بقلم: محمد محمود عثمان
تحتفل سلطنة عُمان بالعيد الوطني الـ 52 للنهضة العمانية التي قادها السلطان قابوس - طيب الله ثراه الذي يصادف الـ 18 من نوفمبر من كل عام ، والتي شهدت خلالها عُمان تحولات اقتصادية جذرية ،واكبت مجموعة من الأزمات العالمية، آخرها تداعيات حرب روسيا - وأوكرانيا ، ووباء كورونا التي تصدى لها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق وهو في مستهل قيادته للسفينة العُمانية ،متجاوزا أزمة انخفاض أسعار النفط، وآثار جائحة كورونا، وتهيئة كل سبل ومقومات التقدم ،والتي نجد آثارها مع التحوُّلات الاقتصادية والاجتماعية التي تعد معطيات أساسية للخطط الخمسية واستراتيجيات التنمية في رؤية عُمان 2040
مع نجاح السلطنة في استقطاب العديد من الاستثمارات الأجنبية والعربية طويلة المدى التي تستخدم التكولوجيا الحديثة في الصناعات الجديدة والمتطورة في مجالات الطاقة البديلة والمتجددة من خلال الشراكة مع مجموعة /أكوا باور/ السعودية لبناء محطة «عبري 2» أكبر مشروع مستقل لتطوير وبناء وتشغيل محطة للطاقة الشمسية الكهروضوئية في سلطنة عُمان، التي توظف أحدث تقنيات الطاقة الشمسية الكهروضوئية لتوليد 500 ميجاواط من الطاقة المتجددة، إضافة إلى توقيع مجموعة «أكوا باور» السعودية وشركة «أوكيو» العُمانية و»إير برودكتس» الأمريكية على اتفاقية التطوير المشترك لمشروع هيدروجين عُمان لإنشاء محطة لإنتاج الأمونيا باستخدام الهيدروجين الأخضر في السلطنة .
وقد أدى المناخ الاستثماري الجيد بالسلطنة إلى جذب الاستثمارات الأجنبية والعربية حيث سعى صندوق الاستثمارات العامة السعودي إلى تأسيس شركة للاستثمار بالسلطنة بنحو 24 بليون دولار أمريكي في الفرص الاستثمارية عبر مختلف القطاعات.
إلى جانب الانتقال إلى اقتصاد مجتمع المعرفة والثورة الصناعية الرابعة ومهارات القرن الحادي والعشرين وغيرها من الموجهات العالمية ـ التي يمكن أن تضع قدما للسلطنة في الساحة الدولية، يساعدها في ذلك ما تتمتع به عُمان من استقرار سياسي واقتصادي، وموقع استراتيجي مُميزللموانئ، والطرق الملاحية الدولية.
ولعل التحولات الأهم هى مدى النجاح في خطط تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على النفط كمصدر أساسي للدخل والتركيز على القطاعات الواعدة، في السياحة والخدمات اللوجستية،
وكذلك القدرة على الحدِّ من اتساع فجوة الآثار السلبية التي قد تنتج عن التحوُّلات الاقتصادية ، حتى لا تنعكس على الطبقات المجتمعية وخاصة تأثيرات تزايد أعداد الباحثين عن عمل والمسرحين ،في ظل نقص الوظائف أو ندرتها ،لضمان حماية الكيان المجتمعي والمحافظة على نسيجه الاجتماعي، والذي واجهته السلطنة بتقديم الكثيرمن الحزم الاقتصادية التحفيزية التي تقلل من تلك التأثيرات بل وتحاصرها، وأعطت الاقتصاد العُماني القدرة على المرونة وعلى تخطي التحديات ، الأمر الذي حافظ بدرجة ما على صمود وبقاء الاقتصاد العُماني قويا ، ومتماسكا في توقيت عصفت فيه الأزمات بالعالم ، ولاسيما
مع استمرار دوران عجلة الاقتصاد في السلطنة بشكل مُرض ، في وقت كانت تتساقط فيه معظم الاقتصادات في العالم متأثرة بأزمة فيروس كورونا وما صاحب ذلك من أزمات مالية ومجتمعية.
لذلك فإن كل المؤشرات الاقتصادية تشير إلى أن السلطنة مقبلة على تحولات كبيرة في النمو الاقتصادي خلال المرحلة المقبلة ، تتجاوز من خلالها الانعكاسات السلبية ، ووفقا للمؤشرات الدولية ،أوالصادرة عن مجلس الوحدة الاقتصادية العربية
فإن السلطنة جاءت ضمن الدول الجاذبة للاستثمار الدولي وفقا لتقرير مؤشر الاقتصاد الرقمي العربي 2020، حيث حصلت على المركز الثاني في مؤشر المواطن الرقمي، وفي مؤشرالأسس الرقمية، والمركز الثالث في مؤشر الحكومة الإلكترونية، والخامس في مؤشر الابتكار الرقمي ، ثم المركز السادس في مؤشر الأعمال الرقمية ، بعد أن شهدت السنوات الفائتة إصدار قوانين وتشريعات أدت إلى تسهيل التقاضي وحماية المستثمرين ، تحسين بيئة الأعمال ولقد أسهمت تلك الإصلاحات والسياسات في تسجيل فائض في الميزانية في النصف الأول من عام 2022، مما يخفف الضغط على المالية العامة ويعزز قدرتها على الوفاء بالتزامات ديونها، وإضافة المشروعات والاستثمارات الجديدة التي توفر فرص العمل الجديدة ، وبمشاركة القطاع الخاص كشريك في التنمية ومحرك رئيسي للنمو الاقتصادي.