بقلم: خالد عرابي
حدثني خلال الأيام القليلة الماضية والد أحد أصدقائي وقد عاش في إحدى الدول الغربية لنحو 40 عاما ومع هذا فهو وبحسب حديثه لي لم يحصل على جنسية هذا البلد الغربي "المتحضر، والعملاق الاقتصادي"، بل ولم يفكر في التقدم للحصول على جنسيتها، وحينما سألته عن السبب في ذلك قال: "لم أشعر يوما بأنهم منصفون أو حتى مناصرون للحريات كما يدعون أبدا" و زاد قائلا: " لقد زاد الأمر سوءا كثيرا خلال السنوات الماضية، وتستطيع أن تقول منذ أحداث 11 سبتمبر الشهيرة وضرب برجي التجارة العالميين في نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية وأصبح الغرب أو لنقل كثير من الغربيين أكثر عدوانية ضد الإسلام والمسلمين، بل وأصبحوا حقا مصابون بـ "الإسلاموفوبيا".
كثير منا يسمع بل ومنا من يشهد خلال هذه الأيام كثيرا من القصص من أشخاص مقيمون في الغرب عموما، وأنهم الآن يفكرون في الرحيل من أوروبا وأمريكا والعودة إلى بلدانهم العربية والإسلامية مرة أخرى، و ذلك بسبب ما يرونه بل وما يعيشونه يوميا من حالات مرعبة من هجوم عليهم، ومن عدم احترام لا لحرياتهم ولا لدينهم أو معتقداتهم أو عاداتهم وتقاليدهم، بل ولأنهم أصبحوا يعانون من عدوانية الغرب ضدهم ، بل ويعانون من الاعتداء المتكرر عليهم، تحت إدعاءات الخوف من الإسلام والمسلمين "الإسلاموفوبيا" أو تحت إدعاء أن بعض المسلمين إرهابيين وغيرها من الادعاءات والأكاذيب الباطلة.
إننا نشهد مؤخرا تصاعد الكثير من الموجات التي تثبت أنه لم يعد هناك مجال للشك في أن الغرب مدعى التحضر والتمدن ، و أنه يعيش حالة من العشوائية والغوغائية والفوضى ، بل والفراغ والخواء الأخلاقي والقيمي والثقافي، وأن كل ما كانوا يروجون له من أنهم أصحاب تحضر وتقدم ومدنية أنه مجرد إدعاءات كذابة وشعارات زائفة..
بل ومما يزيد الطين بلة ويكشف مدى هذا الخواء الثقافي والقيمي والاخلاقي الغربي ، هو ما نراه من همجية البعض منهم في المبالغة في قضية المثلية الجنسية -على سبيل المثال- والتحزب لها ، وإدعاء أنها من الحريات ، فإذا كان هؤلاء الغربيين المتعصبين للمثلية الجنسية يرون أنها حرية ، فلماذا لا يحترمون حرية الدين والمعتقد للمسلمين المقيمين معهم ، ولماذا يهاجمون العرب والمسلمين في الغرب لأنهم يريدون أن يؤدون عباداتهم و يمارسون عاداتهم وتقاليدهم -على سبيل المثال- بل ولماذا يحاولون أن يفرضون عليهم التسامح مع أمور ضد ديننا الحنيف وضد الفطرة السليمة مثل المثلية الجنسية.
من القصص التي حدثت مؤخرا، والتي انتشرت بقوة أنه في إحدى المدارس البريطانية التي بها عدد كبير من المسلمين أحضرت إدارة المدرسة شخص أدعى أنه مسلم وأنه مثلي، وقال مدعيا : أنه كمسلم لا يعرف أن هناك نص في الدين الإسلامي سواء القرآن الكريم أو الأحاديث يحرم المثلية.. بعض أبناء المدرسة اكتشفوا زيف إدارة المدرسة وكذبهم وأن هذا الشخص مدعي و ليس بمسلم، و اكتشفوا أنه فعل باطل من قبل المدرسة في محاولة لنشر وبث أغراضهم الدنيئة بين المجتمع المسلم في المدرسة، وحينما اعترض الطلاب المسلمون أرهبتهم إدارة المدرسة وهذا الشخص المدعي بل وأخذوا ينعتون الإسلام والمسلمين بالإرهاب وأنه على هؤلاء الطلاب المسلمين أن يصمتوا أو يرحلوا من هذه المدرسة بل وهذا البلد.
واحدة من القصص الأخرى في الغرب وتحديدا في في السويد وبحسب مقطع انتشر مؤخرا يحكي فيها ولي أمر طالب مسلم وهو سويدي ولد وعاش وتربى هناك ويقول: في ظل احتفالات المدارس هناك بالمثلين - للأسف- ترفع أعلام المثليين، قام طلاب مسلمون فأنزلوا هذا العلم المشين، فما كان من إدارة المدرسة إلا أن فصلتهم تماما من المدرسة تحت مبدأ أنهم أنهم متخلفون وأنهم مذنبون ومجرمون لأنهم معادون للمثلية .. الأغرب أن هذا الأب يقول أن أبنه لم يشارك في انزال العلم وإنما شاهد الواقعة فعوقب بتوجيه إنذار له لأنه لم يقم بدوره في التصدي لمن أنزلوا العلم!!
أعجبني تقرير مهم صدر قبل أيام بل والاحظه لسنوات مضت أنه كلما صدر هذا التقرير فإن خلاصته ولسنوات متتالية أننا إذا ما رصدنا أعلى عشر دول في العالم في "المخدرات" فسنجد أنها دول معظمها غربية وأنه لا يوجد منها ولا دولة عربية أو إسلامية، وأننا إذا ما رصدنا أعلى عشر دول في العالم في "الدعارة" فسنجد أنها دول معظمها غربية وأنه لا يوجد منها ولا دولة عربية أو إسلامية، بل وأننا إذا ما رصدنا أعلى عشر دول في العالم في "الجريمة" أو "السرقة" فسنجد أنها دول معظمها غربية وأنه لا يوجد منها ولا دولة عربية أو إسلامية، وعلى هذا فقس في العنصرية وعدم احترام حقوق الإنسان وعدم احترام الحريات وغيرها.. إذا السؤال الذي ينبغي طرحه وبكل صراحة وقوة الآن: من الذي يجب أن نصفه بالهمجية الحقيقية ومن الإرهاب الحقيقي والمعتدي على الحريات وحقوق الإنسان.. أليس الغرب والغربيين مدعي التحضر والتمدن ومدعي رعاة حقوق الإنسان.
الخلاصة أن هذا الغرب الآن يعاني من فراغ وخواء أخلاقي ومادي كما أنه يعاني من حماقات وهمجية مرعبة ، والأغرب من هذا أنهم يدعون المدنية والتحضر والليبرالية وغيرها ومع هذا فإن الواقع عكس هذا تماما وأنهم مجرد مدعون ولذا لم يعد ينطلي علينا كذبهم و زيفهم .