بقلم : سالم العبدلي
تلجأ الدول الى تنفيذ حزم إقتصادية ومالية متعددة من أجل ضمان توفر موازنات مستدامة تستطيع من خلالها تأمين الاحتياجات الاساسية لمواطنيها وضمان إستمرار النمو والتنمية والمحافظة على قيمة العملة المحلية وضمان عدم اللجوء الى القروض بقدر المستطاع والتي عادة ما تثقل كاهل الدول خاصة خدمة الدين ، وكما يعلم الجميع بأن السلطنة وصلت الى مرحلة متدنية من النمو قبل ثلاث سنوات حيث وصلت خدمة الدين العام الى اعلى من الناتج المحلي مما أدى الى إنخفاض تصنيفها الائتماني ، ولم يكن أمامها من خيار إلا اللجوء الى اوعية مالية واقتصادية اخرى وتم تطبيق برنامج التوازن المالي قبل سنتين.
برنامج التوازن المالي حقق العديد من الاهداف المالية والاقتصادية حيث انخفضت نسبة خدمة الدين العام الى أقل من 50 % من قيمة الناتج المحلي وبدات السلطنة في تحقيق فائض في الموازنة لاول مرة منذ سنوات عديدة حيث وصل الفائض الى اكثر من بليون ريال عماني في اقل من سنة وهذا يعتبر انجازاً جيداً في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.
المستهلك تحمل جزءاً كبيراً من تداعيات ذلك البرنامج والذي صاحبه فرض ضريبة القيمة المضافة وارتفاع اسعار بعض السلع والمنتجات وثبات الاجور مما ادى الى ارتفاع التضخم والذي رسميا يدور بين 2 الى 2.5 % الى انه ظاهريا يبدو ان النسبة اكثر من ذلك ، كما ان اعداد الباحثين عن العمل زادت بشكل كبير وظهرت قضية المسرحين عن العمل من شركات القطاع الخاص كل هذه العوامل أثرت بشكل مباشر على المواطنين وبخاصة ذوي الدخل المحدود. مؤخرا اعلنت وزارة المالية عن المرحلة الأولى من «البرنامج الوطني للاستدامة المالية وتطوير القطاع المالي» والذي سينقسم الى ثلاث مراحل المرحلة الاولى تبدأ من شهر يناير المُقبل وحتى نهاية الربع الثاني من العام نفسه بهدف دراسة الوضع الراهن للقطاع المالي وتشخيص أبرز التحديات المرتبطة به، والتحضير لحلقات العمل والمختبرات التخصّصية لوضع الأهداف الاستراتيجية، واقتراح الحلول والمبادرات والمشاريع المطلوب تنفيذها.
أما المرحلة الثانية من البرنامج فستبدأ خلال الفترة من بداية الربع الثالث من عام 2023 وحتى نهاية العام نفسه، حيث سيتم خلالها العمل مع جميع الجهات ذات العلاقة الحكومية والخاصة للاتفاق على الخطة التنفيذية والمراحل الزمنية والأثر المتوقع للمبادرات والمشاريع المرتبطة بتطوير القطاع المالي حسبما ورد في بيان وزارة المالية المنشور عبر وسائل الاعلام المختلفة.
وحسب وزارة المالية فإنه خلال المرحلتين الأولى والثانية سوف يتم استكمال أعمال المبادرات القائمة، والعمل على تنفيذ المبادرات والإجراءات سريعة التنفيذ وذات الأثر المباشر، فيما ستعمل المرحلة الثالثة للبرنامج -التي تبدأ في الربع الثالث من عام 2023 وحتى نهاية البرنامج في عام 2025- على تنفيذ المبادرات والمشاريع المعتمدة من اللجنة الإشرافية لتحقيق الأهداف الاستراتيجية للبرنامج مع متابعة سير العمل فيها وتصحيح مسارها حسب الحاجة.
لا نعلم حقيقة ماهو الفرق بين هذا البرنامج والبرنامج السابق والخاص بالتوازن المالي هل هو امتداد له ام ان هذا البرنامج يختلف عنه رغم تشابه الاهداف لكلا البرنامجين؟؟ ، وهل البرنامج السابق حقق الاهداف المرجوة اذا كان كذلك لماذا ينفذ برنامج جديد والذي لاشك سوف يكلف كثيرا من الجهد والوقت والمال خاصة اذا ما علمنا بأن هناك حلقات عمل ومختبرات مصاحبة لماذا لا نكتفي بالرنامج الحالي وان كان لابد فيمكن تمديده، وكان من المفترض ان رؤية عمان 2040 شخصت جميع التحديات والمشاكل واقترحت الحلول المناسبة.
والسؤال الذي يطرح نفسه ماهو تأثير هذا البرنامج على المواطن البسيط؟ وكما يعلم الجميع بأن هناك توجيهات سامية على أن يرافق برنامج التوازن المالي الحالي برنامج اخر للضمان الاجتماعي والذي يراعي فئات المجتمع من ذوي الدخل المحدود وضمان عدم تأثر معيشتهم بمثل هذه البرامج الا انه حتى الآن لم ينفذ البرنامج ولم يشار اليه في البرنامج الجديد لذا ينبغي أن يصاحب مثل هذه البرامج برامج اجتماعية تعوض وتحمي المواطن من تبعات إرتفاع الاسعار والتضخم.