميم، إضافة لمراعاة جمالية الجناح خلال مختلف الأوقات، واختيار الألوان والإضاءة بعناية بحيث تسهم في صياغة هوية الجناح.
ويستهدف معرض إكسبو اليابان 2025م في نسخته المقبلة تعزيز الجهود المبذولة نحو توحيد الناس من مختلف الثقافات تحت الشعار الرسمي "تصميم مجتمع المستقبل لحياتنا"، كما يهدف إلى إيجاد مجتمع مستقبلي مثالي من خلال تحقيق أهداف التنمية المستدامة من قِبل الدول المشاركة في المعرض من خلال ثلاثة محاور، وهي: ضمان استدامة الحياة، وتحسين الحياة، وتعزيز الحياة من خلال التواصل.
وبعد آخر موعد لتلقي المشاركات أعلنت الجائزة عن تلقي 116 مشاركة مكتملة قدّمها 194 مشاركًا ومشاركة، تلا ذلك الإعلان عن تأهل خمسة مشاريع للمرحلة النهائية.