الشبيبة - وكالات
بعد جملة فتاوى من كبار العلماء والفقهاء حول عدم جواز حج المرأة بمفردها، ذهبت وزارة الحج السعودية إلى إتاحة تسجيل المرأة لموسم الحج بدون محرم للعام الثاني على التوالي، وهو ما يثير التساؤلات حول صحة القرار وفق الشريعة الإسلامية.
وسمحت السلطات السعودية بتسجيل المرأة للحج ضمن عصبة نساء في حال عدم وجود محرم، وذلك في إطار التخفيف على اللواتي لا يوجد لديهن أقارب، أو لا يمكن لأحد من أقاربهن الحج معهن ، حسب "الخليج أونلاين".
وأكد نائب وزير الحج والعمرة السعودي عبد الفتاح مشاط، في تصريحات لقناة "الإخبارية" الرسمية، (الخميس 5 يناير الجاري)، أنه يمكن للمرأة أداء فريضة الحج دون محرم، وضمن عصبة من النساء، وذلك خلال موسم الحج هذا العام 1444هـ.
وأباح بعض الفقهاء خروج المرأة للحج إذا توافرت لها الصحبة الآمنة، وكانت في سن متقدمة لا يخشى عليها من الفتنة.
ويعرف الشرع المَحرَم بأنه هو كل من تحرم عليه المرأة تحريماً دائماً، بقرابة أو رضاعة أو مصاهرة، إضافة إلى الزوج الذي يُغني عن المحرم.
وحسب فتوى الإمام عبد العزيز بن باز "فلا يجوز للمرأة أن تحج بدون محرم، حيث ذهب بعض العلماء إلى جواز الحج مع ثقات النساء بدون محرم ولكنه قول مرجوح، والصواب: ما قاله النبي ﷺ: لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم. لكن لو حجت مع النساء صح حجها، وعليها التوبة إلى الله؛ لأنها أخطأت وأثمت فعليها التوبة إلى الله والندم وألا تعود إلى مثل هذا وحجها صحيح إن شاء الله؛ لأنها أدت مناسك الحج، فصح مع الإثم في مخالفتها السنة في حجها بدون محرم".
كما يقول العلامة الراحل يوسف القرضاوي: إن "الأصل المقرر في شريعة الإسلام ألا تسافر المرأة وحدها، بل يجب أن تكون في صحبة زوجها، أو ذي محرم لها".
عصبة من النساء
وسبق أن سمحت السعودية، في مارس الماضي، للمرأة بالحج بدون محرم خلال موسم الحج الماضي، كما أتاحت لهن التسجيل لأداء العمرة دون محرم أو عصبة من النساء.
والمقصود بعصبة النساء في الحج والعمرة والسفر فئة النساء اللاتي تأمن المرأة على نفسها معهن.
وفي حينها كشف المشرف على الفتوى بالأزهر الشريف في مصر، عباس شومان، أنه يجوز للمرأة أن تسافر لأداء الحج والعمرة دون اصطحاب محرم معها، شريطة أن تكون برفقة صحبة آمنة.
وقال شومان، إنه إذا كانت الرفقة آمنة ولا تخشى المرأة على نفسها من أثر الطريق، يجوز لها أن تسافر دون محرم، مشيراً إلى أن هذا الحكم يعد قراءة حديثة لنهيها عن السفر دون محرم.
وأشار المشرف على فتوى الأزهر، إلى أن اصطحاب المرأة للمحرم علله العلماء بأنه كان يتعلق بظروف السفر قديماً من حيث الطرق غير الممهدة واستغراق الرحلة وقتاً طويلاً، إلا أنه في العصر الحديث اختلفت الظروف وأصبحت الطرق آمنة وتستغرق الرحلة ساعة أو ساعتين.
وشدد شومان على أنه من الأفضل للمرأة أن تسافر بصحبة محرم لها؛ لأنها معرضة لأن تمرض فتحتاج من يحملها ويرعاها، والأولى في هذه الحالة أن يكون معها محرم لها أو زوجها، وإن لم تجده لها أن تسافر بدونه.
اجتهادات الفقهاء
أستاذ الفقه المقارن الشيخ صادق قنديل، يؤكد أن سفر المرأة بدون محرم مسألة تعددت بها اجتهادات الفقهاء، ومدار الآراء على عدة أحاديث من أشهرها الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال فيه: "لا تسافر المرأة فوق ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم".
ويقول قنديل، في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "يفهم من الحديث السابق أنه لا يجوز للمرأة السفر وحدها دون محرم، ولكن هناك اجتهادات عند بعض العلماء القدامى والمعاصرين، أجازوا فيها للمرأة السفر برفقة مجموعة من النساء أي عصبة من النساء؛ لأن العلة أن تأمن المرأة على نفسها من الفتنة والأذى".
ويوجد- حسب قنديل- اجتهاد آخر عند بعض العلماء، وهو أن الظروف التي ذكر فيها النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يحل لامرأة أن تسافر إلا مع محرم، قد تغير وأصبح سفر المرأة مرتبطاً بقوانين السفر البري والبحري والجوي، وتكون برفقة المسافرين.
ويوضح أنه أمام هذه الاجتهادات "يثبت أن المسألة تدور حول أمن النساء من الفتنة، فيمكن للمرأة أن تسافر مع ذي محرم وهو أعلى التدابير التي نصت عليها الأحاديث الشريفة، وأن تسافر مع رفقة نساء".
ويرى أنه في حالة أرادت المرأة السفر بدون محرم أو عصبة من النساء، يمكن لها السفر "في حالة كانت الإجراءات بعيدة عن الفتنة، من خلال إيصالها عند المطار من قبل أهلها، ثم استقبالها عند الوصول من الأوصياء من أهلها فيمكن بهذه الحالة جواز سفرها".