مسقط – الشبيبة
قال طلال بن عبدالله البلوشي؛ مدير دائرة التطوير الإداري بوزارة العمل لإذاعة الشبيبة، إن سلطنة عمان تمر بمرحلة تغيير في الوقت الحالي حيث أن جميع القطاعات تشهد تغييرًا وتحوّلاً نحو تحقيق رؤية عُمان 2040.
وعن المنتدى الذي نظمته وزارة العمل تحت عنوان "منتدى عُمان الأول لإدارة التغيير" الذي نظم في مركز عُمان للمؤتمرات والمعارض يوم الثلاثاء الماضي، قال البلوشي، إنه جاء لتسليط الضوء على أهمية إدارة التغيير كمنهجية يجب أن تصاحب جميع المشاريع والمبادرات التي تنفذها الحكومة.
وأوضح أن هذه المشاريع تتكون من جزئين أحدهما مرتبط بأنظمة العمل نفسها كإجراءات وعمليات وغيرها وجانب تقني، وجزء آخر مرنبط بسلوك ومشاعر الفئات المستهدفة والمتأثرة من هذا التغيير، وتساعد إدارة منهجيات إدارة التغيير في توجيه هذا السلوك بطريقة ذكية نحو تحقيق أهداف هذه المشاريع والمبادرات.
وأضاف : "هدف المنتدى إلى إحداث تأثير وتغيير إيجابي في ظلّ التغيرات الداخلية والخارجية المختلفة والمستمرة بما يعود بالنفع على المؤسسة والموظفين فيها والمستفيدين منها."
وقال البلوشي إن هناك خطة لإدارة التغيير وهناك ضرورة كبيرة لهذا الموضوع، وذلك لأن التعامل مع مشاعر البشر يتطلب حرصًا شديدًا فهذه التغييرات تلامس حياتهم والكثير من الجوانب وتخرجهم من مناطق الراحة، ولذلك من المهم أن يتم توضيح الجوانب الإيجابية التي سيتم تحقيقها إذا ما تم إنجاز هذه المشاريع.
وحول مقاومة التغيير وكيفية نظر المنظومة لها؛ أشار البلوشي إلى أن هذا الأمر طبيعي وصحي إلى درجةٍ معينة وهو أمر يجب توقعه في أي تغيير قادم، حيث سيكون هناك تقبل وترحيب لبعض التغييرات ولكن البعض الآخر قد يواجه مقاومة والتي تأتي بفعل مسببات يجب دراستها والوقوف عليها لكي يتم تقليلها بنسبة كبيرة جدًا.
وأشار البلوشي إلى أن الخطوة الأولى في هذا الجانب تتم من خلال إيجاد مدراء للتغيير في الجهاز الحكومي قادرين على أن يكونوا جزء من أي مشروع يُنفّد، ولابد من تمكينهم بالمعرفة والمهارات اللازمة، وهناك العديد من المنهجيات العالمية التي يمكن اعتمادها ويتوفر لدينا على سبيل المثال أكثر من 3 منهجيات يمكننا من خلالها أن نخرج المشروع بطريقة تقلل المقاومة وتضمن نجاح المشروع بشكلٍ جيد، ومنظومة الابتكار وإدارة التغيير بالتعاون مع شركة تنمية نفط عُمان تقوم بنقل المعرفة في المنهجية التي تتبناها هذه الشركة إلى القطاعات الحكومية المختلفة، وقبل إتمام وإكمال المشروع بالكامل تم البدء في تطبيق هذه المنهجية على بعض المشاريع وكان الأثر جيد جدًا، واستعرض المنتدى تجربة التغيير في إحدى الشركات مثل شركة نماء الحكومية، وتجربة أخرى في إدارة التغيير منها برنامج التحول الرقمي الحكومي، وهذه تجارب مهمة للاستفادة منها.
وعن أنواع التغيير قال البلوشي، إنه توجد ثلاثة أنواع للتغيير يكون أولها تغييرًا اضطراريًا وهذا يأتي نتيجة لوقوع المؤسسة في أزمةٍ ما تتطلب حدوث التغيير وهو مكلف نوعًا ما، أما النوع الثاني فهو التغيير التفاعلي وهذا يكون في ظل وجود تحديات تعيق من عمل المؤسسة وتكون تكلفته متوسطة نوعًا ما، أما النوع الثالث والذي يتطلب جهدًا ووعيًا كبيرًا من القيادة يسمى بالتغيير الاستشرافي التنبؤي والذي يعمل على مساعدة المؤسسة في تفادي المرور بالأزمات والصعوبات نظرًا لقدرة هذا التغييرا على استشراف المستقبل والأزمات والأخطار القادمة والتحولات التي يجب القيام بها والتحضير لها قبل أن تمارس أو تلامس أرض الواقع، وهنا يتم القيام بخطوات بسيطة نحو التغيير ويكون الاستعداد جيد ويتم دراسة الحلول وبالتالي فإن التكلفة تكون أقل.
وأضاف إنه إذا ما تمت المقارنة بين هذه الأنواع الثلاثة من حيث سهولة الإطلاق فإننا نجد النوع الثالث وهو التغيير الاستشرافي أصعبها في ظل عدم وجود مبررات لإقناع الآخرين بضرورة التحول فالمشكلة مستقبلية وبعيدة وقد تكون غير واضحة، وهنا تأتي أهمية وعي الإدارة العليا بأن يتم تحقيق تحضير أنفسنا للبدء في التحول، فعلى سبيل المثال تداعيات جائحة كورونا وتأثيراتها على العالم وجانب الأعمال حيث كانت بعض المؤسسات متأهبة ولديها الجاهزية لمواجهة هذه التداعيات من خلال توظيف سياسة العمل عن بعد وتوفير التقنية والاستعداد لطارئ قادم دون معرفة ماهيته وهذه المؤسسات استطاعت أن تنتقل من نظام الأعمال المكتبية التي تتطلب الحضور إلى النمط الآخر وهو العمل عن بعد بكل يسر وسهولة، بينما المؤسسات التي تعاملت مع الموضوع كأزمة تعطلت أعمالها لفترات أطول وتكلفت في بناء أنظمة العمل والتكنولوجيا وغيرها.
وحول نظام إجادة في تقييم أداء الموظفين في الحكومة كنوع من التغيير؛ أشار البلوشي إلى أنه بالنسبة للإجادة الفردية فهو كان رئيس التغيير والتدريب وتم وضع خطة مبنية على منهجية كوتر الخطوات الثمانية لإدارة التغيير، حيث بدأت الخطوة الأولى برفع الإحساس بالضرورة وأهمية وجود نظام لقياس الأداء في مرحلة تمر فيها السلطنة للإنتقال من المرحلة الريعية إلى مرحلة الإنتاج كحكومة منتجة، وبعد ذلك تم تكوين ائتلاف معين بحيث تم جمع الأشخاص الذين يمتلكون ذات التوجّه وتم تكوين فريق قوي سواءً كان من داخل المؤسسة أو خارجها، ومن ثم تم إشراك الآخرين بعد وضع الرؤية والمنهجية التي سيتم الإعتماد عليها وتم إشراك الآخرين في وضع الرؤية وبناؤها حيث كانت هناك الكثير من اللقاءات التي جمعت الفريق مع ممثلي الوحدات من أجل أخذ التغذية الراجعة على النظام الجديد والملاحظات ومساعدتهم على تجاوز الصعوبات وتمكينهم من خلال تدريب الوحدات على كيفية تطبيق المنظومة الجديدة، وتم لاحقًا الإعلان عن النتائج السريعة مثل الاهتمام بالخطة السنوية مقارنةً بالسابق حيث كانت هناك العديد من المؤسسات التي لا تهتم بالخطة السنوية، كما بدأ بعض الموظفين المهمشين بالسؤال والمبادرة في معرفة أعمالهم كما بدأت بعض المؤسسات في مراجعة مواردهم البشرية، وتم مواجهة بعض التحديات وبوجود العزيمة تم تجاوزها، ومن ثم بدأ السعي نحو تحقيق الاستدامة بحيث تم نقل نظام الإجادة إلى الموارد البشرية ليتم تطبيقه كنظام دائم، وهذه الخطوات مهمة جدًا لنجاح أي مشروع.
وأضاف البلوشي بأنه يوجد منحنى جيد لشرح الفئات المختلفة التي تواجه التغيير سواءً كانت محفزة أم محبطة، حيث يشير المنحنى إلى ما نسبته حوالي 2.5% من البشر يكونون من المبتكرين بمعنى أنهم يقومون بتبني المشاريع، وفي بعض الأحيان يتم مواجهة ما يسمى بالجهل الرقمي، وصعوبة فهم المهام والتخطيط، وكانت هناك محاولات لسد هذه الفجوات من خلال توفير عدد كبير جدًا من الورش التدريبية فيما يتعلق بهذه الجوانب لتمكين هذه الفئة، وقد تبقى فئة لا تقتنع بالتغيير ولكن بحكم القانون ستقوم بتنفيذ التغيير.
وأشار إلى أن مجموعة نماء من المجموعات المتميزة فيما يتعلق بالتغيير حيث بدأوا بالتغيير منذ عام 2012م وكانوا على تواصل دائم مع الخبير العالمي راجيف كانا والذي قام بتقديم ورقة عمل وورشة خلال المنتدى حول الأطر الأساسية فيما يتعلق بالضرورة وأهمية التغيير، كما توجد تجارب محلية أخرى تم عرضها خلال اللقاء مثل عمانتل وشركة تنمية نفط عُمان بالإضافة إلى تجربة وزارة العمل.
وحول أهمية وجود منظومة للإبتكار وإدارة التغيير وكيفية عملها والاستفادة منها؛ أوضح البلوشي أن هذه المنظومة تتكون من 3 محاور رئيسية، حيث يعنى المحور الأول بتبني أفضل الممارسات في القطاعين الحكومي والخاص ونقل هذه الممارسات إلى الجهات الحكومية المختلفة والتي تحتاج إلى هذا الموضوع، والمحور الثاني يتعلق بالبحوث والدراسات حيث توجد إشكالية في هذا من ناحية صرف مبالغ ضخمة على الباحثين ولكن أبحاثهم لا تستغل، ولكن من خلال هذه المنظومة تم إطلاق تجربة بأن يتم تحويل نتائج البحوث إلى نماذج عمل برعاية الباحثين أنفسهم حيث يقومون بإدارة هذه البحوث وتحويل النتائج إلى واقع ملموس، أما المحور الثالث والمهم هو مختبر الابتكار وهو يعتبر محطة يتم الوقوف فيها من أجل دراسة ما تم إنجازه إلى جانب إصدار نسخة جديدة ومبتكرة وذات قيمة إضافية فيما يتعلق بهذه المنظومة.
وأضاف أنه من ضمن أبرز الممارسات التي تم تبنيها خلال المرحلة السابقة ما يسمى بالتعاقد الوظيفي المقدمة من وحدة تنفيذ الرؤية وإدارة التغيير من تنمية نفط عمان وإدارة المخاطر من شركة أوكسي وجهة أخرى مساندة لها، بالإضافة إلى مجموعة من هذه الممارسات، وفي جانب البحوث يوجد بحث في إدارة المعرفة وإدارة التغيير وإدارة الأزمات وتخطيط إدارة الموارد البشرية وبحوث أخرى متنوعة، ومن المعتقد أنه إذا ما وصلنا إلى مرحلة نستطيع فيها إدارة المؤسسات بأسلوب علمي فإن النتائج ستكون مدروسة وفي تطور مستمر.
وعن منظومة الإبتكار وإدارة التغيير قال إنها إحدى برامج رؤية عمان 2040، تمت في البداية مخاطبة الجهات المختلفة والتي يصل عددها إلى حوالي 62 جهة حكومية وخاصة وتمت مطالبتهم بتوفير أفضل الممارسات الإدارية، وبعد وصول هذه الممارسات تم تصنيفها حسب معايير معينة وتم اختيار 8 ممارسات منها، وتم وضعها في جدول وإرسالها إلى الجهات الحكومية من جديد لمعرفة ماهية الممارسات التي تحتاجها هذه الجهات لتطبيقها في المؤسسات، ومن ثم تم تشكيل فرق من هذه الجهات بحضور بيت الخبرة وصاحب الممارسة وبدأ العمل على التدريب ومن ثم التطبيق التجريبي وبعد ذلك التطبيق الفعلي فيما يتعلق بهذا الجانب بحيث ينتهي الموضوع بضمان استدامة تطبيق هذه الممارسات في المؤسسات الراغبة، وفي الجزء الآخر المتعلق بالبحوث والدراسات تم مخاطبة الجهات لمشاركة البحوث الموجودة لديهم وتم الالتقاء بمجموعة من الباحثين بناءً على معايير معينة وتم اختيارهم وأبدوا رغبة شديدة في تحقيق بحوثهم على أرض الواقع، وتم التواصل مع الجهات الراغبة وتم الاجتماع معها وتشكيل فرق عمل لتحويل نتائج البحوث إلى نماذج عمل.
وأشار البلوشي إلى أن من أهم مخرجات المنتدى هو زيادة الإيمان بضرورة التغيير وبالتالي تشكيل خبراء وفرق عمل قادرة على أن تنفذ خطط عمل مصاحبة للتغيير في المشاريع، والغاية الأسمى هي أن لا يتم إطلاق أي مشروع في المستقبل دون وجود خطة تغيير مصاحبة له حيث يتم هيكلة المشروع بناءً على إدارة التغيير ويتم إطلاق برنامج مصحوب بخطة إعلامية وخطة لإدارة المخاطر وغيرها من مكونات إدارة التغيير نفسها.