تم توقيع مذكرة تفاهم بين الجانبين بقيمة نصف مليار دولار للبحث في خيارات للاستفادة من تمويل بنك التصدير والاستيراد الأمريكي لدعم الاستثمار في الاقتصاد العماني
معدل التبادل التجاري بين البلدين بلغ 4.22 بليون دولار أمريكي في 2022، ليحقق أعلى زيادة على الإطلاق بنسبة 30%
مسقط - خالد عرابي
ناقش "الحوار الاستراتيجي الأول بين سلطنة عمان والولايات المتحدة الأمريكية" تعزيز الاستفادة من اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين الصديقين، وزيادة الاستثمارات الأمريكية في قطاعات ذات أولوية للسلطنة والتعاون في مجالات الاقتصاد الرقمي والطاقة البديلة، إلى جانب التعاون في مجالات الطاقة البديلة، والهيدروجين الأخضر، والتعليم والثقافة وخاصة البرامج التعليمية، والاستثمار في مجال الابتكار والبحث العلمي وتطوير المناهج وتدريب المعلمين، إلى جانب التعاون في مجال المتاحف والترويج للإصدارات العمانية.
حيث ناقش الجانبان في الاجتماع الذي عقد بالنادي الدبلوماسي مجالات التعاون في ثلاثة مجموعات عمل، هي: التجارة والاستثمار، الطاقة البديلة، والتعليم والثقافة والعلوم. وأكد الجانبان على أهمية تعزيز التجارة والاستثمار في المجالات الاستراتيجية.
ترأس الجانب العماني سعادة الشيخ خليفة بن علي الحارثي، وكيل وزارة الخارجية للشؤون الدبلوماسية، فيما ترأس الجانب الأمريكي سعادة خوسيه دبليو فرنانديز، وكيل وزارة الخارجية الأمريكية للنمو الاقتصادي والطاقة والبيئة، وذلك بمشاركة سعادة عبدالله بن سالم الحارثي وكيل، وزارة المالية، و ريتا جو ويس، رئيسة بنك التصدير والاستيرد الإمريكي، ووفدي البلدين.
وناقشت مجموعة عمل "التجارة والاستثمار" تفعيل آلية عمل لتعظيم فوائد اتفاقية التجارة الحرة الموقعة بين البلدين في عام 2009، وقضية التعريفات الجمركية، وتعزيز التجارة والاستثمار في المجالات الاستراتيجية مثل التعدين، والخدمات اللوجستية، والطاقة، ومصايد الأسماك، والأعمال التجارية الزراعية، والاتصالات، وفرص التعاون في مجال الاقتصاد الرقمي.
مذكرة تفاهم لتعزيز التجارة والاستثمار
وتم التوقيع على مذكرة تفاهم لتعزيز التجارة والاستثمار في المجالات الاستراتيجية للاقتصاد العماني، بما يساعد على تفعيل اتفاقية التجارة الحرة الموقعة بين البلدين في عام 2009، لتسهم في تقديم تسهيلات مالية من بنك التصدير والاستيراد الأمريكي "أكسيم" لتمويل مجالات التجارة والبضائع والخدمات.
وأوضح الجانبان في بيان مشترك أن انعقاد الجولة الأولى للحوار الاستراتيجي يأتي تزامنا مع الذكرى الـ 190 للتوقيع على معاهدة الصداقة والتجارة، والتي أنشأت العلاقات التجارية بين البلدين وهي أول اتفاقية تجارية توقعها الولايات المتحدة الأمريكية مع دولة عربية.
وأكد البيان أن الجانبين وقعا على مذكرة تفاهم بقيمة 192 مليون ريال عماني أي ما يعادل (500 مليون دولار أمريكي) للبحث في خيارات للاستفادة من تمويل بنك التصدير والاستيراد الأمريكي ولدعم التجارة والاستثمار في القطاعات الاستراتيجية للاقتصاد العُماني بدءًا من مصادر الطاقة البديلة الى التصنيع. كما أكد البيان على أن الولايات المتحدة تعد أكبر سوق للصادرات غير النفطية العُمانية، ما يعني أن هناك شراكة طويلة الأجل لتوفير فرص العمل والرفاهية المتبادلة في البلدين. وأشار البيان إلى أن معدل التبادل التجاري بين الولايات المتحدة وسلطنة عُمان بلغ 4.22 بليون دولار أمريكي في عام 2022، ليحقق أعلى زيادة على الإطلاق بنسبة 30 بالمائة مقارنة بحوالي 3.25 بليون دولار أمريكي خلال عام 2021.
وتطرق البيان إلى رغبة البلدين في إمكانية التعاون في مجال الطاقة البديلة مثل إزالة الكربون، والهيدروجين النظيف، وإزالة الكربون الصناعي، وسياسة الطاقة النظيفة، بما في ذلك خارطة طريق الحياد الصفري 2050، وتقليل انبعاثات الميثان وغيره من الملوثات البيئية قصيرة الأجل، وخطط عُمان لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ (كوب-28). وبحث البلدان تعزيز التعاون في آليات تمويل الطاقة البديلة والتعاون في البرامج البحثية وتبادل المعرفة في مجال إزالة الكربون والطاقة البديلة. ورحبا بالتعاون في مجال التعليم والثقافة والعلوم، وناقشا آلية لاستئناف برنامج فولبرايت للطلبة والعلماء العُمانيين وتطوير برامج في المجالات الرئيسة التي ناقشها البلدان.
وسلّط الجانبان الضوء على التعاون الوثيق في القضايا المحورية للعلاقات الثنائية، مثل الاستثمار في الابتكار والتعليم العالي وبرامج البحث العلمي، بما في ذلك برامج المبادرات في مختلف المجالات.
وأعربت سلطنة عمان والولايات المتحدة الأمريكية عن نيتهما المتبادلة في تعزيز التعاون في مجال التطوير المهني للمدرسين والتعاون في مجالات الأدب والثقافة. كما اتفق البلدان على مواصلة تبادل الزيارات الثنائية رفيعة المستوى وعلى تحديد موعد عقد الجولة الثانية من الحوار الاستراتيجي في عام 2024.
السلطنة توفر مناخ استثماري آمن
وقال سعادة سعادة الشيخ خليفة الحارثي، وكيل وزارة الخارجية للشؤون الدبلوماسية: قد تكون في المنطقة بعض المشاكل هنا وهناك، إلا أن سلطنة عمان أمنة ومستقرة، وتوفر بيئة آمنة للاستثمار، ولذا اعتقد أنه لا يجري هناك أي ربط بين ما يجري في المنطقة والسلطنة. وأكد سعادته على أن السلطنة تتميز بكونها جاذبة للاستثمارات الأجنبية من حول العالم، قائلا: أعتقد أن هناك ثقة كبيرة من الجانب الأمريكي في استقرارها وقوة اقتصادها، وما توقيع الاتفاقية اليوم إلا دليل ثقة من الولايات المتحدة في هذا الاستقرار والمناخ الاستثماري والملائة المالية للسلطنة.
وأشار سعادته إلى توقعات منتدى دافوس الأخير والتي توقعت أن يكون النمو في منطقة الخليج بما فيها سلطنة عمان وأنه سيكون أكبر من متموسط النمو في دول العالم، وهذا مؤشر آخر على ثقة العالم والمراقبين في الاقتصاديات في المنطقة ومنها السلطنة، كما أشار سعادته إلى أن السلطنة تعمل من خلال الدبلوماسية الاقتصادية لتنويع الاقتصاد، ونأمل أن يسهم الحوار مع الجانب الأمريكى في زيادة التبادل التجاري وتفعيل العلاقات الاقتصادية والفنية والثقافية خاصة أن الحوار يركز على عدة قطاعات؛ تتمثل في: التجارة والاستثمار، الطاقة المتجددة، والتعليم والثقافة.
وقال الحارثي : كما يعلم الجميع بأن انعقاد الحوار الاستراتيجي يأتي بعد إعلان معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية عنه عقب زيارته إلى واشنطن خلال نوفمبر الماضي، حيث تم الاتفاق بين معاليه، وبين معالي أنتوني بلينكن وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، وأعلن معالي السيد بدر البوسعيدي حينها عن تدشين الحوار الاستراتيجي الأول بين البلدين بهدف البناء على الشراكة القوية بين سلطنة عمان والولايات المتحدة الأمريكية.
وللإجابة عن سؤالين لجريدة "الشبيبة" حول مدى وأوجه التعاون بين البلدين في مجال الطاقة المتجددة، وحول مزيد من الايضاحات حول الاتفاقية التي تم توقيعها بين وزارة المالية وبنك التصدير والاستيراد الأمريكي، قال سعادة الشيخ خليفة الحارثي: كما هو معلوم فإن قطاع الطاقة المتجددة هو أحد الركائز الأساسية للاقتصاد ويؤمل من هذا القطاع دعم الاقتصاد العماني، وكما يعلم البعض بالنسبة للهيدروجين الأخضر تتمتع السلطنة بميزة تفضلية عن العديد من الدول الأخرى فيما يتعلق بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والتي تجعل من الاستثمار في قطاع الهيدروجين الأخضر أكثر ربحية وفائدة على المستوى التجاري من الدول الأخرى، وقامت وزارة التعدين والطاقة مؤخرا بالاعلان عن استراتيجيتها في هذا القطاع وأوضحت من خلالها عن الضمانات الاقتصادية والحقوق وما شابهها من أجل تشجيع الدول والمستثمرين الأجانب من أجل المجيء إلى السلطنة للاستثمار في هذا القطاع، ونأمل أن تصل مجموعة الطاقة المتجددة من البلدين إلى بعض التوافقات بحيث تشجع الجانب والشركات الأمريكية للقدوم للسلطنة للاستثمار في الهيدروجين الأخضر وكما سيذكر سعادة فرنانديز بأن الولايات المتحدة الأمريكية أيضا لديها خطتها بخصوص قطاع الطاقة المتجددة وخاصة الهيدروجين الأخضر، كما أعتقد أن العالم أجمع أصبح مهتما الآن بهذا القطاع لما له من أهمية كبيرة خاصة المتعلقة بالحفاظ عاى البيئة.
وعن الاتفاقية التي تم توقيعها بين وزارة المالية العمانية وبنك التصدير والاستيراد الأمريكي قال سعادته: المأمول من هذه الاتفاقية توفير الائتمانات والتسهيلات البنكية والمالية للمصدرين ورجال الأعمال الأمريكان الذين يتعاملون أو سيتعاملون مع السلطنة في المستقبل. فيما أوضح سعادة عبدالله بن سالم الحارثي وكيل، وزارة المالية أن هذه الاتفاقية ستؤسس لتعاون بين الجانبين العماني والأمريكي، وقد تم تنسيق لمجموعات عمل بين البلدين بحيث تعمل على استكشاف الفرص التي من خلالها يمكن لبنك التصدير والاستيراد الأمريكي دعم التجارة وفرص الاستثمار هنا في السلطنة . وأعتقد أن هذا الأمر سيكون له الكثير من الأهمية لأنه سيوضح التسهيلات المتوفرة والتي يمكن أن تساعد وتسهل عملية الاستثمار والتجارة بين البلدين.
وأضاف سعادة عبدالله بن سالم الحارثي وكيل، وزارة المالية: بداية نشكر الأخوة من الجانب الأمريكي على تواجدهم في السلطنة والتوقيع على هذه الاتفاقية المهمة اليوم التي نعتقد أنها ستوطد لمزيد من الشراكة والتعاون في الفترة القادمة بين الجانبين العماني والأمريكي، بل وستفتح أفاقا جديدة للاستثمار، خصوصا في القطاعات ذات الأولوية في السلطنة ومنها: التعدين، التكنولوجيا، والطاقة المتجددة وغيرها.
ومن جانبه قال سعادة خوسيه دبليو فرنانديز وكيل وزارة الخارجية الأمريكية للنمو الاقتصادي والطاقة والبيئة: اننا نتمنى من الشركات العمانية والأمريكية أن تتعاون أن تدعم بعضها بعضا في قطاع الطاقة المتجددة وخاصة الهيدروجين الأخضر. وأضاف قائلا: كلا البلدين لديهما من العلاقات التاريخية الكثير حيث تم توقيع اتفاقية صداقة بين الببلدين في عام 1790، كما يوجد بين البلدين من ميزات الاقتصادية والاستثمارية وأشاد بمستوى النمو التجاري بين بلدين وأنه حقق في العام الماضي فقط زيادة بنحو 30%.
وأكد سعادته أن سلطنة عمان تعمل على تطوير قطاع الهيدروجين الأخطر لتصبح في مقدمة الدول المنتجة، لذلك نتطلع إلى تبادل الأفكار حول تبادل واكتشاف الفرص الاستثمارية في السلطنة الهيدروجين الأخضر وتوفير البيانات حول الشركات الأولى بالاستثمار في الهيدروجين الأخضر والطاقة البديلة، خاصة بعد زيادة التبادل التجاري بين البلدين بنسبة 30% في العامين السابقين وتحاول جذب الاستثمارات الأمريكية خاصة أن أمريكا تسعى إلى تحسين الاستفادة من ذلك في ظل المنافسة الحرة من الدول الأخري.