بقلم : خالد عرابي
شارك فخامة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مؤخرا في القمة العالمية للحكومات في نسختها العاشرة بإمارة دبي في دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، والتي تبحث عن استشراف الحضارة.
وقد تحدث فخامة الرئيس عن الخطوة الجريئة والمشروع الرائد الذي أتخذته الحكومة والتجربة المصرية في العصر الحديث، وكما قال: "هذه التجربة لا أحكيها للساسة ولا المسئولين وإنما أوجهها للشعوب" ، وقال فخامته بأنه ومنذ العام 2011 وما تعرضت له الدول العربية من "تحديات متوازية" أي تحديات جميعها على خط واحد ويجب مجابتها وحلها أيضاعلى خط وفي آن واحد. وأكد فخامته أن "أول التحديات التي تمثلت في حالة التشرذم والتفكك وفقد الأمل واليأس التي كان يعاني منها المصريين في ذاك الوقت، وأن ذلك كان نتيجة فكر ممنهج من أشخاص من خارج وداخل مصر كانوا يعتقدون أنه يمكن وقوع مصر ولكن - بفضل الله- نجت مصر من ذلك، بل وهي الدولة الوحيدة التي نجت من ذلك " .
وكان التحدي الثاني على حد وصف فخامة الرئيس السيسي متمثلا في: تحدي الطاقة وتحديدا مشكلة الكهرباء والغاز والبوتجاز، مشيرا إلى أن مصر انفقت على الكهرباء 1.8 تريليون جنيه . و أوضح سيادته كيف عمل مع الحكومة على حل هذه المشكلة وكيف تم التغلب عليها ، ووذكر في حديثه للقمة أن قطاع مثل النقل تكلف حوالي 2 تريليون جنيه، حيث أنه قطاع يخدم 105 مليون نسمة، وأشار إلى تحدي آخر وهو التعليم وأن مصر كدولة بها في التعليم الأساسي 25 مليون طالب وطالبة، وفي الجامعات ثلاثة إلى أربعة ملايين طالب وطالبة ، وأنه يتم تخرج فيها نحو 700 ألف خريج وخريجة سنويا، كما أن هناك نمو سكاني متزايد باضطراد ، وأن عدد سكان مصر كان في عام 2011 حوالي 81 مليون نسمة، واليوموصل إلى 105 مليون نسمة ، أي زاد حوالي 25 مليون، وذكر تحديات أخرى كثيرة تم العمل عليها في آن واحد.
كما تحدث فخامته عن خصوصية الدولة المصرية وصعوبة الحالة التي مرت بها بلد الاهرامات والأزهر الشريف وشعبها وأنها كلفت مصر حوالي 450 مليار دولار، وأوضح فخامته كيف عملت مصر على حل العديد من المشكلات، ومنها جودة التعليم والصحة وغيرها في ظل القدرات الحالية، ولفت النظر إلى أن حياة المصريين متمركزة عي مساحة ضيقة من مصر وهي الشريط الضيق الموازي للنيل منذ عهد محمد علي، وما مثله من تحديات للتنمية العمرانية وتحديات في مواجهة العشوائيات وغيرها، وتوجه مصر نحو توسعات في محاور و اتجاهات مختلفة ومنها التوجه للعاصمة الإداية الجديدة ، وقال فخامته بأن مصر كدولة تحتاج إلى نحو 2 تريليون دولار سنويا .. لذا فقد توجهت الحكومة في عهده للاعتماد على حلول المبادرات.
وكان من النقاط المهمة التي تحدث عنها فخامة الرئيس السيسي ما أسماه "النقاط المضيئة"، و لخص سيادته أبرزها في نقطتين مهمتين، وأولهما: "الدعم" وحدده في دعم الأشقاء العرب، وقال مخاطبا الشعب الإمارتي بل والشعوب العربية، قاصا واحدة من القصص التي حدثت بينه وبين صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة وأنه بعد أن ألقى بيان 3/7/2013 الشهير جاء في سمو الشيخ محمد بن زايد في زيارة رسمية إلى مصر ، ولأنه كرئيس لمصر لم يطلب منه شيئا أبدا وإنما وجد أن سمو الشيخ محمد بن زايد هو الذي عرض شخصيا بل ووفر كل الدعم لقطاع الطاقة من غاز وبوتاجاز وكهرباء، وغيره، بل وهو الذي كان نسق دعم الأشقاء العرب لمصر، وأنه لولا هذا الدعم لما قامت مصر في ذاك الوقت، وتوجه فخامة الرئيس السيسى بالشكر الجزيل خاصة للأشقاء في دولة الإمارات العربية المتحدة، المملكة العربية السعودية، ولدولة الكويت فلولا دعمهم جميعا ما قامت مصر. وقال لا تسمحوا للأقلام ووسائل التواصل المغرضة للوقيعة بيننا لأننا أخوة. ثم توجه بكل الشكر والتقدير والاحترام لكل من دعم مصر ولأي دولة عربية أخرى.
كما تحدث فخامته عن نقطة مضيئة أخرى وهي الرهان على الشعب المصري ومدى تحمله للظروف الصعبة التي مر بها أو التي يمر بها الآن بسبب التضخم العالمي وبالطبع التضخم في مصر، وأنه كان يتوقع من الشعب المصري التحمل بل. والصمود وهذا ما حدث.
وأيضا شخصيا قال فخامة الرئيس السيسي أن هذا الشكل من الصراحة والمصداقية أدى إلى نوع من الثقة بين الشعب المصري والقيادة السياسية وشخصيىة الرئيس عبدالفتاح السيسي شخصيا، رغم تعرض مصر مؤخرا لمحاولات لهز هذه الثقة، وذلك لأننا قضينا على الإرهاب ولذا فما زالت هناك محاولة العبث بمساحة ثقة الشعب المصري في فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، ولكن هذا لن يحدث أبدا بأذن الله .
وهنا يأتي التساؤل بل و ما طرحه بعض أصحاب وسائل التواصل الاجتماعي وهو : هل كان ينبغي على فخامة الرئيس السيسي أن يقول ذلك في لقاء مثل هذا أم لا: وهنا نؤكد كوجهة نظر شخصية ما قاله الكثيرون من الخبراء والساسة بل ومن الشباب وغيرهم نعم.. أي نعم كان على الرئيس السيسي أن يقول ذلك وأنه ليس هناك مانع أبدا أن يقوله ، فهذا أولا نوع من الشفافية المتناهية والمطلقة والصراحة مع الذات والتي عرف بها دائما و أبدا الرئيس السيسي في كل خطبه وأحاديثه ولقاءاته ولدرجة أنه في غالب الأحيان يتحدث ارتجالا دون إعداد مسبق، لأنه رجل جل هدفه المصداقية وطرح الحقيقة كما هي بدون تزيين أو تلويين و دون النظر إلى ما سيقوله البعض عنها ، و هذه ميزة كبرى قد لا توجد في كثير من رؤساء العالم ولا رؤساء أكبر الدول لأنهم يعتمدون على فكر ومنطق أن السياسة مكر ودهاء ولا يجب ابدا فيها الصراحة، وهذا ما لا يوجد في قاموس الرئيس عبدالفتاح السيسي فهو رجل يعتمد على الصراحة والمصداقية دائما و ابدا ومهما كلفه ذلك.
ولعل الإجابة الحقيقية والتي لا تقبل الشك أبدا جاءت على لسان فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي نفسه وهي أنه بعد أن طرح قمة المكاشفة والمصارحة وقال بأن الناس في مصر وعقب ثورة يوليو وحتى بداية تولي فخامته الناس في مصر كانوا يقفون طوابير للحصول على الغاز والبنزين والسولار ومع هذا لا يجدونه، و لكن بعد أن جاء سمو الشيخ محمد بن زايد وصل كل ذلك وحلت الأزمة، ونفسه شخصيا تسائل : هل هناك ضير أو كسوف في طرح ذلك؟ وأجاب بنفسه أيضا قائلا: لا " لأننا نتعلم أزاي نخلي بالنا من بلادنا" ، وتسائل أيضا: هل يمكن أن يزعل بعض الشعب الإماراتي من ذلك وأجاب: " يجب عليكم ألا تزعلوا أبدا و تفتخروا وتسعدوا وتتشرفوا أنكم عملتم و بتعملوا دا "
كما لم ينس فخامة الرئيس توجيه الشكر والتقدير لسمو الشيخ محمد بن زايد وللشعب الإماراتي بل ولكل من وقف مع مصر.
الخلاصة و الحقيقة التي لا تقبل الشك أن هذا الحوار وبالعقل والمنطق كشف أن فخامة الرئيس لديه علم ودراية بكل صغيرة وكبيرة و بكل شاردة و واردة تتعلق بمصر والشعب المصري ، و "الأرقام" التي طرحها فخامته وشكك فيها بعض المغرضين من الكتائب الإلكترونية التي يعرف مصدرها لا تقبل شك أبدا فمثلا الحديث عن استهلاك مصر لنحو 450 مليار دولار أي خلال 10 سنوات أي 45 مليار دولار سنويا وهذا مبلغ ليس بكبير أبدا إذا علمنا أن ميزانية دولة مثل قطر في العام الجاري مثلا قدرت ب بإجمالي نفقات 55 مليار دولار وإيرادات 63 مليار دولار.. ودولة مثل الكويت مثلا قدرت إجمالي الإيرادات المتوقعة سيبلغ 19.5 مليار دينار أي ما يساوي 64.5 مليار دولار، في حين أن إجمالي النفقات المتوقعة سيبلغ 26.3 مليار دينار، أي ما يساوي 87 مليار دولار. فما بالك بمصر ذات المليون كيلو متر مربع و 105 مليون نسمة هل هذا كثير عليها .
وحتى عندما ذكر فخامته مثلا أن تحدي الطاقة ومشكلة الكهرباء والغاز والبوتجاز في مصر تطلبت انفاق 1.8 تريليون جنيه ، فهذا المبلغ ذاته ليس بكثير فهذا المبلغ يوازي نحو 90 مليار دولار على اعتبار أن متوسط سعر صرف الدولار 20 جنيها رغم أن سعره رسميا في مصر الآن 32 جنيها، فهل 90 مليار على 10 سنوات أي 9 مليارات سنويا مبلغ كبير لمل هذا القطاع لدولة بها 105 ملايين نسمة.
كلمة أخيرة: شرف وفخر أعتز به شخصيا وكل مصري بل وحتى عربي محب لبلادنا أن يكون رئيس وطني الحبيب مصر بهذه القوة والاحترام والصراحة والشفافية بل والالمام والإدراك بكل ما يخصا شعبه وبلاده ..
ومن قمة الصدق والرقي رفض فخامته فخامته ذكر أي دولة متضررة جراء اللربيع العربي و الفتن التي مررنا بها الآن حتى الآن، لا يؤذي أحد نفسيا.